انقطعت مساء أمس الاثنين كافة خدمات فيسبوك عن ملايين المستخدمين حول العالم، حيث لم يعد متاحا الوصول إلى “فيسبوك” (Facebook) أو “واتساب” (Whatsapp) أو “إنستغرام” (Instagram) أو “أوكولوس في آر” (Oculus VR) وهو خدمة الواقع الافتراضي التابع للشركة، ويعتمد على مجموعة خدمات فيسبوك أكثر من 2.75 مليار شخص يوميا للتواصل والقيام بأعمال تجارية واستهلاك الأخبار. فما الأسباب المحتملة لهذا الانقطاع العالمي وما تأثيراته المستقبلية؟
الشيء المثير فيما حصل في إمبراطورية فيسبوك أمس أن الخلل كان شاملا، بحيث طال كافة خدماتها وبلغ تأثيره أن هبط سهم الشركة بنسبة بلغت نحو 5% الأمر الذي كبدها خسائر بالمليارات في غضون 6 ساعات هي فترة الانقطاع.
ما أسباب الانقطاع؟
بدأ الخلل عندما أصبحت سجلات “نظام أسماء النطاقات” (Domain Name System) -وتكتب اختصارا “دي إن إس” (DNS)- لا يمكن الوصول إليها. والـ”دي إن إس” هو ما يمكن وصفه بشكل مبسط بأنه دليل هاتف الإنترنت، فهو الذي يترجم أسماء المواقع التي نكتبها في خانة العنوان “يو آر إل” (URL) في متصفح الإنترنت مثل “facebook.com” إلى عناوين “بروتوكول الإنترنت” (IP addresses)، حيث تقطن تلك المواقع، وعندما يتعطل الـ”دي إن إس” لا يستطيع متصفح الويب العثور على موقع الويب المطلوب.
وتعتبر أعطال الـ”دي إن إس” شائعة بشكل كاف، وهي السبب الذي يبرر تعطل بعض مواقع الويب في أحيان وعدم القدرة على الوصول إليها. ويمكن لهذه الأعطال أن تحدث لأسباب تقنية عديدة، وعادة ما تكون ذات صلة بمشاكل في الإعدادات، ويمكن بشكل عام حلها بسهولة. لكن في حالة فيسبوك يبدو أن شيئا أكثر خطورة قد حصل.
أما الاحتمال الآخر فهو انفصال راوتر (موزع) ما يعرف بـ”بروتوكول البوابة الحدودية” (Border Gateway Protocol) أو “بي جي بي” (BGP) عن الإنترنت.
ويمكن وصف “بي جي بي” هذا بأنه أشبه بخدمة البريد الخاصة بالإنترنت. فعندما يريد شخص الوصول إلى بيانات عبر الإنترنت، يحاول نظام “بي جي بي” إيجاد أسرع طريق ممكنة للوصول إليه. وبدون طُرق “بي جي بي” في شبكة فيسبوك، سيستحيل على أي أحد خارج الشبكة الوصول إلى خوادمها الخاصة بنظام أسماء النطاقات، وبالتالي لن تكون للبيانات وسيلة للوصول إلى خوادم تطبيقات “فيسبوك” أو “إنستغرام” أو “واتساب” أو “أوكولوس في آر”.
ووفقا لموقع “آرس تكنيكا” (Ars Technica) المتخصص بالتقنية، فإن أحد مستخدمي خدمة “ريديت” (Reddit) للتواصل الاجتماعي -والذي يدعي أنه موظف في فيسبوك- يَفترض أن مهندسي شبكات كانوا يدفعون نحو تغييرات في الإعدادات والتي تسببت بطريق الخطأ بقفل النظام، وفي هذه الحالة فإن تقنيي مركز البيانات المحليين والذي يملكون وصولا فعليا للراوترز (الموزعات) هم الوحيدون الذي يملكون القدرة على إصلاح الخلل. ويؤكد هذا الشخص أن العطل ليس نتيجة هجوم إلكتروني ما.
ما رأي فيسبوك نفسها؟
تهربت فيسبوك من تحديد أصل الخلل المباشر الذي أدى لانقطاع عالمي في خدماتها وألقت باللوم على مشكلة بتغيير إعدادات أجهزة الراوترز (الموزعات) في شبكتها، وقالت إن هذه التغييرات عطلت حركة المرور بين مراكز بيانات الشركة. مؤكدة أنها لم تعثر على دليل على تعرض بيانات المستخدمين للاختراق خلال فترة الانقطاع تلك.
وكتب فريق مهندسي الشركة يقول -في منشور بمدونة خاصة بهم ليلة الاثنين- “كان لهذا الاضطراب في حركة مرور الشبكة تأثير متتال على طريقة تواصل مراكز البيانات لدينا، مما أدى إلى توقف خدماتنا”.
أما الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرغ فاعتذر على صفحته بفيسبوك بعد استعادة الشبكة وكتب يقول “آسف على الاضطراب اليوم، أعلم مدى اعتمادكم على خدماتنا للبقاء على اتصال مع الأشخاص الذين تهتمون بهم”.
أما واتساب فلجأت إلى منافستها خدمة تويتر لتعتذر وكتبت تقول “نعتذر لكل شخص لم يتمكن من استخدام واتساب اليوم. لقد بدأنا في تشغيل واتساب ببطء وبعناية مرة أخرى. شكرا جزيلا لصبركم. سنواصل اطلاعكم على آخر المستجدات عندما يكون لدينا المزيد من المعلومات لمشاركتها”.
ما الذي يعنيه ما حصل؟
يقول ماثيو هودجسون -الرئيس التنفيذي لشركة “إيليمنت” (Element)- في تصريح لموقع “تومز غايد” (Tom’s Guide) المتخصص بالتقنية، إن “الانقطاع المستمر في واتساب وإنستغرام وفيسبوك -بما في ذلك “فيسبوك ماسنجر” (Facebook Messenger) و”فيسبوك وورك بليس” (Facebook Workplace)- يسلط الضوء على أن الانقطاعات العالمية هي أحد الجوانب السلبية الرئيسية للنظام المركزي”.
وبحسب هودجسون فإن “التطبيقات المركزية تعني أن كل البيض في سلة واحدة، فعندما تنكسر هذه السلة يتحطم البيض كله”، ويؤكد بأن النظام اللامركزي هو في النهاية أكثر موثوقية حيث لا توجد نقطة واحدة للفشل.
ويعد انقطاع الخدمة اليوم هو ثاني أطول انقطاع في تاريخ فيسبوك. أما الانقطاع الأطول فهو ذلك الذي حدث في 13 مارس/آذار 2019 والذي استمر قرابة 12 ساعة. وسيلقي الغموض -الذي مارسته في فيسبوك في تحديد أصل المشكلة- بظلال من الشك على استقرار خدماتها وإمكانية الاعتماد عليها، وربما تكون له تبعاته اللاحقة.
رماح الدلقموني – الجزيرة نت
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.