أسمح لقلمي بأن يكتب إليكم رغم شموخ مقامكم، ليتكلّم باسمه ونيابةً عن كلّ من يوافقني الرّأي والفكر.
يا أعزّاء الأمّة ورمز الفخر أنتم، تتبادلون التحايا وقائدكم، ويبادلكم الحبّ والعطف والدّعاء، وها لكم منّا نحن من نفخر بالانتماء إلى جمهوركم، كلّ التّحيّة والامتنان.
السّلام على صبركم وجهادكم، السّلام على عزمكم وثباتكم، السّلام عليكم حين تُطالعكم بشائر الشّهادة فتستقبلونها بصدورٍ عاريةٍ من رياء ومملوءة بوفاء، وعهدكم أن تُقطّعوا إربًا ولا تبديل. نِعمَ ما أنتم ونِعمَ ما نلتم.
كانت تُداس كرامتنا وتُباد ثقافتنا، مع مشاريع التّزلّف والخنوع وما يسمّونه التّطبيع، ومع السّموم الورديّة الّتي تغزو العالم الافتراضي تحت عناوين الحريّة، فأراد ربّكم أن يطمس على أعدائكم بكفرهم، وبعث لهم جنودًا كالأسود لا يهابون الموت ولا يأبهون بالعويل الدُوليّ للمستسلمين، فكنتم أنتم جنوده، من فلسطين، ومن صنعاء وبغداد والشّام وطهران وجنوب لبنان، ومن التحق بكم ولو من هويّةٍ أخرى، فقمتم لله ولا غير رضاه تريدون، وحملتم جُعبة أحلامكم الأُسريّة لتودعوها أمانةً عند قومكم، واستبدلتم الفراش بالتّراب، ولحافكم السّماء تُظلّل أيديكم الّتي ما مُدّت إلّا بالدعاء لربّها، وأبيتم إلّا أن تبقوا السّد المنيع في وجه مكائد الشّياطين أميركا و”إسرائيل” ومن في طغيانهم يعمهون. أنتم بالعدد قلّةٌ صابرة محتسبة وبالعتاد يمتاز العدوّ، لكنّ عزمكم وإرادتكم لا تُقاس بالجبال ولا بالدُنيا وما فيها، لذا تتوالى قوافلكم، شهيدًا إثر شهيد في شُعاعٍ من نورٍ يمتدّ إلى عنان الجنان، ويبعث لنا فتات الضّوء والشذرات، نتلقّفها كي نعيش من جديد بعد أن كاد يخنُقنا ظلام الجهل والبُعد.
سرُّ سرّكم، أن كنتم خير أمّةٍ أُخرجَت للنّاس، تُرهبون العدوّ فيهابكم، وتحضنون الصّديق بأهداب العيون فيفخر بكم ويزداد عزّةً ورِفعةً، تقاتلون كاللّيوث الغاضبة لتستنهضوا النّيام لكن كُثرًا من جرفهم سيل الأهواء وماتوا ولو أن أجسادهم لا تزال في حركةٍ بلا بركة، وفي ليلكم نتساءل هل هدأت عيونكم مع عيوننا الّتي تغفو بسلام المطمئنّ، فيأتينا الجواب مع طلائع الفجر بنسيم الشّهادة في أحيائنا وتُزَفّ قافلةٌ جديدة التحقت بالرّكب لتترك لنا مسؤوليّة حِفظ هذه الدّماء وإكمال الطريق.
غزّة شربت من معدن دمائكم وفلسطين ستُكتب في التّاريخ الحديث وطن المقاومة المسيّج بالتّضحية وورود الطّفولة الحرّة الأبيّة، وفي كلّ الأوطان هناك غرسات الأقحوان بوصلة النّصر وبناء الحضارة وقِبلة الإنسانيّة العزيزة.
يبقى لنا بعض سطورٍ نكتبها بحبر الحياء، لا يسعُنا شُكركم فالله بما وعدكم سيجزيكم عنّا خير جزاء المحسنين، لكن يبقى لنا أن نعاهدكم أن نصون دماءكم بعونٍ من الله ومِنّة، فهو معزّ المؤمنين ومذلّ الكافرين وهو نعمَ المولى ونِعمَ النّصير.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.