أن يكرّمك الغرب ويتوجّك بجوائز وألقاب ومناصب، يعني أنّك خنت بلادك، بشكل أو بآخر، وبعلمك أو من دونه؛ فلا جوائزه تُمنح لمن لا يقرّ له بسيادة على بقية الشعوب، ولا ألقابه تأتي مجّانًا، ولا مناصبه تُعطى بناء على الكفاءات والخبرات كما تقول كذبة الديمقراطية البلهاء.
وبعد، دعكم من دونية الجمل المشابهة لـ”تهمل حكوماتنا تكريم المبدعين ويكرّمهم الغرب” و”لا تعرف بلادنا قيمة مبدعيها فيعطيهم الغرب فرصة لإثبات أنفسهم”. وهذا لا يعني أن الحكومات هنا غير مقصّرة فعلًا، ولكن تقصيرها لا يبرّر الخيانات العظمى التي تثبت التورّط فيها هذه الجوائز والمناصب.
وكذلك دعكم من شوفينية “هجرة الأدمغة”، ومن سيناريو “اللبناني الذي حيثما وقع يقع واقفًا”، ومن تفاهة “قلّن إنّك لبناني”، ومن التعاطي مع الذات اللبنانية وكأنّها هويّة فريدة لا يمنحها الله إلّا لشعبٍ مختار، وربط كلّ هذه الترّهات بالفرص التي يمنحها الغرب للمهاجرين إليه. تلك الفرص ليست مجانية، هو يمنحهم أعمالًا تناسب ما يحتاجه، وما يجيدون فعله، أيّ يوظّفهم، ويشترط في توظيفهم بالحدّ الأدنى اطمئنانه إلى أنّهم لن يكونوا ضدّه حتى وهو يرتكب المجازر في بلدهم الأم.
طيّب، إلى صلب الموضوع، أمين معلوف، المطبّع الذي يستخدم الأدب في خدمة الصهيونية وأفكار السلام المخادع، والمطبّع، مرّة ثانية للتأكيد، الذي يسوّق لنفسه على قناة “اسرائيلية” من دون أدنى شعور ببشاعة هذا الارتكاب الثقافي، ومرّة ثالثة، المطبّع العتيق الذي شارك في وفد التفاوض على اتفاقية ١٧ أيار الخيانية.
المطبّع، ولو شئنا التدقيق لبلغنا بتكرار الكلمة مئات المرات ربطًا بارتكاباته التطببعية على مرّ سنين عمره الفرنسية الارتباط والسكن والانتماء، ولا نقول الهوية، لأن الغرب لا يمنح هويّته لموظفيه الذين يجد فيهم فائدة تُرجى له فيقتادهم من مستعمراته إلى مدنه، ويحسبون اقتيادهم فرصة لدماغ لبناني مهاجر.
اليوم، أمين معلوف هو الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية، وهو بلا شكّ منصب رفيع في فرنسا، ولا يبلغه إلّا من استغرب وتفرنس أكثر من الغربيين والفرنسيين أنفسهم.
ابتهج المصابون بوهم الجينات الفينيقية والشوفينية اللبنانية الذين تفاقمت أعراض إصاباتهم وأصبحت حرِجة وتستدعي التدخّل الطبي العاجل قبل إعلانهم من عديمي الأهلية بشكل تام ولا رجعة عنه.
منهم من اعتبر هذا “النيشان” على صدر معلوفهم شهادة فرنسية أصلية، وليست “تقليدًا” كتلك التي يعلقونها على جدران أنماط حياتهم وهم يتشدّقون بلغة فرنسية ركيكة كي يشعروا بتفوّق ما.
المساكين! “هؤلاء العنصريّون المتصهينون في ساحتنا الداخلية مرتزقة الخارج نحنا بمفهومهم جالية ايرانية أما “هني فنيقيين طالعين من صدف الأرجوان”، بصوت الحاج محمد رعد، بلغ أدرينالين فخرهم بمنصب يأتي لمعلوف مطبّع بعد مسار خياني ثقافي – على الأقل – طويل ومعتّق، ومن الطبيعي أن يكون هذا أعلى ما يبلغه خيلهم من المقدرة على الشعور بالفخر وبالعزّة. ومن الطبيعي أيضًا أنّ تشوّههم الثقافي يمنعهم بل يحرمهم من جمالية الشعور بعزّة الانتماء إلى الأرض وأهلها المقاومين.
ومنهم، من حاول استخدام هذا الخبر في سبيل تصوير تنفّسهم الصعداء بأن فرنسا لم تزل “أمّهم” – فيما لم يُصرّحوا حتى الساعة عن أبيهم – والدليل أنّها تولي أمينًا منهم تعلفه منذ سنين ويسديها خدمات “ثقافية وأدبية” غير مجانية طبعًا، تكفي لسدّ جوعه وتأمين مقتضيات حياة مترفة، هي أقصى ما يتمناه مَن لم يفهموا، رغم طوال مكوثهم في الدنيا، أن الإنسان خُلق ليكون أرقى من سائر الكائنات الحيّة، وأنّه حين يكفّ عن الارتقاء يصبح أي شيء آخر، ما عدا كونه إنسانًا.. قلْ يصبح مطبّعًا معلوفًا، مثلًا!
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.