“أرملة القش” .. إجراء عسكري روحه الخداع

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

“أرملة القش” هو بالأساس مصطلح استخدم في أوروبا منذ قرون، وله معانٍ و دلالات عدة، ومنها أنه يدل على المرأة التي تركها أو ابتعد عنها زوجها بسبب السفر للعمل أو الحرب، أو ما شابه، وهناك معانٍ ودلالات أخرى لهذا المصطلح، لكن دعونا من جدلية هذا المصطلح والذي اختلف فيه أهلُه، ولنذهب إلى ما يعنينا منه.

مصطلح “أرملة القش” عند جيش العدو الصهيوني يدل على إجراء عسكري لتقنية قتالية، وقيل إن الألمان استخدموه في الحرب العالمية الثانية.

تم تطوير هذا الإجراء في جيش العدو أثناء قتاله في جنوب لبنان، واستخدمه في الانتفاضتين الأولى والثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة – قبل اندحار العدو من القطاع – ومازال يستخدمه بكثافة في مناطق الضفة الغربية، وتم ارتقاء الكثير من الشهداء جراء كمين “أرملة القش”.

ويتضمن إجراء “أرملة القش” الاستيلاء على مبنى مدني والبقاء فيه لمدة ساعات أو أيام، حسب ما تتطلبه المهمة، وعادة ما يتضمن وضع قناصين في هذا المبنى لأغراض التغطية بنيران دقيقة وكذلك المُراقبة وجمع المعلومات، وستستخدم قوات العدو المدنيين الذين في داخل المبنى كدروع بشرية.

وينفذ جيش العدو الصهيوني عدة خطوات لإنجاز إجراء ‘أرملة القش”:
1-وصول القوات والسيطرة على المنزل:
حيث تقتحم قوة عسكرية المنزل، وعادة ما يكون في الليل وتتجنب القوة أن يكتشف المقاومون هذا التحرك حتى يتم تحقيق عنصر المفاجئة ضد المقاومين ولضمان أمن القوة في المنزل.
وفور الاستيلاء على المنزل، يوضع المواطنون الموجودون في إحدى الغرف، وتؤخذ منهم جميع وسائل الاتصال.

2-تجهيز المنزل للبقاء فيه والقتال منه:
وتشمل هذه المرحلة تحريك الأثاث وتأمين مداخل المنزل وفتح الشقوق أو الثغرات لأغراض الرماية والمراقبة ووضع شِباك التمويه داخل الغرفة التي سيتم إطلاق النار منها، إذ غالبا ما يتم وضع شِباك التمويه بشكل زاوية 45 درجة أمام النافذة أو الثغرة التي سيستخدمها الجنود لإطلاق النار، ويتم تعليق قطعة قماش داكنة اللون في الخلفية حتى يصعب رؤية الجنود من خارج الغرفة من خلال النافذة أو الثغرة. ويتم وضع بنادق هجومية وقناصة وأجهزة رؤية توفر استخبارات عسكرية ( بالمراقبة ) وتغطيتها بنيران دقيقة عند الضرورة، وفي الغالب كل هدف يطلق عليه النار من قِبل قناصين اثنين، ويمكن أن تتراوح فترة الإقامة في المنزل من بضع ساعات، إلى عدة أيام.

3- الانسحاب من المنزل بعد انتهاء المهمة.

تنبع أسباب استخدام إجراء “أرملة القش” من عدة احتياجات تشغيلية تكتيكية مثل:
– لأغراض الردع، فيتم نصب كمين من القناصة ضد المقاومين بهدف تنفيذ عمليات الاعتقال أو الاغتيالات.
– وكقوة تغطية أو تأمين ولأغراض المراقبة أثناء العملية، حيث يتم أحياناً تنفيذ إجراء “أرملة القش” في منزل يقع في نقطة قيادة ويوفر ميزة تكتيكية.
على سبيل المثال، أثناء اقتحام عسكري كبير، سيتم الاستيلاء على بيوت؛ مما يمنح جيش العدو ميزة في إطلاق النار والمراقبة لتأمين باقي القوات التي ستقوم بتنفيذ المهمة.

يستخدم أيضا هذا الإجراء لاستنزاف المقاومين من خلال تموضع كمين من القناصة في أحد المنازل، وتظاهر قوة أخرى من الجيش بالاقتحام من أحد المحاور، ويخرج المقاومون للتصدي لها ثم يتم قنصهم، وهذا حدث في قطاع غزة وجنوب لبنان قبل اندحار العدو منهما ويطبق الآن في الضفة الغربية.

يجب أن تتوفر في المنزل الذي يتم إجراء “أرملة القش” فيه عدة مواصفات: كأن يكون موفرا للمراقبة الجيدة على المُقتربات التي تخدم المهمة وأن يسيطر بالمراقبة والنيران على الأماكن المستهدفة، وأن يوفر الحماية للجنود بداخله فلا يمكن أن يكون مبنيا من الصفيح مثلا.

بالمحصلة: هناك عنصر مهم في تنفيذ إجراء “أرملة القش” يقوم به العدو لإنجاح كمينه، وبفهم هذا العنصر ستقوم بإدارة المعركة ضد قوات العدو والاشتباك بكفاءة وفاعلية.
وهذا العنصر هو عنصر الخداع وهو رابع مبدأ من مبادئ الحرب عند جيش العدو الصهيوني.

لم يُذكر أن جيش العدو شن أي حرب أو عملية عسكرية ولم يستخدم الخداع فيها، وهذا على الرغم من تفوقه العسكري الكبير على المقاومة الفلسطينية.

مبدأ الخداع هو روح كمين “أرملة القش”
كيف؟!
تقوم قوات العدو بعملية الاستطلاع بالقوة؛ من خلال تمرير هدف مُغرٍ للمقاومين ليخرجوا ويطلقوا النار عليه، ومن ثم يتم انكشافهم ويتم استهدافهم فمثلا: يتم استخدام جيب مُصفّح تابع للجيش كطُعم، ويقوم بجولات داخل منطقة “القتل” المُعدة مسبقاً والتي ستكون تحت نيران القناصة.
يجب أن يناسب الطُعم بيئة الاشتباك ونوعية السلاح الموجود لدى المقاومين؛ يعني لن يتم إدخال جيب عسكري في منطقة فيها سلاح مضاد للدروع.

دعوني أمرر لكم شيئاً مما قرأته لتصريح أحد ضباط جيش العدو الذين شاركوا في تنفيذ كمين “أرملة القش”، يقول الضابط: “لا أريد أن أصفهم بأنهم غير حكيمين ولا يجب أن نقلل من شأن عدونا أبداً، ولكن في بعض الأحيان يكون عدم قدرتهم على تعلم الدروس أمراً مُحيراً حقاً”.

هل بعد هذه المُعطيات سنبقى دون مراجعة لأسلوبنا في المواجهة؟! ماذا لو غيرنا من تكتيكنا وقُلنا إن الحل هو عدم الخروج إلى الاشتباك مع جنود جيش العدو إلا في المسافات القريبة جداً وأن تكون المواجهة داخل الأماكن غير المكشوفة لنيران القناصة. ماذا لو عملنا على إنشاء أماكن لتمركز قناصة من المقاومين؟. وقد فهمنا شيئاً من أساليب التمويه، ماذا لو وفّرنا ذخيرتنا ولم نطلق النار إلاّ إذا كنا متأكدين من إحراز إصابات في العدو؟!.

جبريل جبريل – الهدهد

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد