ما هي تداعيات غياب يحيى السنوار عن المشهد السياسي؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

“كانوا يفضلون [في إسرائيل] رسم صورة لزعيم “حماس” مختبئاً في نفق، ويستخدم الرهائن الإسرائيليين كدروع بشرية، غير أن الحقيقة هي أنه فقد حياته وهو يحارب أعداءه، ولم يكن يحاول الفرار، كما أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن نعتقد، بل مات وهو يواجه الجنود الإسرائيليين وجهاً لوجه”؛ هذا ما كتبه الأكاديمي الفلسطيني عزام التميمي في مقال نشره غداة الإعلان عن استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” يحيى السنوار[1]، الذي ترك مقتله، في 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أصداء واسعة في العالم، إذ اعتبر العديد من السياسيين والصحافيين غيابه “نقطة تحوّل” في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وربما في المواجهة الدائرة على مستوى الإقليم.

إنها “نقطة تحوّل” في الحرب الإسرائيلية
أشارت صحيفة “الموندو” الإسبانية إلى أن مقتل بحيى السنوار يمثّل “نقطة التحول الأكبر، ليس فقط في الحرب في القطاع الفلسطيني، ولكن أيضاً في التصعيد الإقليمي”، الذي “سعى السنوار – ونجح جزئياً – في إطلاقه”. أما ليتيسيا بوكاي، أستاذة علم الاجتماع السياسي في معهد اللغات والحضارات الشرقية (إينالكو) في باريس، فقد رأت أنه كان لدى يحيى السنوار “تصوّر أن هجوم حركة “حماس” يمكن أن يغيّر ميزان القوى على المستوى الإقليمي”، إذ كان يهدف “إلى إثارة حرب إقليمية”، ويبدو أنه، مع منظمي هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الآخرين، لم يتوقعوا “رد فعل إسرائيل، ولم يكن تصوّرهم أن تسحق إسرائيل قطاع غزة بصورة كاملة، كما هي فعلت”، بل ييدو “أن العملية تجاوزت آمال مصمميها”[2]. ويتفق محللون كثيرون على أنه قد يكون لغياب يحيى السنوار تأثير كبير على مفاوضات الهدنة وعلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، ويعتقدون بأن الوقت قد حان لحكومة بنيامين نتنياهو كي تتحرك نحو اتفاق هدنة. فقد اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” أن مقتل زعيم “حماس” يمكن أن “يفتح الطريق أمام مفاوضات جديدة حول اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن”، وأن “هذه فرصة يجب على نتنياهو أن يغتنمها، وأن يقاوم ميوله الانتصارية والنصائح التي يتلقاها من أعضاء حكومته اليمينية المتطرفة”. وكان هذا الحديث عن “الفرصة” التي توافرت محل إجماع أبرز الزعماء الغربيين، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تحدث عن “يوم حسن لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم” إذ يوفر “فرصة لتسوية سياسية” في قطاع غزة، مقدّراً أنه “من الممكن الآن تصور اليوم التالي في غزة، من دون وجود حماس في السلطة، والتوصل إلى تسوية سياسية توفر مستقبلاً أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”. وأنهى حديثه بالإعلان عن أن وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، “سيسافر قريباً إلى إسرائيل لاستئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وأن الوقت حان لإنهاء هذه الحرب ولإعادة الرهائن لدى حماس”[3].

لن تكون هناك “فرصة” ولا اتفاق هدنة في المدى القريب
لا تشارك صحيفة “هآرتس” التفاؤل الذي عبّر عنه بعض وسائل الإعلام وعدد من الزعماء الغربيين، بل هي تعتقد أن “التوصل إلى وقف إطلاق النار وإلى حل تفاوضي سيكون الآن أكثر صعوبة”، كما أن الحكومة اليمينية في إسرائيل “تتعرض لإغراء متزايد للاستيلاء على جزء من غزة والسيطرة عليه وضمه”. ولن يؤدي مقتل يحيى السنوار “سوى إلى زيادة شعور نتنياهو بالفخر وثقته بنفسه”، وخصوصاً أنه “ليس لديه رغبة في إنهاء الحروب في غزة ولبنان، بغض النظر عن ثمن الدم الذي يدفعه الشباب الإسرائيلي كل يوم”. ومن جهتها، قدّرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أنه “حتى لو قررت إسرائيل إعلان النصر في غزة بمقتل السنوار – فإن ذلك لا يعني بالضرورة بزوغ فجر اليوم التالي”، ذلك إن المسؤولين الإسرائيليين أوضحوا “أن هيمنتهم وعملياتهم العسكرية في غزة ستستمر طالما رأوا ذلك ضرورياً، ولم يقترح أحد بعد نظاماً سياسياً جديداً في غزة يكون مقبولاً لجميع الأطراف”. كما رأت صحيفة “نيويورك تايمز” أنه “حتى لو تم التوصل إلى حل في غزة، فلن يكون له سوى تأثير محدود على الصراع الأوسع بين إسرائيل وحلفاء حماس الإقليميين، بما في ذلك حزب الله”[4]. وبينما خرجت مظاهرات في القدس وتل أبيب، بعد الإعلان عن مقتل يحيى السنوار، تطالب الحكومة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين لدى حركة “حماس”، حذر بنيامين نتنياهو، في بيان مصوّر باللغة الإنكليزية في 17 تشرين الأول/أكتوبر، من أن ما حدث لا يعني نهاية الحرب، بل هو “بداية النهاية” لها، وقال: “لدي رسالة بسيطة أوجهها إلى شعب غزة؛ هذه الحرب يمكن أن تنتهي غداً، إذا ألقت “حماس” سلاحها وأعادت رهائننا”. أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير، فقد دعيا إلى زيادة الضغط العسكري على قطاع غزة، وقال سموتريتش، في منشور له، إن على إسرائيل أن “تستمر في الحرب بكل قوتها حتى النصر المطلق”[5].

حرب الإبادة مستمرة ولم يتغيّر شيء
لم يكن غياب يحيى السنوار بالنسبة إلى سكان قطاع غزة “سوى حلقة مروعة أخرى في الحرب التي دمرت أراضيهم لأكثر من عام، والذين باتوا يائسين من رؤية نهايتها”. وفي هذا الصدد، يقول مصطفى الزعيم (47 عاماً) من سكان حي الرمال غرب مدينة غزة: “يكفينا عطشاً ومجاعة، يكفينا جثثاً وسفكاً للدماء! وإذا كان قتل السنوار أحد أهداف هذه الحرب، فها هو يحيى السنوار قد غاب”. لكن على أرض الواقع، لا يثق سكان قطاع غزة، الذين أجرى مراسلو وكالة “فرانس برس” مقابلات معهم، برئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو، إذ قال القاضي محمود عبيد (42 عاماً) من جنوب قطاع غزة حيث نزح “ما نراه هو أن نتنياهو ما زال يركّز على غزة، على القتل والدمار والإبادة، مع استمرار التفجيرات والمجازر في أنحاء غزة”، وأضاف: “أكثر ما نخشاه هو استمرار هذه الحرب اللعينة”[6]. وكان أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال قد أعلن، في 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، الجزء الشمالي من القطاع منطقة عسكرية وأمر بإخلاء سكانه. وشدّد جيش الاحتلال قبضته على بلدة جباليا ومخيمها، بصورة خاصة، حيث لجأ إلى الاجتياح البري وعمليات القصف الجوي. وفي مواجهة نقص مقومات العيش والقصف المستمر، يحاول العديد من السكان المغادرة و”يسرعون عبر أكوام النفايات والركام التي غطت الأراضي الفلسطينية التي مزقتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عام”. ويلخص هاشم أبو يوسف عسلية (70 عاماً) الوضع قائلاً: “في جباليا، لم يعد لدينا طعم العيش، فمنذ بداية الحرب، تم تهجيرنا 12 مرة، وهذا هو حال حياتنا”[7]. وفي اتصالات هاتفية مع سكان مخيم جباليا، أجراها الصحافي الاستقصائي محمود نفاخ لمجلة “أوريان 21” الرقمية، ذكر الأهالي أن “القتل مستمر، ولا شيء تغيّر بعد وفاة السنوار”، وأوضح عيسى سعد الله، وهو أحد سكان المخيم المحاصر مع أفراد عائلته، أنه لم يتمكن من مغادرة المنطقة في غياب الطرق الآمنة، وقال: “لا نستطيع التحرك بسبب وجود القناصة والتحليق المكثف للمروحيات الإسرائيلية”. وكما هو حال المستشفيات، يتم استهداف المدارس التي تُستخدم ملاجئ للنازحين والمشردين، إذ تعرضت، في 9 تشرين الأول /أكتوبر الجاري، مدرسة الرافعي، التي لجأ إليها العشرات من السكان، لهجوم جوي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 آخرين. ويظل تكريم الموتى بدفنهم مهمة صعبة للغاية، إذ قال عيسى متأسفاً: “الكلاب والقطط تأكل الجثث المتناثرة على الطرقات”[8]. وفي 19 من هذا الشهر، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة كبيرة في بلدة بيت لاهيا المجاورة، وذلك عندما قامت طائراته بقصف منطقة سكنية فيها ما أسفر عن استشهاد 73 شخصاً بحسب محمود بصل، الناطق باسم الدفاع المدني. وقبل هذه المجزرة، كان الدفاع المدني قد أبلغ عن “أكثر من أربعمائة قتيل” في شمال قطاع غزة منذ الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي في 6 تشرين الأول/أكتوبر، لمنع حركة “حماس”، على حد تعبيره، من إعادة بناء قوتها. ونددت جويس مسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية بالإنابة في الأمم المتحدة، بهذا الحادث بالقول: “تأتينا أنباء مروعة من شمال غزة، حيث لا يزال الفلسطينيون يعانون من أهوال لا توصف تحت حصار القوات الإسرائيلية”[9].

افتقار حكومة الحرب الإسرائيلية إلى هدف استراتيجي
تفتقر حكومة بنيامين نتنياهو، في حربها على قطاع غزة التي امتدت إلى لبنان، إلى هدف استراتيجي غير ما تسميه بـ “النصر المطلق”. ومع أن غياب يحيى السنوار “يمثّل “نجاحاً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلا إنه لا يبشّر بأي تقدم نحو السلام في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، كما قدّر جان كريستوف بلوكان في افتتاحية نشرها في 18 من هذا الشهر، في صحيفة “لاكروا” الباريسية بعنوان: “موت يحيى السنوار: إنه انتصار من دون غد؟”، ورد فيه أن الأسلحة “لن تنهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ فالأسلحة لا توفر حلاً دائماً”، وأضاف: “على المدى البعيد، لا تزال هناك حالة عميقة من عدم اليقين بشأن مستقبل قطاع غزة، إذ لم تقدم إسرائيل أي خيارات حكم مرضية، وهي غير مهتمة بإعادة الإعمار، في حين أن قسماً كبيراً من السكان هو على حافة البقاء؛ وبعيداً عن تحقيق النصر بقوة السلاح، فإن بنيامين نتنياهو لا يحدد أي خيارات سياسية، إنه يفرض الأمن على بلاده، لكنه لا يتصوّر السلام، ولا يفعل شيئاً لنزع فتيل دائرة الكراهية والانتقام التي تمتد أيضاً إلى الضفة الغربية؛ وطالما بقي في السلطة، فإن الباحثين عن السلام والعدالة من الجانبين سيواجهون عقبة لا مفر منها”[10]. أما باسكال برونيل، مراسل صحيفة “ليزيكو” الباريسية في تل أبيب، فقد أشار في مقال، نشره في اليوم نفسه، إلى أن حركة “حماس” تكبدت “خسائر فادحة، لكنها تمكنت من البقاء وما زالت تسيطر على جزء كبير من الحياة اليومية لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة”، بينما ظل بنيامين نتنياهو، حتى الآن، “غير واضح بشأن كيفية ملء الفراغ الناجم عن القضاء على سلطة حماس، واكتفى برفض نقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس، كما أوصى الأميركيون والأوروبيون”. وباستناده إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، رأى باسكال برونيل أن “هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وكذلك يوآف غالانت، وزير الدفاع، يعارضون من جانبهم إعادة الاحتلال العسكري الدائم لقطاع غزة الذي انسحبت منه إسرائيل في سنة 2005، ذلك إن مثل هذا الحل يعني ضمناً أن يكون الجيش مسؤولاً عن توزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يرفضه معظم كبار الضباط حتى لا يعرضوا حياة الجنود للخطر، وبسبب التكلفة التي قد يتطلبها مثل هذا الانتشار والتي تبلغ عدة مئات الملايين من الدولارات سنوياً”. وخلص الصحافي نفسه إلى أن معظم كُتّاب افتتاحيات الصحف الإسرائيلية يرون أن الوقت قد حان كي يطلق بنيامين نتنياهو “مبادرة دبلوماسية”، إذ بات يتوجب على إسرائيل الآن “أن تتحدث بجدية عن خططها بشأن قطاع غزة قبل أن يفرض المجتمع الدولي علينا حلاً”، كما أكد يوآف ليمور في صحيفة “يسرائيل هيوم”، اليومية اليمينية، بينما دعا ناحوم برنياع، أحد كتاب الافتتاحيات الأكثر تأثيراً في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رئيس الوزراء إلى التصرف في الاتجاه نفسه في لبنان، ذلك إن إسرائيل باتت، وفقاً له، “في وضع أفضل للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يضع حداً للهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار”، لكنه أعرب عن تشاؤمه من إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق “لأن ساستنا من غير المرجح أن يسمحوا بحدوث هذا”[11]. ويقدّر الأكاديمي الفلسطيني عزام التميمي، أخيراً، أن الحرب “يمكن أن تنتهي إذا قبلت إسرائيل شروط وقف إطلاق النار التي وافقت عليها “حماس” بالفعل واقترحها في الأصل الرئيس الأميركي بايدن”، في حين أن من غير المرجح أن تنتهي الحرب في وقت قريب “إذا ما بقي نتنياهو مصراً على تدمير “حماس” وتحرير الرهائن من دون تقديم أي شيء في المقابل”، ليخلص إلى أنه “حتى لو انتهت هذه الحرب، فمن غير المرجح أن تظل المنطقة هادئة طالما ظل الفلسطينيون محرومين من حقوقهم الأساسية، وطالما استمر الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم”[12].

حالة عدم اليقين تسيطر على المنطقة
تقدّر الكاتبة اليسارية الأرجنتينية، كلوديا سيناتي، عضو هيئة تحرير مجلة “استراتيجية دولية” التي تصدر بعدة لغات، أن حالة عدم اليقين تسيطر على المنطقة حالياً، ذلك إن إصرار جو بايدن على محاولة إنهاء الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة يفسره اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ يمثّل استمرار هذه الحرب “عبئاً” على حملة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، معتبرة أن “طبيعة التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل، وتراجع هيمنة الولايات المتحدة، يحدان من قدرة جو بايدن على الضغط على نتنياهو”. أما تحريض بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب، فهو يرتبط، في نظرها، بحساباته السياسية الخاصة، إذ هو يرى أن “النجاحات” التي حققها مؤخراً، في قطاع غزة ولبنان، “يمكن أن تسمح له بالبقاء على رأس الحكومة حتى نهاية ولايته”، وهو يعلم “أن عليه أن يصبر على الأقل حتى السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، كي يعرف من سيشغل البيت الأبيض للأعوام الأربعة المقبلة”، ذلك إنه يعتقد “أن رئاسة دونالد ترامب الجديدة ستكون أكثر ملاءمة لمصالحه الاستعمارية”، وستسهل استراتيجيته “لإقامة إسرائيل الكبرى من خلال ضم الأراضي وطرد السكان الفلسطينيين”، وهذا هو “الحل النهائي الذي تدافع عنه علناً حكومته اليمينية المتطرفة، المؤلفة من مستوطنين وأحزاب دينية”، وهو بالتحديد “ما يغذي المقاومة الفلسطينية والتضامن الدولي الذي تم التعبير عنه في الجامعات وفي شوارع لندن وباريس ونيويورك”[13]. ويتفق إيان بارميتر، الباحث في الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة الوطنية الأسترالية، مع التقدير بأن المنطقة تشهد الآن حالة من عدم اليقين، ذلك إن المشكلة الكبرى التي تحول دون وقف إطلاق النار هي “أن أهداف الحرب التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي لم تتحقق بعد”، علماً بأن “أعضاء اليمين المتطرف في حكومته هددوا بالاستقالة من الائتلاف الحاكم إذا وافق على وقف إطلاق النار قبل تدمير حماس كقوة قتالية، وهم يعتقدون أن حماس يمكن أن تستغل وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفها وتصبح مرة أخرى تهديداً خطيراً لإسرائيل”، كما هو يواجه “ضغوطاً متزايدة بشأن مصير الرهائن الإسرائيليين؛ فإذا لم يكن هناك وقف لإطلاق النار ومفاوضات لإطلاق سراحهم، فإن الاحتجاجات الكبيرة التي نظمتها عائلاتهم ومؤيدوها في إسرائيل في الأشهر الأخيرة سوف تستمر”. ومن ناحية ثانية، لا يزال بنيامين نتنياهو “يدرس الرد الذي وعدت به إسرائيل في أعقاب هجوم إيران الصاروخي على إيران في بداية أكتوبر؛ فإذا شنت إسرائيل هجوماً كبيراً، فماذا سيكون الرد الإيراني؟”. ومن ناحية ثالثة، هو يواجه موقف الولايات المتحدة، التي أوضحت “أنها تنظر إلى موت السنوار باعتباره مخرجاً لإسرائيل في قطاع غزة”، كما أصدرت مؤخراً “إنذاراً نهائياً لإسرائيل: إذا لم تصل المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة بحلول نهاية نوفمبر، فسيتم قطع جزء من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل”. لكن بنيامين نتنياهو أظهر في الماضي، كما يتابع الباحث، أنه “على استعداد تام للوقوف ضد إرادة الولايات المتحدة”، وسيكون “راضياً عن عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض”. ويتساءل الباحث في خاتمة مقاله: “ما هو المخرج الأكثر احتمالا”؟”، وذلك قبل أن يجيب: “بالنظر إلى كل هذه العوامل، فمن المرجح أن يعطي بنيامين نتنياهو الأولوية لاستقرار حكومته، وسوف يستمع أكثر إلى أعضائه اليمينيين المتطرفين من الأحزاب الدينية – وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير – على حساب الولايات المتحدة وعائلات الرهائن”[14].

وهكذا، وبينما تسيطر حالة عدم اليقين بشأن تطور الأحداث في المنطقة، يبدو أنه ليس في الأفق القريب ما يدعو إلى التفاؤل بنهاية النكبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جراء استمرار الحرب الإسرائيلية؛ أما يحيى السنوار، الذي كان لاستشهاده أصداء واسعة في صفوف الشعب الفلسطيني، فإن اسمه سيضاف إلى قائمة القادة الخالدين لهذا الشعب الذي لم يتوقف، منذ عقود طويلة، عن النضال من أجل حقوقه الوطنية فوق أرض وطنه-فلسطين.

[1] https://ismfrance.org/index.php/2024/10/18/yahya-sinwar-est-mort-en-combattant-israel-sa-mort-ne-vaincra-pas-le-hamas
[2] https://www.radiofrance.fr/franceculture/podcasts/les-enjeux-internationaux/mort-de-yahya-sinouar-quelles-consequences-sur-le-conflit-2649029
[3] https://www.lemonde.fr/international/article/2024/10/18/apres-la-mort-de-yahya-sinouar-les-pays-occidentaux-esperent-une-fin-du-conflit_6354686_3210.html
[4] https://www.courrierinternational.com/article/moyen-orient-la-mort-de-sinwar-marque-un-tournant-mais-pas-la-fin-de-la-guerre-a-gaza_223531
[5] https://www.lemonde.fr/international/article/2024/10/18/apres-la-mort-de-yahya-sinouar-les-pays-occidentaux-esperent-une-fin-du-conflit_6354686_3210.html
[6] https://information.tv5monde.com/international/les-tueries-se-poursuivent-gaza-rien-ne-change-apres-la-mort-de-sinouar-2744793;
https://www.lopinion.fr/international/les-tueries-se-poursuivent-a-gaza-rien-ne-change-apres-la-mort-de-yahya-sinouar
[7] https://www.la-croix.com/gaza-scenes-de-fin-du-monde-dans-jabalia-assiegee-20241013
[8] https://orientxxi.info/magazine/nord-de-gaza-l-extermination-methodique-des-habitants-de-jabaliya,7695
[9] https://www.lemonde.fr/international/article/2024/10/20/guerre-au-proche-orient-une-frappe-israelienne-dans-le-nord-de-la-bande-de-gaza-fait-au-moins-73-morts-selon-la-defense-civile_6356434_3210.html
[10] https://www.la-croix.com/a-vif/mort-de-yahya-sinwar-une-victoire-sans-lendemain-20241018
[11] https://www.lesechos.fr/monde/afrique-moyen-orient/guerre-a-gaza-les-inconnues-apres-lelimination-par-israel-du-chef-du-hamas-2126318
[12] https://ismfrance.org/index.php/2024/10/18/yahya-sinwar-est-mort-en-combattant-israel-sa-mort-ne-vaincra-pas-le-hamas
[13] https://www.revolutionpermanente.fr/Yahya-Sinwar-assassine-par-l-Etat-d-Israel-quelles-consequences
[14] https://theconversation.com/la-mort-du-leader-du-hamas-yahya-sinouar-est-un-moment-important-mais-ce-nest-pas-la-fin-de-la-guerre-241695

ماهر الشريف – مؤسسة الدراسات الفلسطينية

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد