المشكلة ليست فقط في أن منظمات المجتمع المدني تتقاضى رشاوى دولية للقيام بأدوار تخدم مصالح خارجية، بل في أنها تتلقى الرشاوى من دول بنت رأسمالها على أساس النهب المنظم للدول الفقيرة، وعلى أساس استعمار دموي لا يزال مستمراً حتى الآن.
المنظمات هذه تتلقى الرشاوى من قبل دول تنشر ثقافة نفي المسؤولية الأخلاقية، وتتعامل بطريقة الشركات غير المسؤولة، فهي لا تفكر إلا في الربح المادي، بل وتدعو إلى ترويج هذه الثقافة، وبالتالي فإن ما ستطلبه تلك الدول من المنظمات يستحيل أن يكون له دافع أخلاقي.
الدول التي تدفع الرشاوى، أي الدول الغربية، هي نفسها التي تمول كل عدوان على الدول الفقيرة، سواءً كان صهيونياً أو تكفيرياً، وبالتالي فإن هذه الرشاوى تأتي من جهة معادية وإجرامية إلى أقصى الحدود، وبالتالي فإن أهداف التمويل تخريبية في الحد الأدنى، وقد تتحول إلى إجرامية في المستقبل.
انتقلت حالة انعدام المسؤولية الأخلاقية إلى المجتمع المدني من خلال عمله الشبكي، فهو مجتمع غير مسؤول، ولا يمكن مطالبة أحد بما يفعله، حيث ليس هناك جهة رسمية أو قائد أو لجنة قيادية يمكن مطالبتها من قبل الجمهور أو الأحزاب أو الدولة بما تقوم به.
تظهر حالة انعدام المسؤولية الأخلاقية في التنشئة على الشتائم والإستهزاء وإهانة المقدسات والعبثية وانعدام التفكير لدى الشباب الذين يتم تسهيل استقطابهم بفعل الأزمة التي تصنعها الدولة الراشية لهذه المنظمات، كما تظهر في حالة التشرذم والتعدد اللانهائي للمنظمات.
تتحمل هذه المنظمات مسؤولية النجاح أمام الجهة الممولة، فهي التي تحاسبها وقد توجه لها التقريع علناً حين فشلها في تحقيق الأهداف، مثلما فعل ديفيد شينكر مع منظماته في لبنان بعد حركة 17 تشرين، ولذلك فهي لا تتحمل المسؤولية تجاه الجمهور، الذي لا يمتلك أي آلية لمحاسبتها.
بانعدام المسؤولية تتمكن تلك المنظمات المرتشية من استهداف القوى التحررية والنزيهة والفئات الفاسدة والتابعة جنباً إلى جنب، فليس هناك من امكانية لمحاسبتها ولا معايير تحكم حركتها، فهي بندقية قابلة للتوجيه إلى أي جهة، بفعل انعدام امكانية المسؤولية، وارتباطها بمنظومة غير أخلاقية.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.