هو الجشع والفجع والطمع الذي يعمي العيون، ويدخل الضمائر في غيبوبة، حتى لو كانت الاثمان موتًا من هنا، او تسممًا من هناك. “بتقطع”، المهم ان جيوب تجار الازمات والاوجاع مليئة، مليئة دون أن تشبع.
على مدار عام، ومع كل قفزة للدولار، كانت السوبرماركات تتبارى في مسابقة اسرع اقفالٍ وتغييرٍ للاسعار، والحجج موجودة، ولو أنها لا تمرّ على عاقل، لا تمرّ سوى على اصحاب تلك المحلات، الذين ضرب الجشع عقولهم.
هذه الاقفالات وما لحقها من تغييرٍ للاسعار اصبحت نكتةً سمجة، وصلت السماجة فيها لأن يحاول التجار اقناع الناس بأنهم اشتروا بضائعهم في لحظة اعتذار النائب سعد الحريري عن تكليفه لتشكيل الحكومة، يعني في ذات اللحظة التي ضرب الدولار فيها رقماً قياسياً بسعر الصرف وصل يومها الى ٢٥ الف ليرة، ليعاود الانخفاض بعد اقل من ساعة! ولا يزال بعضهم حتى اليوم، يبيعون تلك البضائع التي اشتروها على سعر صرف الـ٢٥ الف للدولار. بمعنى آخر، كل التجار، اشتروا كل بضاعتهم الموجودة في السوق في تلك اللحظة. يجب على الناس أن تقتنع بهذا الامر، لا أن تضحك على تلك النكتة.
الى جانب السماجة، يتمتع صنفٌ من التجار بفكرٍ استراتيجي، هذا الصنف هو الذي يسعّر بضائعه على سعر صرف يتخطى الـ٣٠ الف ليرة للدولار. يقول هذا الصنف “بدنا نحمي حالنا”. حقهم طبعاً، طالما أن المواطن المسروق لن يسأل عنه أحد ولن يحميه أحد.
كل ما ذكر أعلاه ليس سرًّا، هو أمرٌ يحصل كل يوم مع أيّ سيدةٍ أو رجلٍ يقصدان سوبرماركت او محال تجارية لتأمين احتياجاتهم من المواد الغذائية. لكن ما قد يبدو جديدًا للبعض، هو ظهور سلعٍ يعود انتاجها الى العام الفائت، وقد شارف تاريخ صلاحية البعض منها على الانتهاء، فماذا يعني ذلك؟
بحسب المعطيات، فإن البضائع توزع خلال شهرٍ من انتاجها، تحديدًا البضائع محلية الصنع، ما يعني أن تلك البضائع الموجودة على الرفوف والتي يعود تاريخ صلاحيتها الى سنة للوراء، هي بأغلبها، لا يتجاوز تاريخ صلاحيتها أكثر من سنة.
في المحصلة، التجار أفرجوا عن البضائع التي اشتروها حين لم يكن سعر صرف الدولار قد تخطى ٨ الاف ليرة لبنانية، ليبيعوها اليوم على سعر صرف تخطى الـ١٦ الف ليرة لبنانية، اي بضعف ثمنها! الخطير في الامر، ان بعض تلك البضائع شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء، وحتى هذا الامر لم يستدعِ من المحلات والتجار خفضًا في سعرها فهي ستباع معهم حتى لو انتهى تاريخ صلاحيتها، في ظل غياب -أو تأخرٍ بأفضل الاحوال- وزارة الاقتصاد عن القيام بواجباتها، ولتكن دعوة للناس: انتبهوا لتاريخ الصلاحية.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.