أوروبا عيونها زرق

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لم يكن العالم بحاجة إلى دليل على العنصرية الغربية المختبئة خلف ازدواجية معايير حضارية وثقافية وقيَمية. في الأصل، أسّس هذا الغرب لكل ما تعانيه شعوب العالم من مآسٍ وفقر وويلات. واليوم، يُمعن هذا الغرب بدق أسافين التفرقة والخلاف بين مكوّنات المجتمعات معمّقًا فيها الفرقة والتباعد، ويلعب من بعيد دور المُعلّم والموجّه وراعي قيَم الحرية والرأي الآخر والتعددية.

لم يقبل هذا الغرب روسيا في عداده، لأسباب مذهبية ودينية، وهو فعل الأمر نفسه مع تركيا ويرفض حتى اللحظة ضمّها إلى الاتحاد الأوروبي. وها هو اليوم يمارس عنصريته بوضوح على هامش الأزمة الروسية الأوكرانية. وقد عكست القنوات الأميركية والفرنسية والصحف البريطانية بعض التوجّهات العنصرية الأساسية التي تلعب دورًا حاسمًا في موقف الغرب، كجماعة وأفراد، من قضايا العالم والشعوب الأخرى.

ومن الأمثلة على ذلك، تعليق أدلى به الجمعة شارلي داغاتا الموفد الخاص لقناة “سي بي إس نيوز” الأميركية إلى أوكرانيا، حيث قال في رسالة مباشرة “مع خالص احترامي، فإن هذا ليس مكانًا مثل العراق وأفغانستان اللذين عرفا عقودًا من الحروب. إنها مدينة متحضّرة نسبيًا، أوروبية نسبيًا (…) حيث لا ننتظر حصول أمر مماثل”.

وعلّق الصحفي فيليب كوربيه على قناة “بي إف إم تي في” الفرنسية بالقول “لا نتحدث هنا عن سوريين هاربين من قصف النظام السوري المدعوم من فلاديمير بوتين… بل عن أوروبيين، يهربون بسياراتهم التي تشبه سياراتنا… ويحاولون النجاة بحياتهم”.

ولم تتوقف التصريحات المثيرة للجدل على الصحفيين والإعلاميين فحسب، إذ أطلق عدد من المسؤولين الأوروبيين أخيرًا تصريحات عنصرية صادمة، منها ما جاء على لسان رئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف، الذي قال إن اللاجئين الأوكرانيين “ليسوا من اللاجئين الذين اعتادت عليهم أوروبا”، إن هؤلاء “أناس أذكياء ومتعلمون وبعضهم متخصصون في تكنولوجيا المعلومات وهم مؤهلون تأهيلًا عاليًا”.

نماذج مختصرة وسريعة نضعها برسم بعض أبناء جلدتنا المشدوهين بـ”إنسانية” الغرب وتحضّره. قد يجادل البعض بأن التعميم خطأ، ويجب حصر العنصرية بمطلقيها. نقول: نعم صحيح، ليتهم لم يصِمونا كعرب ومسلمين بالإرهاب بسبب أفعال بعض الجماعات التكفيرية المُدارة من قبل استخبارات الغرب، وليتهم لم يُعاملونا كمتخلّفين بسبب إقدام حكوماتهم الاستعمارية على سرقة خيرات بلادنا عبر التاريخ، وتمكين ثلّة من الفاسدين التابعين برقابنا ومصائرنا.

على أي حال، دعوة للمنظمات غير الحكومية التي تنتشر في بلادنا لتعلّمنا الحب والتسامح، وقد حان وقتها: احزموا أمتعتكم وارحلوا عنا، فالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وحتى الفيفا، بحاجة لدروس في الحب والتسامح واحترام حياة البشر، والأهم أنهم بحاجة إلى الكفّ عن ممارسة الحقارة بكل راحة ضمير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد