الجولاني بين الشرع والمجازر والتجاوزات!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لن يخلع الشرع ثوبه العفن المنسوج بالدماء، مهما حاول أربابه الإرهابيين كحاله من الصهاينة والأميركان، برفقة تركيا، ودول خليجية، وأذنابهم؛ تلميعه وتقديمه إلينا على أنه حضاري و”فاتح أمين” و”مخلّص” ورجل “دين”، لا دين له، فدماء الأبرياء ما زالت على ساعديه التي تفتك لحد اللحظة بهم كلّما شمّر عنهما لإقامة دولته “الإسلامية”، والرؤوس التي قطعها تبصره وتلاحقه وهو يقطع ألوف غيرها لليوم! والأحزمة الناسفة تعيده إلى كل موقع سقط فيه ضحايا بمتفجراته…
وبما أنه يعتاش على الدماء كما ترعرع على يد الصهاينة ومن أسلفت ذكرهم، لم يستطِع أن يمكث ساعة واحدة على كرسي “الرئاسة” دون قتل ومجازر، فالجولاني الذي يقبع بداخله أخذ يصرخ بالشرع أريد احتساء الدماء، واكمال فتنة الطائفية التي بدأها أجدادي ومن آمنت بهم! فمستحقاتنا وصلت من الخليج، وتركيا، والصهيوني ينهرنا ويأمرنا باستئناف مشاركته بسفك دماء العرب، فهيا بنا يا جولاني نادي على مرتزقتي ليكملوا جزُّ رؤوس العلوية، والشيعة، وكل من يخالفنا الرأي، أريدهم جثثاً فلا يسد رمق جوعي سوى نهش أكبادهم كما فعل أسلافي!
وفعلاً خرج سريعاً الجولاني من داخل الشرع، وأفلت مرتزقته الخوارج الوهابيين المتصهينين، وبدأوا بإبادة طائفية استهدفوا بها العلويين من نساء وأطفال ورجال خصيصاً كبار السن لنكُن أمام مجازر مروعة تُدمي القلوب، وحجم طائفية وإرهاب لا يُمكن لعاقل استيعابه لدرجة أنني والله أخجل وصف تلك المشاهد المؤلمة ونقل ما تفوه به هؤلاء الساقطين من ألفاظ طائفية لعناء يندى لها الجبين؛ وهم يسفكون دماء مئات الأبرياء في الساحل السوري، علاوة على التنكيل بجثامينهم التي ضاقت بآلامها الطرقات…
إضافة إلى السرقات، والنهب، والشذوذ الأخلاقي والخ مما اقترفه هؤلاء الإرهابييون الذين أتوا من شتى بقاع الأرض لتدمير سورية ومشاركة العدو الصهيوني والأميركي وحلفائهم من العربان أيضاً؛ بالسيطرة على البلاد وتقسيمها بحجة محاربة “فلول النظام السابق” و”الحرية” التي رأيناها بسيوفهم ورصاصاتهم، و”الديمقراطية” التي ترجموها بإراقة دماء الأبرياء العُزل، و”الكرامة” التي دُفنت برفع علم الانتداب الفرنسي بدلاً من علم سورية العروبة…
وعقب كل هذا الدمار خرج العالم الأوروبي والغربي محاولاً إظهار نفسه بصورة”الكيوت” الرامي بمعية مؤسساته “الحقوقية” إلى قتل الإنسان باسم حقوق الإنسان! ليصف تلك المجازر الفظيعة، والمقابر الجماعية، والجثث المترامية على أنقاض الساحل بالتجاوزات! والانتهاكات!
الأمر هذا ليس بالغريب أبداً عن هذا العالم “الكيوت” الذي ما زال يغض نظره عن الإبادة في غزة والحرب الهمجية على الضفة ولبنان وساحات المحور، فهو العالم نفسه الذي أبصر أوكرانيا قبل عدة أعوام من أول يوم حرب ولم يُبصر إرهاب الصهيوني في فلسطين منذ قرن لا وبل ما زال يستمر بالدفاع المميت عن إرهاب العدو الصهيوني وتبرير جرائمه النكراء، وينعت كيانه الغاصب اللقيط بالدولة!
لذلك لم أستهجن موقف هذا العالم “الكيوت” من سورية فجلّه تآمر عليها من أول الحرب التي عصفت بالبلاد قبل أكثر من عقد وأحاك خيوط المؤامرة حتى سقوطها، وتسليمها للصهاينة والأميركان بثوب الجولاني وقسد، والحقائق تكشفت الآن وكفيف القلب من لا يبصرها…
أما قمة التناقض تكمن بصمت الوسائل الاعلامية العالمية والخليجية، وما تبقى من العربية ،إلاّ ما رحم ربي، على مجازر الجولاني والتي إن نطقت قلبت الحقائق زوراً وبهتاناً فعلى سبيل المثال لا الحصر الأقلام والحناجر المأجورة التي لا تخشى الله في نقل الحدث؛ يطرحون تارة سؤالاً تنضح منه سموم الطائفية والفتن للوصول لنتيجة فحواها “أن العلويين جنوا على أنفسهم في سورية” وأعتذر عن اكمال تتمة ما جاء في ذلك البرنامج الوضيع كي لا أقع بفخ نقل شُرك الجزيرة ومن والاها، وتارة أخرى تجدهم يقولون إن “هناك انتهاكات وقعت لمواجهة فلول النظام السابق الذين يتخذون من الساحل قاعدة لهم، واستهدفوا عناصر قوات الأمن، ما دفع المنطقة للاشتعال لمواجهة الفلول” وهذا تبرير أحمق ابتدعته وسائل الإعلام ذاتها التي كانت تُفبرك وتبتدع مجازر لتلصقها بالرئيس السوري الأسد حيث إن إعلام المرتزقة والريالات والدراهم والدولارات والشيكل، كان ولا زال؛ جزءاً لا يتجزأ من المؤامرة على سورية وشيطنة النظام السابق…
وإن استعرضنا مثالاً آخراً لما خطوه في الأيام الأخيرة نعثر في طياته على شرعنة للمجازر كما أراد الجولاني كوصفها بـ”العملية العسكرية ضد “عناصر نظام الأسد المسلحين” كما الحال في تبرير إرهاب الصهيوني الذي يطلقون عليه في بعض الأحيان عنف أو انتهاكات أيضاً، وينعتون حرب إبادته لغزة وكل مجزرة يقترفها بـ”العملية العسكرية”!
بعد كل ما سبق أعتقد أن الأمور واضحة اليوم، ولا تحتاج لكثير من التحليل، والتفسير “فالحق بيّن والباطل بيّن” فمحور الشر الصهيوإمبريالي وعملائهم وأذنابهم في المنظقة هم ذاتهم داعموا وأصدقاء الشرع اليوم وسابقاً، يتقاسمون المجازر وسفك الدماء والإبادة في أوطاننا والأدلة على ذلك متاحة أمام الجميع.
وفيما يتعلق بتاريخ الجولاني الملطخ بالدماء والإرهاب سأتحدث عن تفاصيله وجماعته فيما بعد، كي لا أطيل في هذا المقال، وعن رحلته من قاعدة الزرقاوي في بلاد الرافدين، إلى أبو بكر البغدادي والتوترات بينهما، وارتمائه في حضن الظهراوي، وخلافه معه حتى تأسيسه ل “هيئة تحرير الشام”، والدول التي عاث بها إرهاباً وخراباً في مسيرته الدموية حين استخدمه محور الشر كأداة لضرب ساحات محور المقاومة الطاهرة…
وسأتطرق لاحقاً لدول تحالفت مع أقرانه الخوارج التكفيريين ومعه سراً، وكيف لقنوهم درساً بانقلاب السحر على الساحر، فكما نعلم تاريخياً وقبل تجنيد الجولاني بأن الإرهابيين لا أمان لهم حتى وإن قامت أنظمة بدعمهم وتصديرهم لدول الجوار سينقلبون عليهم عاجلاً أم آجلاً..
والمُبكي هنا أن تلك الأنظمة المذكورة، متسامحة لحد كبير في أرواح ضحاياها، فمنها من أرسلت للشرع التهاني وأخرى قامت باستقباله قبل ساعات من فتح أبواب القمة العربية أمامه مؤخراً….
لكنني على يقين بأن الأوطان لا تُسامح، وإن سامحت الأنظمة، فمثلاً العاصمة الأردنية عمّان لو نطقت لعرتهم جميعاً حين وطأتها قدماه وتمنت لو تنشق أرضها وتبتلعهم غضباً وانتقاماً لأرواح العشرات من ضحاياها الذين قضوا في التفجيرات الإرهابية التي هزّتها قبل عشرون عاماً ولسان حال عمّان كاد يقول “إنني لن أغفر لكم! كيف تحتفون بالجولاني قاتل أبنائي وتفرشون له سجاداً أحمراً من دمائهم”!، وهو الشريك القيادي المتورط مع زعيمه الزرقاوي بتلك التفجيرات وغيرها التي ضربت الأردن وكان للشرع يداً ،بها سأتناولها بالتفصيل في مقال لاحق، لكنني أوّد الآن الإشارة إلى الصمت الذي أطبق على مسؤولين صرخوا قبل نحو عشرة أعوام حين استضافت إحدى القنوات الجولاني وطالبوا بمقاضاتها من قبل الأردن إثر فرد مساحة للمتورط في تفجيرات فنادق عمان، وتلميعه؛ الأمر الذي اعتبروه حينها “إهانة للشعور الأردني”، والطامة الكبرى أنهم ذاتهم صفقوا للنظام الرسمي حينما استقبل هذا الإرهابي قبل عدة أيام! فهل ارتضوا الآن بإهانة الشعور الأردني!
وهل ارتضى المصريون بإهانة الشعور المصري باستقبال السيسي للجولاني في القاهرة العاصمة التي ذاقت الأمرين من الإرهابيين وحارب زعيمها العروبي الشريف القائد جمال عبد الناصر، مخططاتهم تاريخياً، ووقف ضد مشروعهم الرجعي والتكفيري، وفضح دعم حكام الخليج والقوى الاستعمارية لهم، ووأدّ أحلامهم بتدمير أوطاننا العربية آنذاك، وكان أكبر عائقاً أمام تمددهم، وواجه مؤامرة الصهاينة والأميركان وتركيا، والعراق، والسعودية التي كانت تهدف لاحتلال سورية في خمسينيات القرن الماضي، وتفكيك بلاد العروبة…
فبأي حق يستقبل السيسي الجولاني في أرض جمال عبد الناصر! ألم يكفوا عن قتله مراراً وتكراراً تارة بتدنيس البلاد برجس الصهاينة ومشاركة العدو بحصار غزة من خلال إغلاق المعابر وتارة أخرى بدعم الظلاميين الوهابيين وغير ذلك الكثير…
ولا أقول الآن سوى يا ليت الناصر يعود يوماً لنخبره بأن حكام العربان باعوا أوطاننا وعاثوا بها خراباً ودماراً، وشاركوا أعدائنا الذين تكالبوا علينا بقتلنا… وأن الشجن يخيّم على أمتنا، والسحب من سماء الله كقلوبنا وأرواحنا تبكي وتُمطر الدموع كما العروبة يا نبيها، يا ناصرنا؛ بعد ارتقاء النصر الذي منّ الله علينا به والمتمثل بسماحة السيد الأسمى، حسن نصر الله، لتجتمع حشود الملايين اليوم تتوسله العودة كما توسلتك حين طالتك أيدي الغدر، فهذا نصر الله يا ناصرنا، وآخر أنبيائه بزماننا الذي حطم فيه أسطورة العدو الصهيوني، ودمر حصون الإرهابيين، فهو أعظم الرجال، وأقدس الشهداء، وقسماً اننا على استعداد لتقديم أرواحنا قرباناً للحظة يعود لنا فيها سماحة السيد، ليطلّ علينا ويكف أيدي الصهاينة وأذنابهم والتكفيريين عن المنطقة التي عادت للضياع بعده…
يتبع…

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد