حملات شيطنة المقاومة في الأردن لصالح من؟ (2/1)

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

هبة أبو طه – خاص الناشر |

تسريبات سرية، وافتراءات، وخطابات بأوراق مُتفرقة متبعثرة، وعسر تلفظ، وتلعثم بكلمات لم تمر ربما على تدقيق لغوي وإملائي، ولا حتّى وطني، وخطابة لا غاية وعظ فيها أو قضية مُحقّة، ورشق اتهامات يتضمنها بالضرورة توزيع صكوك غفران، وتكفير، وتحديد شروط لحب الله وطاعته بالتزامن مع ارتكاب أفظع الذنوب التي لا تُغتفر بالتطاول على المقاومين رجال الله!

إضافة إلى ربط عجيب للأحداث في زمان عصيب، وتزوير مفضوح للتاريخ، وادّعاء بطولات وهمية بعنتريات مُخزية، ومنشورات، وبيانات هنا وهناك، ومقالات مزدحمة بتحليلات في صحف مكدسة تتضمن تفسيرات مندسة حديثة لمعنى الوطن، والانتماء، ومزايدات خبيثة لا تنتهي، وما تبقى أدهى من ذلك وسط ما يحدث من عروض في الأردن تتفاقم بشكل قميء ولعل أشهرها ما حدث في جلسة مجلس النواب المعروفة مؤخرًا، والتي لا يقبلها حتّى طفل لإخراج مسرحية كوميدية لما تضمنته من كلمات مسمومة لبعض المتحدثين، وشيطنة للمقاومة.

وللأمانة لم أكن سأتطرق لما يحدث في الأردن، أمام الإبادة في غزّة العزة، والدمار المخيف وشلال الدم النازف والممتدة طهارته من القطاع إلى جبهات الإسناد في بلدان محور المقاومة المبارك، لكن الأمر لم يعُد يُطاق خاصة بعد تجرؤ ثلة على الدم العفيف والمقاومة وقادتها وأسياد أمتنا حيث إن الأمر ألعن من مرض الطاعون الذي عرف آنذاك بالموت الأسود.

وإن كان الطاعون هو أخطر الأوبئة على مر الأزمنة فاليوم نحن أمام طاعون الخيانة، الوباء الأشد فتكًا، حيث لم تعد هناك حدود لتفشيه بمنطقتنا العربية التي يجتاحها، ويصيب أولي الأمر فيها، وحاشيتهم من طغاة ومتنفذين، وما تبقى من أصحاب الألقاب، والكراسي، وبشكل تلقائي ينتقل لإعلامهم، وذبابهم الإلكتروني إذ إنه يتمركز في الضمائر، والشرف فيحصدها بركب الموت الأسود الذي يخلفه وراءه، الأمر الذي يفسر الصمت المعيب والجيوش العربية الساكنة أمام أفظع المجازر والجرائم التي يرتكبها العدوّ التاريخي للأمة في غزّة، والضفّة، ولبنان، واليمن. كذلك يوضح سبب التخاذل والانبطاح الرسمي العربي أمام الكيان الصهيوني وإرهابه، فتلك الأنظمة الغارقة في وحل الخيانة لا تُبصر الدم الطاهر، ولا تتقن سوى المتاجرة بأوطاننا، والتآمر على المقاومة والتحريض عليها.

وبما أن الأردن ليس بمعزل عن المنطقة فطاعون الخيانة طال الكثيرين في أرضه حتّى أنّ كراسي مناصبهم تشهد كما التاريخ الذي يعيد نفسه وإن اختلف الأشخاص اللاعبون فيه، كما الأقلام المأجورة، وأشباه المثقفين والصحفيين، والذباب الإلكتروني الذين يبررون لأصحاب الألقاب كلّ ما يقترفونه ويجملونه حتّى وإن كان على حساب الوطن.
فما زالت التصريحات المثيرة للغثيان، مستمرة ولم ينتهِ تداولها وتكرارها من قبل بعض الأبواق المدسوسة حتّى بعد مرور أكثر من أسبوع على جلسة مجلس شعب بات مهزلة أمام الشعوب، بالوقت الذي لم يستفز عددًا كبيرًا فيه الدم النازف ولم تحركه الأجساد التي ترتقي لخالقها بلا رؤوس في غزّة على بعد بضعة كيلو مترات منه، ليستفزه أنصار المقاومة في الأردن ورفع أعلام قوى محورها، لا وبل التحريض عليها!

وأي سقوط ذلك الذي وقع فيه نواب بشكل مدوٍّ وهم ينعقون على المقاومة ويعتبرونها “عدوًا؟” وعلى سبيل المثال لا الحصر، قال أحدهم إن “من أعطى عدوه فرصة لقد انتحر”. صدقًا ظننت حينها أنه يتحدث عن الكيان الصهيوني وحليفه الأميركي والقوى الاستعمارية الداعمة له، لكن بالعودة لما ثرثر فيه نعثر على الجملة السابقة وهي “حسيت انه الأردن بخطر وأولادي بخطر (…) والله إني لقيت انه نحنا أمام حزب الله في الأردن، إني حسيت اننا أمام الحوثيين”!

وعلى ذات النسق يواصل آخرون دون خجل لحدّ اللحظة الهجوم على محور المقاومة من نواب ومسؤولين، ومتنفذين وصولًا لمثقفي السلطة، وذبابها الإلكتروني ليقدموا موقفًا يتماهى تمامًا مع موقف الكيان الصهيوني، ولن أفرد مساحة في مقالي لهراء هؤلاء كوني أتجنب نقل شرك الساقطين، لكن ما أود الإشارة إليه قيام صفحات تابعة للعدو بترويج طرحهم وبإعادة نشر مقاطع الذباب وهم يشتمون محور المقاومة، وما أود قوله إن شسع نعل مقاوم أطهر منكم يا أذناب العملاء يا من تتفقون مع العدوّ وتحصلون على تأييده. الخزي والعار لكم أيها المتجردون من كلّ معاني الرجولة، والشرف، والمجد كلّ المجد والعزة للمقاومين القابضين على الجمر في فلسطين وحزب الله وأنصاره أنبل الرجال وأشرفهم.

وهنا أنوه إلى أن التحريض على المقاومة ومؤيديها ليس بالأمر الجديد لكنّه تفاقم بالآونة الأخيرة عقب ما أطلق عليها “الخلية الإرهابية” التابعة للإخوان المسلمين، التي اتّخذها البعض ذريعة للهجوم والتحريض. مع التأكيد أن إخوان الأردن لا يمثلون محور المقاومة، لكن في هذه الفترة خصيصًا التي لا تحتمل نبشًا بأوراق الماضي لن أسمح لخلافي الأيديولوجي والسياسي والعقائدي مع الإخوان بدفعي لشيطنة الشبان دون معرفة الوقائع وحيثيات القضية، وبما أن الأصل براءة المتهم حتّى تثبت إدانته بحكم قطعي كما علمونا في مدارسنا وجامعاتنا يجب علينا عدم المشاركة بالشيطنة مع القطيع.

فالأمر واضح ولا جدال فيه، إن كان أولئك الشبان يريدون مواجهة العدوّ الصهيوني فتُرفع لهم القبعات، وفي حال كانوا يسعون إلى المساس بالأمن، ومؤسسات الدولة، فسنقف حينها بوجه أعمالهم، ونرفضها جملة وتفصيلًا، فالموقف من الإرهاب واضح، وعليه أطالب الدولة الأردنية بإغلاق وكر الإرهاب المتمثل بسفارة العدوّ الصهيوني في الرابية، واعتقال كلّ قادته، ومؤيدوه، وعملائه ببلادنا المرتبطين بعلاقات مع كيانه الأشد تطرفًا وإرهابًا بالعالم.

وفي ذات السياق يؤسفني تجيير الأوضاع الراهنة، للهجوم أيضًا على حماس؛ فهي لم تخطئ ببيانها تحديدًا بجزئية دعم المقاومة، وليس مقبولًا تجزيئه، وتحليله بشكل غير منطقي لخدمة العدوّ في شيطنة أذرع محور المقاومة الطاهر من حزب الله وأنصاره وحشده؛ حيث لبنان واليمن والعراق وصولًا لرجاله بفلسطين وفصائلهم التي والله لم تتبخر كما ادّعت المصادر الحكومية بالأردن التي اعتبرت نفسها أكبر منهم. ما يدفعني لطرح سؤال: من هو الأكبر منها لتلك الفصائل التي هزّت أركان الأعداء؟! ففصائل المقاومة لا تحتاج شهادة أحد وإن نسيتموها فعليكم بالرجوع للتاريخ فهو كفيل لتذكيركم بها.

وأخيرًا في ختام الجزء الأول من مقالي هذا أقول لأولئك الذين أطالوا ألسنتهم على أذرع محور المقاومة قبح الله وجوهكم وحلّت لعنته جلّ جلاله عليكم وكيف لا! وأنتم تتمادون على حزبه في جنوب الطهارة بلبنان، وأنصاره حيث يمن الإباء، ومقاوموه في غزّة العزة، وضفة الصمود، فهؤلاء رجال الله على امتداد ساحات المحور المبارك ولا بيعة إلاّ لهم ولقادتنا سادة أمتنا الشهداء الأحياء في سمائه الذين لولاهم لما بقيت لنا فلسطين، ولا أوطان عربية، ولا أمة، ولا حتّى شرف.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد