اكتمل النقل بالزعرور كما يقول المثل الشعبي قبل أن نصير دولة منتدبَة، إنما من دون تصريح صلف من سلطة الانتداب. وصاية السفارات هي العنوان الحالي لحالتنا السيادية. في الداخل بكاؤون وفي الخارج بناؤون. البكاء لا يُغني والبناء على قدم وساق من دون لَبِنة لبنانية. التوقع الأكثر واقعية هي انتظار مزيد من الفوضى في لبنان. المخطط لم يعد بحاجة لمنجّم مغربي. مجتمع دولي يهدف الى اسقاط المقاومة عبر اسقاط لبنان. حَرفُ الوجهة من انقاذ لبنان الى تأليب اللبنانيين ضد بعضهم البعض. الليرة هي السكّين. الدولار هو المسدس. حياة الناس الكريمة هي العبوة. ماذا بعد؟
المرحلة المقبلة إلى مزيد من الانحدار. قلاقل أمنية متفرقة ستنتج عن الخطة. حشر مشروع مقاوم في زاروب القلّة والعوز والجوع. كلام سيد المقاومة أشار منذ أيام إلى الترياق. عزل المشروع الخبيث بجبهة إقليمية. القدس مقابل محور مقاومة يضمّ دول المواجهة. وحده والحالة هذه يحبط مشروع السفارات. المطلوب اجتماع سفارات مضادة، في بيروت وليس في أي عاصمة أخرى. نوع من حلف وارسو ضد الأطلسي بإستراتيجية واضحة. المشروع في غاية الخطورة. فشلت الحرب على سوريا. فشلت في غزّة. تراجعت في العراق. انهزمت في طهران. أطيح بها في اليمن. شرق أوسط جديد تتم بلورته وإحياؤه في أروقة اللوبيات والمخابرات لاعتماده خطة بديلة. منذ أيام وقَّع فلاديمير بوتين إستراتيجية الأمن القومي الروسي. يجب قراءتها بتمعن. روسيا الاتحادية نفسها تحت الحصار فكيف بدولة بحجم لبنان جيوسياسياً؟
سيتمّ تفعيل ماغنتسكي وقيصر مضافاً إليهما عقوبات ذكية من الاتحاد الأوروبي لتحقيق المخطط. سفيرتا فرنسا وأميركا في بيروت تضعان اللمسات الأخيرة عليه في الرياض. التوجه شرقاً لم يعد ترفاً. بات ضرورة حياة أو موت. داخلياً يجب التركيز العملي على هذه الخيارات. كسر عقدة الدولرة، فتح الدورة الاقتصادية على أبعاد مختلفة وفتح كوة في جدار الحصار. هذا هو العنوان المقبل. تمر الخطة بالتعطيل الشامل. تعطيل الاستحقاقات الدستورية في لبنان مرحلة أولى. لا انتخابات بلدية. لا تشريعية أيضاً وصولاً إلى فراغ في رئاسة الجمهورية. الفصل السابع حاضر ناظر. كل ذلك لخدمة إسرائيل ونقطة على السطر.
الإلهاء كلمة سرّ السفارات؛ من حليب الأطفال إلى الصيدلية ومحطة البنزين ورغيف الخبز. التجويع يتبعه التركيع. فكفكة المؤسسة العسكرية. تحضير الأرضية لجمعيات المجتمع الوثني وتغييب جمعيات نظيفة. إذا فشلت كل هذه سيذهبون إلى الاغتيال. الاغتيال أفضل تكتيك للتفكيك. محاولة تكرار سيناريو 2005 وإحداث منعطف إستراتيجي. نحن في مرحلة أخطر من عدوان 1996 وأشرس من حرب تموز 2006.
الدعوة الآن إلى جبهة إقليمية لحماية كيان لبنان. إذا أُطيحَ به سنكون أمام بلد ربما سيعمدون إلى تغيير اسمه ونظامه وإلى تحويل شعب بأكمله إلى سكان أو مستوطنين! مسؤولية كبرى تنتظر فكر ومقدرات المقاومة في المرحلة المقبلة. مؤتمر إقليمي عاجل يجمع محور المقاومة وحده يضبط إيقاع المواجهة ويعيد إليه القدرة على المبادرة. المقاومة في لبنان لم تعد تكفي. توسيع رقعة الردع وحده يُفشِل المخطط التدميري ويلزِم دول السفارات بمراجعة حساباتها. الدول لا تتحاور إلا مع القوي. علينا إلى جانب الحقّ أن نمتلك القوة وهي متاحة إقليمياً. بحاجة فقط إلى التكوّن كجسم منظّم.
إشراك أكبر شريحة من مكونات الشعب اللبناني أولاً. التمهيد بخلق رأي عام جديد خارج الاصطفاف الطائفي الضيق. استثناء اللاعبين الصغار من حملة دولار الارتهان. بعدها المضي في المواجهة الإعلامية والسياسية والعسكرية. من دون هذه الثوابت لن يبقى أي ثوابت. نحن في أول المنعطف. بيدنا أن نكون نحن المنعطف أو أن لا نكون. هذا آخر الكلام قبل سماع دوي قد يطيح بالجميع.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.