يشغل بنيامين نتنياهو منصب رئيس وزراء الكيان المؤقت منذ العام ٢٠٠٩ حتى العام ٢٠٢٢ وهي أطول فترة يشغلها رئيس حكومة في تاريخ الكيان المؤقت. تعرض نتنياهو في خلال هذه الفترة لانتقادات كثيرة بسبب أدائه واتُهم بالفساد وسوء الإدارة وعزل كبار المسؤولين، كما أخفى معلومات مهمة وسمح للمتُهمين بالعودة إلى مناصبهم. وعليه، يواجه نتنياهو انتقادات كثيرة بسبب عدم تحقيقه لوعوده بتحسين القضايا والملفات العالقة وعدم تنفيذه الإصلاحات اللازمة.
ووفقًا للتقرير الذي أعدّه مركز الاتحاد، فقد تنوّعت إخفاقات نتنياهو وطالت مختلف قطاعات الدولة كالآتي:
إخفاقات اقتصاديّة
تعدّدت إخفاقات نتنياهو الاقتصادية، فقد تجنّب القيادة في الإصلاحات الاقتصادية الكبرى مُبديًا فقد الاهتمام ببعض المجالات المهمة وترك الساحة لشتاينتس. كذلك أنهى اللجنة المركزية بسبب الضغط الاحتجاج الاجتماعي. وقد تحدّث نتنياهو كثيرًا عن البيروقراطية لكنه لم يستطع النجاح بذلك بسبب صعوبة فتح الأعمال التجاريّة في “إسرائيل” كبيرة، مما يضر بالنمو. وقد أقال رئيس هيئة الكهرباء الذي اعترض على إحدى خطّة الغاز التي مرّرها نتنياهو، وألحق بصلاحيات وزير الاقتصاد الذي رفض التوقيع عليها، وتجاهل اللجنة الاقتصادية. كذلك استثنى وزارتي الطاقة والمالية من المشاركة في مشروع اتفاق نقل النفط من الإمارات إلى “إسرائيل”. أضعف نتنياهو الرتب المهنية، وألحق الأذى بالمنظمين والحراس، وانتهك مبادئ الشفافيّة، وعيّن أمناء غير محترفين في مناصب مهمة، وطرد آخرين وقفوا في طريقه، ثم انتقموا من أولئك الذين أظهروا استقلالهم.
لقد ساهم كل هذا في التأثير على أكبر ما اقترفه بحق تكلفة المعيشة وأسعار المساكن، بالإضافة إلى عدم توفير الدعم الكافي لوسائل النقل العام، وضحالة التعليم، وانخفاض الإنتاجية، وحقيقة وجود عدد كبير من السكان الذين يعانون العيش بصعوبة.
وقد أدخل نتنياهو الاقتصاد في أزمتين ماليتين رئيسيتين في بعد سنوات من النمو الجيد. لذلك قفز العجز مطروحًا منه رقم الأعمال في إسرائيل إلى أكثر من ٢٪. على سبيل المثال، بلغ نصيب الفرد من رأس المال العام في “إسرائيل” بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في فترة حكم نتنياهو، حوالى ٥٠٪، وهو أقل بكثير من الدول المتقدمة المماثلة لـ”إسرائيل” إذ تبلغ النسبة حوالي ٧٥٪ ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالى ٣٠٪ أعلى من إسرائيل”.
إخفاقات اجتماعيّة
في العام ٢٠٢٠، بعد عقد من حكم نتنياهو، كانت تكلفة المعيشة هي الأعلى في “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، باستثناء سويسرا. فرض نتنياهو غرامة على مستهلكي الكهرباء لا تقل عن ٨ مليارات شيكل وفقًا لمراقب الدولة: أسعار الكهرباء الزائدة تجعل تكاليف الإنتاج أكثر تكلفة في كل الأحوال، وفي الوقت نفسه كذّب نتنياهو مرارًا وتكرارًا بشأن “مئات المليارات” المتدفقة من خط أنابيب الغاز.
وفقًا للتأمين الوطني، يوجد حوالى مليوني فقير يعيشون في الكيان المؤقت اليوم، وحوالي ٣٠٪ من الأطفال تحت خط الفقر أي ما يقرب من الثلث، ويوجد حوالي ١٥٪ فقراء فقط”.
كذلك تتوسّع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية ويزداد التفاوت في رأس المال. وقد ذكرت دي ماركر، في العام ، أن ٢٠٢٠ يمتلك ٠.٠١٪ من أغنى أغنياء “إسرائيل” (٥٨٢) شخصًا يمتلكون المزيد من إجمالي رأس مال الأسر في الدولة. أما مسألة امتلاك منزل في الكيان المؤقت فيُعتبر من الأمور المستحيلة.
إخفاقات سياسيّة
وفقًا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، تتراجع ثقة الجمهور بالمؤسسات الحكومية المختلفة منذ العام ٢٠١٣. فقد بلغت نسبة من يثقون بالحكومة ٥٧٪ في ذلك العام، وتراجعت حتى وصلت إلى 25٪. في العام ٢٠٢٠.
حوّل الخصوم السياسيين إلى أعداء، ولفّق معادلة تكون بموجبها أي حكومة تشارك فيها أحزاب اليسار خطرة على “شعب إسرائيل”، مع العلم أن نتنياهو نفسه شارك في حكومات مشتركة على مر السنين. وقد نسف نتنياهو موازنة الدولة لمنع التناوب على منصب رئيس الوزراء. كذلك ليس للكيان المؤقت حتى الآن قانون مناخي أو خطة متفق عليها لتقليل الانبعاثات الكربونية على عكس الكثير من الدول المتقدمة.
أما دخول مستشفى في “إسرائيل” فيُعتبر مخاطرة كبيرة، إذ يبلغ عدد الأسرة للاستشفاء العام ٢.٢ سريرًا لكل ألف شخص مقارنة بـ ٦.٣ سريرًا في المتوسط في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” و٪٤.١ سريرًا في المتوسط في دول مماثلة.
أمر نتنياهو بشراء غواصات بمليارات الشواقل من الخزانة العامة خلافًا لموقف وزارة الدفاع. وقال أمين المظالم في وزارة الدفاع تعليقًا على هذه الصفقة: “إن الجيش الإسرائيلي مطالب بتنفيذ مشتريات دفاعية تتعارض مع موقفه”.
قام بترقية ممتلكاته الخاصة بطريقة غير عادية على حساب الجمهور. يستمر نتنياهو في إثقال كاهل الخزينة العامة بتكاليف منازله الخاصة في الأشهر الأخيرة أيضًا. لا ينتهي عند هذا الحد، فقد اشترى نتنياهو وزوجته الملابس من ميزانية الدولة بنحو نصف مليون شيكل على الأقل.
تحاول حكومة نتنياهو أن تضع نفسها فوق القانون، تتجاهل الاحتياجات الحقيقية والعاجلة لإسرائيل، وتركز على احتياجات رئيس الوزراء وأبناء بيته. إنها حكومة وعدت بالتركيز على الأمن، غلاء المعيشة، الحوكمة، التعليم، السكن وما شابه، ولكن من يومها الأول تنشغل بهوس في ماراثون تشريعي، خلق مضمونه إحساسًا بانقلاب نظامي”. (والقصد هنا مشروع القانون الذي يقترحه نتنياهو للحد من سلطة القضاء وتعزيز صلاحيّات الحكومة).
إخفاقات أمنيّة
تعتقد مجموعة متنوّعة من كبار المسؤولين في المؤسّسة الأمنيّة أن نتنياهو يشكل خطرًا على البلاد، وقد رفضوا جميعهم سياسته علنًا، وهم ليسوا سوى جزء صغير من القائمة التي جمعها بن كاسبيت.
ألقى مراقب الدولة المسؤولية المباشرة على نتنياهو، وذكر أن نتنياهو لم يروّج لخطط عملية للقتال في الأنفاق، ولم يجر مناقشات استراتيجية.
أُطلقت على “إسرائيل” صواريخ كثيرة في السنوات الاخيرة ولا يوجد ما يدل على الوصول إلى حل عسكري أو سياسي.
في العام ٢٠٢٠ زادت الاعتقالات القضايا التي لم تُحلّ مع المحيط العربي.
قفز عدد حوادث إطلاق النار في العام ٢٠٢٠ وسُجّل رقم قياسي في عدد تقارير حوادث إطلاق النار في “إسرائيل” – ١٠٦٥٥ حادثة، و٩٠٪ منها لمشتبهين غير يهود.
يتفاعل نتنياهو مع الأحداث، لكنه يجد صعوبة في التفكير في المستقبل وقيادة التحركات الكبيرة المطلوبة لتوقع علاج للضربة.
أقام السياج على الحدود المصرية بعد أن تسلل ٦٠ ألف شخص إلى هنا بمعدل ٣٠٠٠ متسلل شهريًا، لكنه لم يحل مشكلة النفق إلا بعد أن تسببوا في أضرار وهددوا بوقوع أضرار.
يخفق نتنياهو بحل أزمة تجنيد الحريديين، ذلك أن اندماج اليهود المتدينين في الجيش والأوساط الأكاديمية والتوظيف يتقدّم ببطء ويفشل.
وعليه وبعد المواجهة العنيفة التي جرت بين جيش العدو والمقاومة في فلسطين، وبعد انتشار الفوضى في معظم أنحاء البلاد، هل ينجح نتنياهو بإعادة الاستقرار أم أن الكيان قد شارف على الأفول؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.