خضر رسلان – خاص الناشر |
هناك في مليتا ومارون الراس وعيتا ومعتقل الخيام وعلى مرمى حجر حيث فلسطين من برّها الى بحرها أماكن لا يمكنك حين تدنو منها إلّا أن تشتَمّ فيها رائحة “الحاج عماد” الذي قلب المعادلات وأحيا الأرض التي أنبتت رجالًا احياء لا تموت. وكأن طيفه يركن هناك حيث رسم مسارًا لا يدرك خطاه وفك رموزه ومعانيه إلا من أتقن لغة عاشق فلسطين التي زرع دروبها قبل التحاقه بهم كواكب من الشهداء أدلاء على الطريق يرفعون عاليًا رايات البشرى بالنصر القادم والحاسم.
القائد الجهادي الذي عرّفه سماحة أمين عام حزب الله بأنه قائد الانتصارين، كان شخصية رقيقة وحساسة وعطوفة. لم يكن القائد الذي يحتاج عناصره إلى تعقيدات او بروتوكولات للحديث معه. كان شخصًا يحفّز الآخر الذي يعمل او لا يعمل معه، معزّزًا لديه الجرأة للمبادرة.
عرفناه منذ الصغر في أزقة الشياح ومسجد الامام الحسين (ع) حيث منّ الله علينا بالتجاور في المسكن والمسجد. جميع من التقاه في الصبا كان يدرك أنه سابق عصره حيث كان ولم يبلغ العشرين من عمره وعند حضوره الجميع يتسامر الحديث أن الحاج في الجوار. نحن والجميع الذين كنا نتشرف برؤيته في المحلة ذاتها وإن كان فارق العمر لا يتعدى بضع سنوات الا ان الحضور والكاريزما القيادية المتميزة المستشرفة لآفاق المستقبل تشعرك بأنك امام هامة سابقة للزمن قد جبلت في ثناياها عصارة تجارب التاريخ وصقلتها ذوبانًا بقائد الثورة الاسلامية الامام الخميني وعشقًا وتأثرًا بشخصية السيد الشهيد محمد باقر الصدر.
يحمل كل آيات العشق والمودة حيث يوجد انسان، وقاموسه خال من التصنيفات المذهبية والمناطقية فضلا عن العرقية والقطرية. تأصل في مدرسة قائد الاحرار وبطل الانسانية الخالد الامام علي بن ابي طالب حيث الإنسان أخ للإنسان او نظير له في الخلق، فأخذ من هذه العبارة سلوكًا دامجًا بينها وبين أصالة بذرة المقاومة التي ترعرع عليها العامليون منذ أمد بعيد وصولًا الى المعاصرين مقاومي وادي الحجير والسيد عبد الحسين شرف الدين الى أدهم خنجر وصادق حمزة وغيرهم.
عاشق فلسطين وقبلته الثورية التي جعل منها الميزان والبوصلة التي من خلالها يحاكي الآخر بل يخدم الآخر، عشقًا وعاشقًا لمن يعمل من أجل فلسطين دون الالتفات الى اللون أو العرق أو المذهب. فلذلك عندما هلل لانتصار الثورة الاسلامية في إيران كان أحد أبرز أسباب غبطته هو تعزيز فرص القوة والاقتدار التي ستجعل سبيل الوصول الى فلسطين أقرب.
“شمّيت ريح فلسطين، ريح القدس” قالها حين داست قدماه ارض الشريط الحدودي المحرر عام 2000 . وإن هذه الحقيقة مع الارادة وبناء القوة ستقرن بالحقيقة الأخرى التي هي الغاية والهدف تحرير فلسطين وإزالة “اسرائيل” من الوجود.
“ننتصر لأننا نبتكر” هذا هو سبيل الحاج رضوان الذي مزج بين شخصية القائد المحنك الهمام الذي يأخذ بأسباب القوة والمعرفة وبين شخصية الأب الحنون على حد سواء لبيئته وامته والذي كان قريبا منها وكانت تتلمسه في تعاظم قدرات المقاومة وعند كل انجاز وانتصار.
لذلك حين ارتحاله بكته عيون كل الأحرار بألم وحسرة، لكنها وهي تذرف الدموع تدرك ان الحاج عماد الذي واكب مسيرة المقاومة منذ نعومة اظافره وعمل على تنميتها ورفع كفاءتها ومهارة عديدها فإن طيفه المتجسد في جموع المقاومين سيقود قائد الانتصارين كما أطلق عليه سماحة الامين العام لحزب الله إلى لقب آخر وأحبه الى قلبه الذي هو قيادة النصر النهائي على الصهاينة وإزالة كيانهم السرطاني من الوجود.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.