مصعب حيدر – خاص الناشر |
بالأمس أطلق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد من حارة صيدا موقفًا مميزًا اتجاه القوى السياسية في مدينة صيدا، أكد فيه أن هذه القوى كلها وبلا استثناء قوى مقاومة. وقد جاء هذا الموقف بعد لغط إعلامي وسياسي طفا على السطح في الآونة الأخيرة من ضمن عملية احتدام انتخابي مشهود. وقد حاولت العديد من الجهات السياسية أن توظف هذا اللغط للإيحاء بأن هوة باتت تفصل عاصمة الجنوب وقواها الكبرى عن حزب الله والمقاومة الإسلامية.
لقد كان الحاج رعد واضحًا وحازمًا في تبيان حقيقة الأواصر التي تربط صيدا بكل رمزيتها الوطنية والإسلامية بالعمق الجنوبي العاملي المقاوم، وهي أواصر تكرست عبر عشرات السنين وترسخت بالدماء خلال خوض الكثير من المواجهات التاريخية مع الاحتلال الصهيوني. وهذا ما عكس حرصًا وطنيًّا كبيرًا من قبل قيادة حزب الله على صيانة المعادلات الكبرى المتصلة بوحدة الموقف المقاوم لشرائح المجتمع اللبناني، وبالعلاقات الإسلامية – الإسلامية التي تجهد العديد من القوى والجهات الأجنبية لتعكير صفوها في لبنان والمنطقة، وبالعلاقات السياسية التي ربطت ولا تزال تربط العديد من قوى الساحة الوطنية اللبنانية. وكان هذا الموقف الذي عبر عنه الحاج محمد رعد على مستوى عال من المسؤولية الوطنية، وهو موقف لم ينبع من ارتجال منبري عابر بل إنه كان موقفًا هادئًا ناتجًا عن قرار سياسي ممهور بتوقيع أعلى الجهات في حزب الله. وهو بالإضافة الى كل ذلك يعبر عن أخلاقية وطنية باتت نادرة في بيئة سياسية تطحن تحت وطأة المصالح الانتخابية الآنية أو العابرة. وهي أخلاقية تحفظ حتى العلاقات الشخصية التي تربط بين الرموز والقادة والمسؤولين وتلتزم جانب الوفاء لكل القيم الإيجابية التي ترسخ وحدة المجتمع اللبناني .
لم يكن موقف الحاج محمد رعد المشار اليه وليد اللحظة الانتخابية العابرة، بل انه عبّر عن استراتيجيا الحزب المندفعة باتجاه تجميع وتحشيد أكبر حجم ممكن من البنى الاجتماعية الوطنية والإسلامية والقومية خلف خيار المقاومة، وهو الخيار المستهدف من قبل نفس الجهات الدولية والإقليمية المعادية للوطن اللبناني وللعرب والمسلمين والمسيحيين على حد سواء، وهي جهات تسعى الى الفتك بالوطن من خلال العمل على جر فريق من اللبنانيين لتكرار تجربة الخيار الانتحاري نفسه الذي يحاكي تجربة تورط البعض بالمشروع الصهيوني الذي تحقق في صيف ١٩٨٢.
لا يمكننا وضع الموقف الذي أعلنه الحاج محمد رعد في حارة صيدا إلا في إطاره الحقيقي، الذي يؤكد ان العملية الانتخابية الحاصلة ليس لها تفسير في قاموس حزب الله إلا التثمير البعيد الأمد للحفاظ على مجتمع لبناني مناهض للاحتلال الذي لن يتوانى عن مد يده (من جديد) الى عمقنا الاجتماعي والسياسي إن سنحت له الفرصة. وهو احتلال صهيوني لن يتورع عن إيذائنا واستهداف الواقع اللبناني في سياق المواجهة الملحمية الكبرى القائمة داخل فلسطين المحتلة وفي بيت المقدس وعلى تخوم غزة هاشم المحررة.
بالمعيار الوطني السليم، إن موقف الحاج محمد رعد المشار اليه يثلج الصدر.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.