مصطفى عواضة | خاص الناشر
تستمر خروقات العدوّ الصهيوني لوقف إطلاق النار في لبنان حيث تجاوزت الانتهاكات الـ 850 خرقًا منذ إعلان وقف الحرب في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وتزداد المخاوف من أن تسعى “إسرائيل” إلى فرض واقع جديد على الأرض، مستغلة غياب الرد الفاعل من المجتمع الدولي، ووسط تساؤلات حول جدوى الدور الذي تلعبه اللجنة الخماسية التي تم تشكيلها لمراقبة تنفيذ الاتفاق في وقف التصعيد.
الخبير العسكري العميد المتقاعد منير شحادة استعرض في حديث لموقع الناشر السيناريوهات المحتملة في ضوء الخروقات المستمرة من جانب العدوّ “الإسرائيلي” وتفاعل المقاومة والجهات الدولية مع هذا التصعيد.
وأكد شحادة أن “إسرائيل” تهدف من خلال هذه التحركات إلى إبقاء ورقة حرية الحركة بيدها، وفرض سيطرتها على المناطق الحدودية.
واستذكر شحادة في حديثه الاعتداء الذي وقع قبل أسبوع تقريبًا عندما اجتمعت اللجنة في بلدة الناقورة حيث كانت القوات “الإسرائيلية” على بعد أمتار قليلة من الاجتماع تقوم بتدمير وتفجير منازل في البلدة. كما كانت هناك حالة من الاستفزاز الواضح عندما دخل مستوطنون إلى بلدة مارون الرأس، وأقاموا خيامًا هناك، في خطوة تشير إلى نوايا “إسرائيل” في الاستيطان في جنوب لبنان.
ومع تصاعد الانتهاكات، برزت حادثة أخرى أكثر خطورة، وفق شحادة، عندما قصفت “إسرائيل”، لأول مرة منذ إعلان وقف إطلاق النار، أماكن في منطقة البقاع اللبناني، وامتد التصعيد إلى بلدة وادي الحجير، التي تحظى برمزية خاصة منذ حرب 2006، حيث تحولت إلى مقبرة للدبابات الإسرائيلية وقتها.
وشدد شحادة على تزايد المخاوف من محاولات العدوّ الصهيوني فرض واقع جديد على الأرض، مخالفًا بذلك جميع الاتفاقيات والقرارات الدولية التي تشدد على ضرورة الانسحاب “الإسرائيلي” من جنوب لبنان. ورأى أن هذه التصرفات تتوازى مع محاولات “إسرائيل” التمدد في المناطق السورية، خاصة في الجولان، مما يعكس رغبة في التملص من الاتفاقات، مشيرًا إلى أن اللجنة الخماسية التي تشرف على مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار، لم تُظهر حتّى الآن أي جدية في عملها، رغم أنه يرأسها ضابط أميركي، ودولته هي راعية هذا الاتفاق.
وأضاف شحادة: “لم تُبدِ اللجنة أي إجراءات فعالة لردع “إسرائيل” عن هذه الخروقات. اجتماعات اللجنة كانت محدودة ولم تُسهم بشكل ملحوظ في حل الأزمة”.
وأوضح العميد الشحادة أن المقاومة من جانبها تلتزم بوقف إطلاق النار، مؤملة أن يتمكّن أعضاء اللجنة من أداء مهامهم والضغط على “إسرائيل” لوقف خروقاتها.
وتحرص المقاومة بحسب شحادة على عدم إعطاء “إسرائيل” مبررات لاستئناف الحرب أو استخدام ردود فعلها كذريعة لخرق وقف إطلاق النار، متوقعًا أن تستمر هذه المواقف حتّى بلوغ مهلة الستين يومًا التي سيتم خلالها تقييم الموقف الذي يمكن أن يبنى عليه هل ستنسحب “إسرائيل” من جنوب لبنان وتتوقف عن خرق الاتفاقات، أم أنها ستواصل خروقاتها وتستمر في احتلال بعض المناطق؟
وفق شحادة تشير التوقعات العسكرية إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة حتّى نهاية مهلة الستين يومًا:
- انسحاب “إسرائيل” ووقف الخروقات.
- انسحاب “إسرائيل” مع بقاء الخروقات مستمرة.
- أسوأ السيناريوهات، وهو عدم انسحاب “إسرائيل” واستمرار الخروقات في جنوب لبنان.
في هذا السياق، تداولت الصحف الإسرائيلية، مثل “هآرتس”، تقارير تفيد بأن الجيش “الإسرائيلي” يستعد للبقاء في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يومًا، وهو ما يعكس التوجّهات الإسرائيلية الرامية إلى تأخير انسحابها.
ولفت شحادة إلى أن “إسرائيل” زعمت أن بطء انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني هو السبب في عدم تنفيذ الاتفاق، لكن الحقيقة أن الجيش اللبناني قد حشد بالفعل نحو 6,000 جندي لتنفيذ مهماته في هذه المنطقة وأن السبب الرئيس لعدم قدرة الجيش اللبناني على الانتشار في بعض المناطق هو وجود القوات “الإسرائيلية”.
وختم العميد شحادة حديثه لموقعنا بالقول: “إن المهلة الزمنية المتبقية ستحدد بشكل حاسم مدى التزام “إسرائيل” بالاتفاقات الدولية، وفي حال استمر العدوّ الصهيوني في الخروقات، ستُثبت المقاومة أن القوّة هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال “الإسرائيلي”، وأن الحلول السياسية والقرارات الدولية لم تكن كافية للضغط عليها”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.