تسعى طهران -بين الحين والآخر- إلى التأكيد على عدم تأثير العقوبات الأميركية في أداء قطاع النفط الإيراني، لكن إعلان تطورات إنتاجه في تلك الآونة يتزامن مع حالة من الاضطراب تشهدها الأسواق عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورغم العقوبات الأميركية؛ فإن طهران تخوض محاولات مستميتة لتصدير النفط الإيراني، وتفاجئ أسواق الطاقة بإمكانها التصدير وزيادة الإنتاج، في الوقت الذي تسيطر حالة من الترقب على تلك الأسواق؛ نظرًا للتقلبات وارتفاع الأسعار ومخاوف نقص الإمدادات عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتُخطط الدولة الواقعة غرب آسيا للتوسع في الصادرات بواسطة عملاء جدد؛ ما يشكل تحديًا للعقوبات الأميركية ومحاولات واشنطن منع تصدير النفط الإيراني بصور عدة.
إنتاج النفط الإيراني.. وتكنيك التصدير
تُكثف طهران جهود إنتاج النفط الإيراني وتصديره، وتجاوزت مستويات 3.8 مليون برميل يوميًا، وهو مستوى يعادل مستويات ما قبل فرض العقوبات الأميركية، وفق تأكيد وزير النفط جواد أوجي.
وأرجع أوجي عوامل دعم زيادة إنتاج النفط ومكثفات الغاز إلى توسع صادرات بلاده مع عملاء جدد، بعد الاستعانة بخبراء مختصين في هذا المجال وطرح طهران طرقًا مختلفة لإبرام العقود، حسبما نقل عنه الموقع الإلكتروني لقناة برس تي في الإيرانية الناطقة بالإنجليزية.
وأكد وزير النفط الإيراني أن إنتاج الخام عاد لمستويات ما قبل العقوبات الأميركية، كاشفًا عن طموح طهران لزيادة حجم الصادرات النفطية ومكثفات الغاز لمستويات أعلى، خلال العام الإيراني الذي بدأ 20 مارس/آذار الماضي.
وترجمت طهران طموحات التوسع في إنتاج النفط وتصديره إلى خطوات فعلية؛ إذ أعلنت -في شهر مارس/آذار الماضي- ضم “حقل خشت” الجديد لحقولها النفطية المُنتجة، ودخل الحقل حيز الإنتاج بما يقارب 9 آلاف برميل يوميًا يوم 21 من الشهر ذاته.
وتزامنت تلك الخطوة مع إزاحة الرئيس التنفيذي لشركة النفط الإيرانية، محسن خوجاشمهر، الستار عن خطط زيادة الإنتاج لأعلى من مستويات 4 ملايين برميل يوميًا.
تحدي العقوبات.. ورد أميركي
تمثل خطط زيادة إنتاج النفط الإيراني والتوسع في صادراته تحديًا للعقوبات الأميركية، خاصة أن الإعلان عنها مؤخرًا يتزامن مع محاولات استئناف المحادثات النووية.
وواصل جواد أوجي الرد على العقوبات الأميركية التي تمنع تصدير النفط بالتأكيد على زيادة حجم المبيعات والعائدات النفطية رغم الضغوط الأميركية ومحاولاتها تعطيل سير ناقلات النفط، حسب تصريح له الشهر الماضي.
وأوضح أوجي حينها أن صادرات النفط الإيراني توسّعت في مناطق خارج حدود التفكير الأميركي.
كما أشار -قبل أيام- إلى زيادة صادرات المكثفات الإيرانية بنحو 4 أضعاف خلال الأشهر الـ8 الماضية، مسجلة 240 ألف برميل يوميًا حتى 20 مارس/آذار الماضي.
وسجلت صادرات النفط ارتفاعًا بنسبة 40%، خلال الأشهر من أغسطس/آب العام الماضي حتى مارس/آذار المُنتهي قبل أيام.
واتهمت طهران واشنطن بتعطيل صادرات النفط الإيراني؛ ففي نهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي أنتجت قوات البحرية الإيرانية التابعة للحرس الثوري مقطعًا مصورًا يُظهر نجاح القوات الإيرانية في استعادة شحنة نفط كانت قد تعرضت للاستيلاء.
ورصدت طهران مهاجمة أميركا بما يقارب 16 ناقلة تحمل النفط الإيراني، خلال الأشهر الأخيرة فقط، ولم تلقَ المحاولات الأميركية نجاحًا؛ إذ أعلنت جهات رصد دولية وبيانات شحن ارتفاع صادرات النفط الإيراني.
بديل النفط الروسي!
تغلب حالة من الضبابية على أسواق النفط منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي؛ إذ سجلت أسعار الطاقة مستويات جنونية بعد تعطل إمدادات موسكو إثر فرض عقوبات عليها.
ويثير إعلان طهران نجاحها في تحدي العقوبات الأميركية وزيادة إنتاج النفط وحجم صادراته التساؤلات نظرًا لتزامنه مع تعرض موسكو لما يشبه الحصار النفطي بعدما تكدست موانئها بالشحنات النفطية وعزف المتعاملون عن شرائها خوفًا من وقوعهم تحت طائلة العقوبات.
لكن قد يعيد قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشراء إمدادات الغاز بالروبل الروسي بدلًا من الدولار أو اليورو رسم المشهد من جديد، وينقذ موسكو من خسائرها المتوقعة في قطاع النفط.
وضمن السيناريوهات المطروحة مستقبلًا في حالة استمرار العقوبات على موسكو، إمكان تطبيقها النموذج الإيراني في تحدي العقوبات الأميركية، سواء عبر وسطاء أو عبر فتح مجالات مع عملاء جدد خارج إطار النطاق الأميركي.
من جانب آخر، استبعد محللون إمكان أن تحل صادرات النفط الإيرانية محل الإمدادات الروسية في الأسواق، خاصة أن أميركا تحاول تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية الطلب على النفط محليًا عبر السحب من الاحتياطي الإستراتيجي.
هبة مصطفى – الطاقة
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.