ساعات تفصلنا عن الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب. وخلال هذه السنة لم يتوقف بوق التضليل عن اتهام المقاومة ومحورها بجلب مادة النيترات إلى المرفأ. فهل هناك سيناريو آخر لوصول هذه المادة إلى مرفئنا؟
إذا عدنا إلى الحقبة التي رست فيها تلك السفينة المشبوهة، نجد أن معظم المسؤولين عن المرفأ يدورون في الفلك السعودي الأميركي، وفي تلك السنة كان دعم ما يسمى بالثورة السورية يتم عبر لبنان وتركيا بشكل أساسي. وهل يمكننا أن ننسى نائب الحليب والبطانيات؟ ومن هنا يمكننا طرح التساؤل التالي: لماذا لا تكون السعودية خلف هذه المواد؟ سيقول البعض وما المصلحة السعودية؟ وهل تمتلك السعودية مثل هذه المادة؟
تعتبر السعودية من الدول الرائدة في منطقتنا من حيث استيراد وتصنيع النيترات. وقد وضعت قوانين تنظم هذا القطاع الحيوي. وبالمناسبة هذه المادة بالأصل تستخدم للزراعة ولكن لها وجه آخر للاستخدام وهو العسكري. وبالعودة إلى إمكانية ضلوع السعودية بنيترات الموت في بيروت، فهي تعتبر من أبرز الدول الداعمة للإرهابيين في سوريا، فمن ينسى دور الأمير محمد بن نايف ومساعده جمال خاشقجي الذي قتلته السعودية شر مقتلة؟ فهذا الثنائي بأمر من الملك قام بإرسال آلاف الإرهابيين إلى سوريا وأبرزهم المحيسني. وليس غريبًا دعم هذه الزمرة المجرمة بكل ما أوتوا من قوة، وما النيترات سوى جزء من الدعم. والدليل على تهريب النيترات وخاصة من السعودية إلقاء الأخيرة منذ أشهر خلت القبض على من أسمته إرهابيًا وبحوزته فقط طن من النيترات. ارهابي واحد استطاع جمع طن، فليس من الصعب إذا جمع ألفي طن من السعودية ذاتها. هذا إذا ما كانت المملكة قد اشترتها بأسماء وهمية ومن جهات بعيدة بغية إبعاد الشبهة عنها وهو احتمال ثانٍ أيضًا.
بالمحصلة هنا أنه من يحوك سيناريو ضد محور المقاومة يجب أن لا يغفل عن السيناريوهات الثانية.
أما الحديث عن التفجير فهنا لا يمكن إغفال دور اليد الإسرائيلية التي لها المصلحة الكبرى بما حصل في ٤ آب. هذه المواد لا تنفجر بتعرضها للحرارة، وهذا ما يؤكده معظم خبراء المتفجرات في العالم ويجمعون على أنه لا بدّ من وجود موجة انفجارية بادئة تكون سببًا في انفجار النيترات. ومن هنا لا يمكن لحريق أن يؤدي إلى انفجار حتى لو انفجر البارود من المفرقعات فلن يحدث هذه الموجة الكافية لانفجار النيترات. ناهيك عن المعلومات التي تحدثت عن إخماد الحريق قبل الانفجار بخمس دقائق وهو وقت كافٍ كي تتسلل على الأقل درون إسرائيلية تلقي عبوتها على العنبر ويتم التفجير. ولهذه الطائرات سابقة في انفجار إحداها في معوض. وهذا خيار آخر ليس مستبعدًا أبدًا وخاصة أن العدو بمناسبات عدة تحدث عن مستودعات للأسلحة والصواريخ في المرفأ وكأنه كان يقدم تبريرا لما سيحدث في ٤ آب.
ختامًا، إذا أراد اللبنانيون معرفة الحقيقة بما جرى في المرفأ في ٤ آب يجب أن لا نغفل عن جميع الاحتمالات لكي نصل إلى جلاء الصورة حول من أتى بهذه المادة ومن قام بتفجيرها.. وإلى ذاك الوقت دمتم بخير.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.