تناول عدد من المحللين الصهاينة في كيان العدو مناورة “شهر الحرب” أو ما أطلق عليها جيش العدو مناورة “عربات النار”، وخصص الأسبوع الأخير منه لمناورة وتدريبات وإنزال وقصف لأهداف إيرانية ولحزب الله ضمن مناورة “ما وراء الأفق” والتي تمت في قبرص.
لم نأت لننتصر
كان الشيء الملفت للنظر هو ما تناوله الضابط في القوات المظلية في جيش العدو -والذي شارك في مناورات قبرص الأخيرة- في حديثه ل “شاي ليفي” -والذي نشره موقع ماكو- حين سأله: “كرسالة إلى حزب الله، هل هزم الجنود العدو في التدريبات؟
فكان رد الضابط الكبير مفاجئاً: “لم نأت إلى هنا لننتصر، في النهاية عندما نبني التدريب، بغض النظر عن مدى القسوة على القوات، سنفوز، ولا أتذكر أي تدريب خسرنا فيه، ولكن هنا هدفنا هو دراسة “نظرية الحرب”، وخطط الحرب التي قمنا ببنائها، في هذا التدريب، نتحقق من أنّ ما هو مكتوب على الورقة يعمل في الميدان وحيثما يلزم، وسنستخلص دروساً بهدف التحسين والتعزيز”.
وأضاف: “منذ بضع سنوات، يقوم الجيش “الإسرائيلي” بعملية تفكير مكثفة في مجال بناء وتشغيل قواته، في مواجهة التهديد من الشمال بشكل عام، ويمارس الجيش ضغوطا تصاعدية كبيرة حتى يتم تفعيل المناورة البرية -الهجوم البري- في أي مواجهة في الشمال، من أجل إخضاع العدو في المعركة بشكل واضح”.
ومع ذلك، يجب القول إن الجيش يخمن ما تريده القيادة السياسية، وبحسب الضابط -لأنه لم يتم بعد تنفيذ عملية تفكير استراتيجي مهمة- يعد الجيش خططاً ضخمة، بمعناها الكامل بما في ذلك المشتريات والتدريب، بينما لا يتضح على الإطلاق ما إذا كانت القيادة السياسية ستوافق على تنفيذها في الوقت الفعلي، ومن المحتمل جداً أن “الجيش الإسرائيلي” يتدرب على سيناريو لن يقوم بتنفيذه على الإطلاق، على حساب التدريبات الأخرى المطلوبة.
وخلُص الضابط الكبير إلى القول: “في النهاية نحن كجيش نجهز سلة من الأدوات على أوسع نطاق ممكن، كل شيء له حدود بالطبع، عندما يأتي رئيس الأركان بهذه السلة إلى المستوى السياسي، ويقول: “هذا هو الوضع وهذه هي الحلول التي لدينا””.
المشاركة الواسعة لأجهزة العدو الأمنية والعسكرية والمدنية، وفي كل مفاصل الكيان كان يهدف منها العدو إلى رفع جهوزية قواته، ورفع مستوى التنسيق بين أذرع قواته البرية والجوية والبحرية والاستخبارية، وتناغمها مع الجبهة الداخلية وباقي مكونات المجتمع الصهيوني، وفقاً لمقال نشره “غال بيرل فينكل” في “معهد الأمن القومي” للعدو.
وهو أول تدريب لهيئة الأركان العامة من نوعه، والذي شمل قوات نظامية وقوات احتياط على نطاق واسع، ومصممة لفحص القوات العسكرية، خلال تدريب طويل ومستمر وصعب لزيادة استعدادها وكفاءتها للحرب.
المناورة والتي تم تأجيلها بسبب معركة سيف القدس، تعمد العدو إطلاقها في وقتٍ محتقنٍ ومتوترٍ جداً على الساحة الفلسطينية، والتي تقاطعت مع المعارك الميدانية في القدس والأقصى والضفة الغربية و”مسيرة الأعلام” وغيرها من معارك “شد الحبل” مع الفلسطينيين، رغم الاستنزاف الضخم والكبير لقواته في ساحة الضفة الغربية والقدس المحتلة، وحراسة السياج مع الضفة الغربية.
السيناريو المتوقع
وفي لقاء لـ”عاموس هرائيل” مع الدكتور “شيمعون شابيرا” -وهو أحد الخبراء البارزين في ما له علاقة بحزب الله بين الأجهزة الاستخباراتية والأكاديمية الصهيونية، في محادثة مع “هآرتس” 1 يونيو)- والذي عند سؤاله: كيف ستكون حرب لبنان الثالثة إذا اندلعت؟ قال: “سيحاولون السيطرة على أراضينا، بالقرب من الحدود، وحتى اختراق البؤر الاستيطانية لرفع الأعلام، ولكن أيضاً سينشرون فرقاً مضادة للدبابات من شأنها أن تعرقل تحرك الجيش الإسرائيلي إلى أراضيهم، وهذا يعني احتلال الجليل بالنسبة لهم، وليس احتلال كامل الإقليم”.
وأضاف “شابيرا”: “وعلينا أن نسأل أنفسنا إذا كان هناك المزيد من الأنفاق، – قوتهم العسكرية هي نوع من القوات الإيرانية المتمركزة في لبنان، فقد قال نصر الله في مقابلة قبل بضع سنوات: “إن الإيرانيين لديهم 100000 جندي في لبنان”، في الحرب القادمة، إذا اندلعت، سنلتقي أيضاً في لبنان جنودَ (الفيلق الأجنبي الشيعي) الذي أسسه سليماني في سوريا، والذي يضم أيضاً عناصر من أفغانستان وباكستان”.
وعقب “عاموس هرائيل” على ما قاله “شابيرا” فقال: “معظم تقييمات شابيرا مقبولة لدى كبار المسؤولين الأمنيين، الذين ما زالوا يتشاورون معه من حين لآخر، ومع ذلك، من الصعب تجاهل حقيقة أن الكثيرين في القيادة “الإسرائيلية” يرون أن نصر الله يكاد يكون عاملاً مقيداً، في المعضلات المتعلقة باستخدام القوة ضد “إسرائيل”، يكون نصر الله عادة في القطب الأكثر حذراً، وهو متردد في الانزلاق إلى حرب أخرى”.
ورغم أن السيناريو الخاص بهجومٍ بريٍّ كاسحٍ، وإنزالٍ جويٍّ وبحريٍّ خلف خطوط العدو، والذي تناوله الضابط الكبير في حديثه مع “شاي ليفي”، والذي اعتبر أن هذا الأسلوب سيدمر قدرة العدو “حزب الله” على الصمود ويدمر معنوياته.
ووصف “الون بن دافيد” -المراسل العسكري “للقناة 13” العبرية، في مقال بصحيفة معاريف العبرية، 29 (مايو)- المناورة فقال: “بدأت هذا الأسبوع مناورة الجيش الإسرائيلي “عربات النار” بضربة موجعة، صاروخ إيراني أصاب المباني الحكومية في القدس ودمرها، ومع الضربة ظهرت المعضلة المألوفة: هل يجب التوقف الآن ولملمة الجراح، والأمل بأن تؤدي الضربات المتبادلة إلى عدة سنوات من الهدوء، أم نرفع من الثمن الذي نريد جبايته، والدخول البري إلى لبنان؟ إذا كان الأمر كذلك – إلى أين سنصل فيه، وإلى كم من الوقت سيستمر، بينما ستستمر الجبهة الداخلية الإسرائيلية في تلقي الضربات حتى اليوم الأخير من القتال”.
وفقاً ل “بن دافيد”: “الآراء في قيادة جيش العدو كانت منقسمةً بالتساوي بين مؤيدي الهجوم البري ومعارضيه، حيث يتبادر إلى ذهن الجميع ذكرى صور طوابير مدرعات الجيش “الإسرائيلي” التي دخلت لبنان قبل 40 عاماً بالضبط، والتي ربما سيُطلب منها اليوم السير على نفس الطرق أيضا”، وأضاف “بن دافيد”: “لكن العدو اليوم ليس هو نفس العدو، وحزب الله بُني وجُهز جيداً لسفك دماء القوات الإسرائيلية عند أي هجوم بري في لبنان، وأضيفت إلى هذه الذاكرة أيضاً أحدث صورة لطوابير المدرعات الروسية في أوكرانيا، وهي يتم إخضاعها وهزيمتها بالأسلحة المضادة للدبابات سهلة التشغيل والحوامات توجه إليها نيران المدفعية الدقيقة”.
إلا أن “عاموس هرائيل” -في مقالٍ ثانٍ في صحيفة “هآرتس” 3 (يونيو)- قال: “على الرغم من أن حرباً أخرى في لبنان تُعرض دائماً على أنها السيناريو الرئيسي، والخطورة التي يستعد الجيش الإسرائيلي لها، فإن احتمالات اندلاع الحرب في المستقبل القريب تعتبر منخفضة”، وبرر “هرائيل” الأمر بما يقوله مسؤولون استخباراتيون: “إن لبنان منغمس في مشاكله الاقتصادية والسياسية، ومعقد للغاية مع نفسه، لدرجة أن إشعال حزب الله حرباً جديدة ضد إسرائيل سيكون بمثابة محاولة انتحارية للتنظيم”، وأضاف: “من ناحيةٍ أخرى، الدرس المستفاد مرة أخرى من المعارك الأربع الأخيرة في غزة، والحرب الأخيرة في لبنان، هو أن الأمور لا تحدث دائماً وفقاً للتخطيط المسبق أو الافتراضات الاستخباراتية، ويحدث الانفجار أحياناً نتيجة سلسلة من الأخطاء، أو على وجه التحديد لأن الجانب الآخر يائس ولا يرى نفسه على أنه احتمال آخر، ما زال الخطر قائماً في انزلاق الوعاء اللبناني في اتجاهنا بلا خطة ولا نية”.
هذا هو السيناريو الذي تم تطبيقه الشهر الماضي في “الجيش الإسرائيلي”، في إطار “شهر الحرب” – حرب متعددة الساحات، في لبنان والأراضي الفلسطينية، والتي تندلع نتيجة نقطة تصعيدٍ متدحرجةٍ وليس بسبب هجومٍ مفاجئٍ، أو اندلاعِ صراع.
وأضاف هارئيل: “لكن في الواقع، يقوم الجيش بتسويق فكرة طموحة هو نفسه ليس متأكدا تماماً من نجاحها في المستقبل، أو حتى فرصة لتحقيق ذلك، المستوى السياسي أكثر تشككاً منه، حيث تبرز هنا العديد من الأسئلة الفرعية، بخلاف الخطاب المطمئن: هل ستعمل مثل هذه المناورة على وقف إطلاق الصواريخ من لبنان إلى الجبهة الداخلية؟ هل يكفي إعلان نصر مقنع؟ ما هو المستوى الحقيقي لكفاءة وحدات الاحتياط -وليس فقط المظليين من الفرقة 98-؟ هل ترتيب القوات كافٍ لتنفيذ الخطط الطموحة؟ وماذا سيقرر رجال الدولة، عندما يكمن أمامهم بديل باهظ الثمن على ما يبدو في الميزانية، لكنه أرخص في حياة المحاربين – هجوم ضخم من الجو، دون دخول بري؟”.
ضعف الثقة بالجيش
في السنوات الأخيرة، وخاصة في عهد رئيس أركان العدو أفيف كوخافي، شحذ الجيش قوته النارية إلى حد كبير، ويعتقد بعض الجنرالات أن القفزة التي تحققت في جمع المعلومات الاستخبارية وخاصة في الإمدادات الهجومية للقوات الجوية ستكون كافية لإلحاق أضرار جسيمة بحزب الله، بطريقة تمنعه من المضي قدماً لسنوات عديدة قادمة.
كما يشعر آخرون، بمن فيهم ضباط الاحتياط، بالقلق بشأن الكيفية التي تم بها تزوير كل التوقعات حول قدرة الجيش الروسي في الأشهر الأولى من الهجوم الأوكراني، ويسألون ما إذا كان يمكن تكرار القصة إذا كان على الجيش “الإسرائيلي” غزو لبنان.
وهذا الذي تناوله بن دايفيد في مقاله عن الوحل اللبناني في معاريف بقوله ” في الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا فرح مؤيدو القتال البري الذين كانوا على يقين من أن هذا هو الدليل على أن هذا ليس معجزة، مثل كثيرين في تلك الأيام كنت مخطئاً أيضاً في الاعتقاد في أن الجيش الروسي سيتغلب بسرعة على القوات الأوكرانية الأضعف من ناحية العدد، ومع تعمق القوات الروسية في الوحل الأوكراني بدأ معارضو المناورة البرية بالصراخ فرحا: لقد عادت الدبابات بالفعل للقتال وبشكل كبير، ولكن هذه المرة فقط عادت كأهداف”.
في حين اعتبر هارئيل أن تأكيدات كوخافي، حتى في المناقشات مع المستوى السياسي، على أهمية التحرك التكميلي المتجذر وبأن القضية ليست احتلال الأراضي بل الحرمان من الممتلكات أي قتل المقاتلين وتدمير السلاح، ولكن ثقة رئيس الأركان، الذي لم يشارك في حرب لبنان الأولى، ولكن تم تجنيده في المظليين مباشرة بعد ذلك إضافة لاقتراب انتهاء ولايته والتي تم تمديدها، تقابل بشكوك من وزراء حكومة العدو.
وكتب هرئيل: “فالسياسيون لا يثقون كثيرا في الجيش “الإسرائيلي”، بناء على سنوات من الخبرة المتراكمة، بعضها محبط، وفي المحادثات الخاصة، فإنهم معجبون بالقوات الجوية، من 8200، من الموساد، ومن ناحية أخرى، يذكر الجيش الكثيرين منهم بميليشيا فوضوية، إنجازاتهم مشكوك فيها. حتى لو لم يتعمقوا في استنتاجاته، فإن البعض ينتبه إلى انتقادات اللواء (الاحتياط) يتسحاق بريك”.
ووفقا لمقال أمير بوحبوت في موقع والا العبري(26 مايو ) فقد كشف “الجيش الإسرائيلي” عن سلسلة سيناريوهات للحرب المقبلة بين “إسرائيل” وحزب الله، وكجزء من تمرين لمحاكاة المناورة البرية للفرقة 162 أثناء القتال في الأراضي اللبنانية، تم إجراء سلسلة من التقييمات، والتي بموجبها بحلول اليوم التاسع من القتال، سيتم تدمير 80 مبنى من قصف صاروخي وسيقتل في “إسرائيل” 300 جندي ومستوطن وعلى الجانب اللبناني سيقتل آلاف الأشخاص، بمن فيهم مدنيون وعناصر من حزب الله وعناصر من قوات رضوان”.
إلا أن هذا السيناريو المعلن يهدف وفقا لعاموس هرئيل إلى تهيئة الجبهة الداخلية للأثمان التي سيدفعها في الحرب القادمة فقال: ”هذه أعداد كبيرة لم يعتد عليها الجمهور “الإسرائيلي” وسيجد حتى صعوبة في تخيلها، تهدف بعض المنشورات حول هذا إلى السماح بنوع من التنسيق بين التوقعات، إضافة لتجهيز الجبهة الداخلية للمعركة القدمة ونتائجها“.
وأضاف هرئيل: “سيتعين على الجيش إقناع مجلس الوزراء بأن التحرك البري سيكون له قيمة مضافة، وهو أمر حاسم، بالنظر إلى الفهم الواضح أنه سيؤدي أيضاً إلى خسائر كبيرة (وأن هناك دائماً احتمال معقول بأن الأمور ستتعقد)”.
في الخلفية: من الواضح أيضاً أن صبر الجمهور على الخسائر في صفوف القوات المقاتلة قد تضاءل بشكل كبير، وردود الفعل الحادة الأخيرة على أي حادث قتل فيه مقاتل، حتى في الأنشطة العملياتية اليومية، تشير إلى تقلص مساحة المناورة لهيئة الأركان العامة ومجلس وزراء العدو.
وهذا صحيح بالتأكيد في الوضع السياسي الراهن، حيث تستغل المعارضة المتحاربة كل حادثة أمنية لتقويض استقرار الحكومة وتقويض ثقة الجمهور في اعتباراتها، ووفقا لهرئيل: “درجة ضرورة المناورة البرية، ومستوى الكفاءة لأدائها والأسعار المحتملة – كل هذه لا تزال تتطلب مناقشة أكثر شمولاً بين الجيش والمستوى السياسي”.
قدرات محدودة
امتنع جيش العدو في السنوات الأربعين الماضية في معظم المواجهات التي كان طرفا فيها عن شن مناورات هجومية عميقة، وبحسب الون بن يفيد في مقال معاريف (26 مايو) فإن الجيش اكتفى بنيران مكثفة وحركات دفاعية هجومية، مثل المناورة ال 4 كيلومترات داخل لبنان عام 2006 أو مناورة كيلومتر ونصف في غزة في عملية الجرف الصامد، وعلى مر السنين تآكلت أيضاً قدرة الجيش على المناورة في العمق، ومن المشكوك فيه ما إذا كانت هناك قوة في الجيش اليوم يمكنها معرفة كيفية الدعم والحفاظ على مناورة خطية لعشرات الكيلومترات داخل لبنان بأسلوب 1982.
ووصف أحد كبار الضباط ذلك بطريقة بسيطة ورائعة بحب بن دافيد فقال: “على مدى سنوات قمنا بوضع خطط عسكرية ثنائية الأبعاد إما صغيرة الحجم جدا أو كبيرة الحجم جداً، إما إطلاق نار لبضعة أيام مع غزة أو احتلال كامل لقطاع غزة أو تبادل ضربات مع حزب الله أو مناورة لبضعة أسابيع حتى الوصول إلى بيروت، بطبيعة الحال ابتعدت القيادة السياسية عن الحجم الكبير جداً من الخطط وفضلت الخطط الصغيرة جدا والتي كانت تجرنا رغم ذلك إلى المناورة البرية السطحية والبطيئة جداً والتي تراوح مكانها. والآن يحاول الجيش “الإسرائيلي” أيضاً إيجاد درجة متوسطة وهي – مناورة برية محدودة يصاحبها ضربات نارية تزيد من الإنجاز، وبثمن مقبول”.
في المقابل وكما ذكر امير بحبوط في مقاله في والا” ” أنه على الرغم من الهجوم البري والبحري، فإن حزب الله سيكون قادرا على إطلاق الصواريخ على “إسرائيل” حتى اللحظة الأخيرة من القتال، كما تقع على عاتق قيادة المنطقة الشمالية مسؤولية تعرضها لقصف من 45 ألف صاروخ قصير المدى يصل طولها إلى حوالي 40 كيلومتراً، وذلك بالرغم من الهجوم البري الواسع في الأراضي اللبنانية وقد جعل رئيس الأركان سيناريو الحرب صعباً وطالب بمحاكاة حالة عشرات المباني التي ستصاب بصواريخ وتدمر في “إسرائيل”
كل هذا الأمر أدى الى بروز المعضلة التي واجهت قادة جيش العدو في مناورة عربات النار في الأسبوع الثالث وفقا لالون بن دافيد حيث برزت تساؤلات: “هل يجب أن نكتفي بالضربات النارية ونأمل أن يتحقق الهدوء الذي جلبته حرب لبنان الثانية؟ هل يجب أن ننطلق إلى مناورة محدودة ضد قوات رضوان (قوات النخبة التابعة الحزب الله شمالي الحدود)، أم نبدأ في تحريك القوات إلى عمق لبنان أيضاً رغم كل التكاليف المترتبة على ذلك؟ ولقد اختاروا المناورة البرية في مناطق قوات رضوان وما وراءها في جنوب لبنان، ومن المشكوك فيه بأن يسمح أي مستوى سياسي بذلك وربما يكونون على حق”.
وهذا ما أشار إليه العميد ( احتياط ) د. شيمعون شابيرا في حديثة مع هرئيل بأن: “حزب الله أنشأ ترسانة الصواريخ الضخمة لـ” حزب الله “، سلاح يوم القيامة للحزب مصمم لمنع أي هجوم “إسرائيلي” من خلال الصواريخ الدقيقة، الذي يحول الصواريخ الغبية إلى صواريخ ذكية باستخدام مجموعات GPS، والآخر يتعلق بجرأة حزب الله المتزايدة للحديث عن هجوم في الجليل. وعكس الاستراتيجية العسكرية برمتها التي صاغها دافيد بن غوريون تتعلق بنقل القتال إلى أراضي العدو، وهذا الذي يخطط إليه حزب الله من خلال نقل المعركة للأراضي الإسرائيلية”.
إيران
وشملت مناورة عربات النار هجوما جويا على إيران، وقد اعتبر نائب قائد القيادة الشمالية السابق في الجيش اللواء (احتياط) إيال بن روفين أن جيش العدو يطور قدرات مهمة فيما له علاقة بمهاجمة ايران جوا وفقا لصحيفة معاريف العبرية (2 يونيو )
وحول المناورات قال بن روفين في لقاء اذاعي مع يوآف مينتز في راديو الشمال 1045FM “يجب أن يكون الجيش مستعداً لحالة الإرهاب في غزة التي تتطور إلى الساحة الشمالية، وهو السيناريو الرئيسي وهذا بالضبط هدف التدريبات”.
ولدى سؤاله عما إذا كان الجيش مستعداً لضربة جوية في إيران، أجاب: “إن الجيش بحاجة إلى تسريع قدراته، وهذا الذي أكد عليه غانتس، لذلك أنا لا أعتبر أني قد أفصحت عن سر كبير ولا شك أن القضية النووية هي القضية الأكثر إثارة للقلق”.
وقال إن “الجيش يتحدث منذ فترة طويلة عن الهجوم من مسافات بعيدة والآن يتحدث عنه بطريقة أكثر انفتاحا ويقوم بتنفيذها بالفعل”.
وكتب آلون بن دافيد مقالا في صحيفة معاريف (3 يونيو): “كانت هذه أكبر محاكاة أجراها سلاح الجو لمهاجمة إيران منذ عام 2012، فقبل تسع سنوات،(في المحاكاة) دمر الهجوم العديد من مكونات برنامج إيران النووي، فوق الأرض وتحت الأرض، لكن منشأة التخصيب في قم، التي بُنيت على عمق عشرات الأمتار في عمق الجبال، تمثل تحدياً يشك في أن قواتنا الجوية يمكن أن تلحق ضرراً كبيراً”.
وأضاف: “هناك أجزاء في البرنامج النووي الإيراني لا يمكن تدميرها من الجو، قدر خبراء أبحاث أداء القوات الجوية و” أمان” سابقاً أن مثل هذا الهجوم الواسع النطاق يمكن أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني لمدة أقصاها 18 شهراً. في أيام إدارة ترامب، عندما كانت “إسرائيل” تناقش بجدية مع الأمريكيين إمكانية مهاجمة إيران، كان تقييم خبراء البنتاغون أكثر تواضعا: تأجيل البرنامج النووي لمدة خمسة أشهر”.
وتساءل الكاتب عن جدوى الهجوم الجوي: “يمكن للطائرات والقنابل أن تلحق الضرر بالبنية التحتية المادية ولكن لا تدرك أن الإيرانيين قد نجحوا بالفعل من مراكمة قدرتهم النووية، لذا فإن السؤال بعد كل هجوم سيكون: كم من الوقت سيستغرقون لإعادة بناء وتعزيز البنية التحتية المتضررة، ستكون الإجابة دائماً: القليل جداً، فلقد راكمت إيران كل المعرفة المطلوبة للإنتاج السريع للمواد الانشطارية للقنبلة، ولديها المعرفة لتصنيع الصواريخ الباليستية التي ستحمل القنبلة على رأسها “
فجوة كبيرة
وبرر بن دافيد عدم واقعية تنفيذ الهجوم البري على إيران بعدم وجود قدرات جوية صهيونية تتناسب مع الفكرة فقال: “على الرغم من النتائج المحدودة المتوقعة للعمل العسكري “الإسرائيلي” – يأخذ سلاح الجو التوجيه لإعادة بناء هذا الخيار على محمل الجد، لكن بالنظر إلى تشكيلة الطائرات التي شاركت في المحاكاة هذا الأسبوع – طائرات تزود بالوقود في الخمسينيات من عمرها، وطائرات مقاتلة عمرها حوالي 40 عاما، ناهيك عن مروحيات ” يسعور” (القديمة )- من الصعب ألا نتساءل كيف يمكن للقوات الجوية من الدخول في هذا الموقف في حين أن الكثير من أسطولها على وشك الخروج من الخدمة”.
وبين بن دافيد الفجوة بين المحاكاة والحقيقة فقال: “إن التأخير في اتخاذ قرار بشأن طائرات التزود بالوقود، والذي لم يتم توقيع الاتفاقية بشأنها بعد، قد قضى بالفعل بأن طائرتين جديدتين للتزود بالوقود من نوع KC-46 ستصلان إلى هنا فقط في عام 2026، كما سيؤدي الجدل الدائر حول شراء أحدث طائرة من طراز 15F EX إلى وصول هذه الطائرات التي تشتد الحاجة إليها إلى سلاح الجو بحلول نهاية العقد، كما اتضح، سوف تحصل مصر على أحدث طائرات 15F أمام ناظرينا”.
ورغم وجود مزايا في التدريبات الكبيرة التي تدرس بدقة الكفاءة المنهجية لجيش العدو، وتثبت صحة المفاهيم القتالية المبتكرة، جنباً إلى جنب مع فحص كفاءة القادة وقدرة القادة على العمل تحت عبء ثقيل لفترة طويلة؛ إلا أنه تبرز عقبة خطيرة أمام هذا الأمر، وفقا لغال بيرل فينكل في مقال معهد الأمن القومي للعدو (19 مايو ).
وقال فينكل إن: “موازنة الدولة الحالية والعواقب الاقتصادية لوباء كورونا، تبرز مسألة الميزانية، والسؤال الذي يطرح نفسه حول التكلفة البديلة للتدريب، وما هي القيود التي يفرضها تدريب لمدة شهر كامل على استمرارية عمليات الجيش “الإسرائيلي” في مجموعة من المجالات – من مكافحة الإرهاب والأمن المستمر في الساحة الفلسطينية إلى المعركة ما بين الحروب في الشمال”.
وأضاف: “سؤال آخر يستحق الدراسة هو درجة استيعاب مفهوم التشغيل الجديد، فمن أسباب فشل المعركة بين الجيش وحزب الله في صيف عام 2006 حقيقة أن مفهوم العمليات قبل الحرب لم يتم استيعابها على النحو المطلوب من قبل القوات العسكرية والقادة فيها كما يتمثل التحدي الذي يواجه الجيش في استخلاص الدروس من المعارك التي حارب فيها التنظيمات شبه العسكرية، من حرب لبنان الثانية إلى “الجرف الصامد” حتى الآن، وكذلك من “شهر الحرب”، وذلك في المعركة القادمة”.
مناورات عربات النار التي سعى جيش العدو إلى تضخيمها بشكل غير مسبوق وإبراز قدرات هي في الواقع بالأصل تدريبات ومحاكاة لسيناريوهات معارك على عدة جبهات؛ وهو في قرارة نفسه يعتقد أن هذه المناورة بالأصل لرفع مستوى ثقة الجمهور الصهيوني به والتي تراجعت إلى أدنى مستوى خلال الفترة القادمة في ظل موجة من العمليات الفلسطينية الموجعة ضد الصهاينة، وفي ظل شد الحبل وعض الأصابع على الساحة الفلسطينية والتي هي أضعف من ناحية القدرات العسكرية مقارنة بجبهة إيران أو حزب الله إضافة لمجموعة من الأهداف الإقليمية والدولية والتي يسعى العدو إلى إيصال رسائله من خلالها.
الهدهد
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.