لم يكن الشقيقان “إياد ونهاد السوافيري” يتوقعان أن استثمار ثروتهما في المكان الآمن والمحمي دوليًا في قطاع غزة ستكون وقودًا تشتعل فيها نيران القذائف المدفعية الإسرائيلية خلال “معركة سيف القدس”.
رغم العدوان الإسرائيلي على القطاع إلا أن الشقيقين كانا يضعان أيديهما وأقدامهما في ماء بارد للحفاظ على ثروتهما التي استثمروها في المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة، لأنها تتمتع بحماية دولية.
فقبل نهاية العدوان على غزة بأيام قليلة أصيب الشقيقين بصدمة كبيرة لأن المكان الأمن لم يعد آمنًا وأن ثروتهما اختلطت بالأثاث والأسقف والقضبان الحديدية التي دمرت بفعل مدفعية الاحتلال التي لم تترك أي مكان آمنِ في قطاع غزة.
“مطابخ الزبائن” كانت تنتظر كسوتها من مصنع “اياد ونهاد” لكنها توقفت لمرحلة معينة لعدم فقدان الشقيقين للأمل بإعادة دوران عجلة الانتاج في المنشأة الصناعية الخاصة بهما كما قالا لـ”فلسطين اليوم”.
الآلات الثقيلة والمطابخ الخشبية التي تحولت لكومة رماد وصفها اياد بأنها مجزرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى فقد حُرقت ثروته وأصيب بصدمة كبيرة لأنه وضع كل ما يملك من مال في هذا المصنع الذي انشأ في منطقة آمنة كما كان يعتقد.
“نهاد وشقيقه” وغيرهما الكثير من المتضررين ينتظرون دوران عجلة الاعمار والتعويض لبدء مرحلة جديدة آملًا في الوقوف على قدميه بعد خسارة ملايين الدولارت، لكن يبدوا أن دوران عجلة الاعمار ستطول بسبب قرار الاحتلال الإسرائيلي منذ انتهاء العدوان على غزة حتى 22 يونيو 2021 بإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري ومنع ادخال أي بضائع أو معدات وآلات صناعية ومواد خام ومواد غذائية في الوقت الحالي.
المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة أنشئت عام 1996، بالاتفاق بين “السلطة والاحتلال الإسرائيلي على مساحة تقدر بـ 500 ألف متر مربع وتحتوي على كبرى الشركات الصناعية والتجارية المحلية والعالمية وبعض المؤسسات الدولية والهيئات الحكومية والبنوك.
ويعمل داخل المنطقة الصناعية أكثر من 10 آلاف عامل في قطاع غزة، ومن بين أكبر المنشآت الصناعية المتضررة مصنع كوكاكولا وآخر للبسكويت والسكاكر وللمنظفات والشامبو ومصنع للأنابيب البلاستيكية.
خلال ايام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وخاصة في الأيام الأخيرة استهدفت مدفعية الاحتلال بشكل متعمد ودون سابق انذار المنطقة الصناعية شرق غزة مخلفة أضرارًا كبيرة في المنشآت الصناعية التي تضرر بعضها جزئيًا وأخرى كليًا.
بشكل مفاجئ “خيمة غيمة سوداء” حجبت السماء الزرقاء شرق غزة معلنة عن حدثٍ مريبٍ ومخيفٍ قد وقع في المنطقة الصناعية شرق غزة، وبعد ساعات من الانتظار –المنطقة لا يسمح بدخولها خلال العدوان- تبين أن الخيمة السوداء ناتجة عن حريق شب في مخزن شركة “السكسك” للأنابيب البلاستيكية والأدوات الصحية.
والتهمت النيران على مدار ثلاثة أيام من اشتعال الحريق نحو 150 طنًا من منتجات شركة “السكسك” للأنابيب والبلاستيك بخسارة تقدر بأكثر من مليون دولار وفقًا لما قال مدير الشركة نعيم السكسك.
بشكل تدريجي اشتعلت النيران في المنطقة الصناعية؛ لكن السماء كانت زرقاء وهنا اعتقد مدير الشركة نعيم بأن الحريق شب عن طريق الخطأ؛ ومع اختفاء زرقة السماء وتحولها إلى سوداء بعد 8 ساعات من الحريق أبلغ نعيم أن النيران التهمت مخزن الشركة التي يديرها.
وساعد جيش الاحتلال الإسرائيلي في زيادة “الغيمة السوداء” والنيران الملتهبة بعدما قرر منع طواقم الصليب الأحمر والدفاع المدني من الوصول إلى المكان لإخماد النيران.
شركة السكسك كما يقول نعيم تمتلك أكبر مصنع للأنابيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث توفر نحو 90% من الأنابيب مختلفة الأحجام فهي تورد جزء كبيرًا من بضاعتها إلى الضفة المحتلة.
استهداف مصنع السكسك والمنشآت الصناعية الأخرى كان ضربة موجعة للاقتصاد في فلسطين، حيث أكد نعيم أن استهدف مصنعه وغيره من المصانع لا علاقة له بالأمن ولا بالفصائل ولا بالصواريخ، فهذه منطقة صناعية متفق عليها مع الاحتلال الإسرائيلي.
رغم استهداف المصنع إلا أن خطوط الانتاج لم تتوقف وهي قادرة على انتاج 150 طنًا شهريًا من أنابيب مختلفة وخزانات مياه لأن الماكينات لم تتضرر وفقًا لما أكده نعيم وهو أقل بكثير من الانتاج قبل استهداف المصنع حيث كان ينتج 2000 طنًا شهريًا.
وفجر يوم الجمعة بتاريخ 21 مايو 2021 توقف العدوان الإسرائيلي على غزة بوساطة مصرية لكن حتى الآن وبعد شهرٍ كاملًا من الحوارات غير المباشرة لم يبدأ دوران عجلة اعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وكافة المؤشرات الأمنية التي يستند إليها المحللون تُشير إلى اقتراب معركة جديدة بين جيش الاحتلال والمقاومة لتخفيف اجراءات الحصار الإسرائيلي على القطاع.
فلسطين اليوم
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.