قصة الصاروخ الروسي العتيق الذي جعل أوكرانيا لا تنام، وهل يمكن للباتريوت وقفه؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تبدو أوكرانيا رغم الدعم الغربي الكبير، عاجزة عن وقف الصاروخ KH-22 الذي يوصف بـ”قاتل حاملات الطائرات” والذي باتت روسيا تستخدمه في الحرب بكثافة، رغم أنه يعود للستينيات، مما أدى إلى خسائر بشرية كبيرة في أوساط المدنيين المدنيين الأوكرانيين.

وأطلقت القوات الروسية هذا الصاروخ الكبير المضاد للسفن صوب منطقة سكنية في دنيبرو بوسط أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين في واحدة من أكثر الهجمات دموية على غير المقاتلين في الحرب حتى الآن، حسب وصف موقع Business Insider  الأمريكي.

ويوم السبت، أطلقت القوات الروسية صاروخاً من طراز Kh-22 والذي حدده الناتو على أنه نسخة AS-4 Kitchen، سقط في منطقة سكنية يمدينة دنيبرو الرئيسية، التي كان عدد سكانها قبل الحرب ما يقرب من مليون شخص. 

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن 45 شخصاً قُتلوا وأصيب 79 في الضربة التي ألحقت أضراراً أو دمرت أكثر من 300 وحدة سكنية.

وقال مكتب المدعي العام الأوكراني، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، إن “هذا النوع من الصواريخ يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، لأن الصاروخ غير دقيق للغاية”. لذلك، من الواضح أن استخدام مثل هذه الأسلحة لأهداف في مناطق مكتظة بالسكان يعد جريمة حرب.

والصاروخ Kh-22 صاروخ مضاد للسفن يعود للستينيات، حصل بمرور الوقت، على لقب “قاتل حاملة طائرات”، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian times الهندي.

أطلق من قاذفات استراتيجية 

خلال الهجمات الصاروخية الواسعة النطاق التي تسببت في دمار هائل، تم إطلاق خمسة صواريخ كروز من طراز Kh-22 من خمس قاذفات روسية بعيدة المدى من طراز Tu-22M3.

في وقت لاحق، تم إطلاق مزيد من الصواريخ من بحر آزوف ومقاطعة كورسك الروسية.

مساء يوم 14 يناير/كانون الثاني، أصاب أحد صواريخ Kh-22 التي تم إطلاقها من كورسك، مبنى سكنياً مرتفعاً في مدينة دنيبرو.

الصاروخ KH-22

تم تحديد موقع إطلاق الصاروخ وارتفاعه وسرعته تقريباً بواسطة الرادارات الأوكرانية.

ولكن من بين 210 صواريخ أطلق عليها، لم تستطع أوكرانيا إسقاط مجرد واحد فقط.

وقال سلاح الجو الأوكراني: “إن البلاد ليست لديها قوة نيران قادرة على إسقاط هذا النوع من الصواريخ”.

لماذا يسبب خسائر كبيرة في صفوف المدنيين؟

يمكن للصاروخ Kh-22 أن يخطئ هدفه المقصود بمئات الأمتار، ومع ذلك فإن مداه الأقصى يصل إلى 600 كيلومتر، حسبما لاحظت قيادة القوات الجوية الأوكرانية.

وبسبب معدل الخطأ الواسع، أثبتت هذه الصواريخ أنها غير دقيقة بشكل لا يصدق، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان. كثيراً ما تصيب صواريخ Kh-22 أهدافاً مدنية بينما تخفق عدة مئات من الأمتار في أهدافها، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian times.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن صاروخ KH-22 المستخدم في الهجوم “غير دقيق بشكل سيئ السمعة”.

وقال أحد الخبراء الأمنيين لموقع business insider  الأمريكي، إن هذا السلاح الذي ينتمي إلى الحقبة السوفييتية يمكن أن يسبب كثيراً من الأضرار الجانبية.

بعد يوم من استهداف مبنى من تسعة طوابق بهجوم مميت في دنيبرو، مما أدى إلى تحويل العديد من الطوابق إلى حطام مشتعل، قال الجيش الأوكراني إن البلاد ليس لديها دفاع ضد الصاروخ Kh-22 الذي أطلق على المبنى.

وقال الجيش الأوكراني إنه بفضل قدرته على السفر لمئات الأميال، يمكن للصاروخ Kh-22 أن ينحرف بسهولة عن الهدف المقصود بمئات الأمتار.

المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إحنات، قال: “هذا الصاروخ برأس حربي وزنه 950 كغم (2000 رطل)، والذي يطلق عليه (قاتل حاملة الطائرات)، مصمم لتدمير مجموعات حاملات الطائرات في البحر”.

وقال إيان ويليامز، نائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لموقع Business Insider الأمريكي، إن الصاروخ يمكن أن يكون مجهزاً بعنصر نووي. واستنكر استخدام مثل هذا الصاروخ لضرب مدينة مكتظة بالسكان، وقال إنه لا يوجد أي تفسير أو تبرير لهذا العمل الإرهابي”، حسب تعبيره.

أضاف ويليامز: “إنه صاروخ ضخم، إنه كبير حقاً”. “لذا فإن أي استخدام له في بيئة حضرية كهذه، حتى لو تم الاصطدام به بشكل مباشر، فسيكون هناك كثير من الأضرار الجانبية”.

وحتى لو أصاب الهدف المقصود، فمن المحتمل أن تتسبب القدرة التدميرية لهذا الصاروخ في كثير من الدمار الإضافي.

لهذا السبب يعاني من نقص هائل في الدقة بالمدن المكتظة

الصاروخ Kh-22 يسترشد برادار غير متطور يهدف إلى اكتشاف سفينة على خلفية بسيطة نسبياً في المياه، أي لا توجد أهداف كثيرة أو منشآت مرتفعة أو تضاريس معقدة، حسب ويليامز.

ولكن على الأرض، يواجه باحث الرادار بالصاروخ مشكلة في التمييز بين الأهداف، خاصة في منطقة حضرية حيث يمكن أن يؤدي اصطدام موجات الرادار بهياكل مثل المباني وأبراج المكاتب وعودتها لمصدر انبعاثها إلى أخطاء في تحديد المواقع.

لماذا تستخدم روسيا هذا الصاروخ رغم عدم دقته؟

من غير الواضح ما إذا كانت روسيا تعمدت استهداف المجمع السكني، أو هدف أقل عملية، أو ما إذا كانت هذه الضربة موجهة لشبكة الكهرباء الأوكرانية، حسبما ورد في تقرير الموقع الأمريكي.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية، هذا الأسبوع، إن صواريخ مثل KH-22 “غير مناسبة لضرب دقيق”، مضيفةً أن “الأدلة من حرب أوكرانيا تشير إلى أن الخلل في قدرة الضربة بعيدة المدى لروسيا أكثر عمقاً، والوصول إلى تقييم سريع ودقيق لأضرار المعركة”.

وقال ويليامز إن إطلاق صاروخ Kh-22 على أوكرانيا “يشير بالتأكيد إلى عدم اهتمامهم بالآثار المحتملة للذخائر التي يستخدمونها”، وأن موسكو التي لم تتورع عن شن هجمات على مراكز سكانية مكتظة بالسكان في المناطق الحضرية، قد وضعت المدنيين الأوكرانيين باستمرار في طريق الأذى، حسب تعبيره.

كما أن استخدام روسيا للصاروخ Kh-22 يثير أيضاً تساؤلات حول مخزونات روسيا من الذخائر الدقيقة، التي وصفها المسؤولون والخبراء الغربيون سابقاً بأنها متضائلة ومنخفضة الإمداد. 

على الرغم من أن هذا قد يكون هو الحال، فربما لا يزال لدى الكرملين أيضاً مئات من هذه الصواريخ المتبقية في ترسانته، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة الأنباء الأوكرانية الحكومية Ukrinform.

لماذا يصعب إسقاطه؟

عادةً ما يتم إطلاق هذا الصاروخ الذي يعمل بالوقود السائل، من قاذفة استراتيجية من طراز توبوليف Tu-22 M3 تحلّق بسرعة ماخ 1.5، وتوفر سرعة الطائرة دفعاً إضافياً للصاروخ فيتسارع إلى 3 ماخ قبل أن يهبط نحو هدفه. 

ثم ينخفض ​​الصاروخ بشكل حاد ويصل إلى سرعة قصوى تقارب 4 ماخ خلال مرحلته النهائية.

النسخة الأكثر انتشاراً من صاروخ Kh-22 هي Kh-22N. وتستطيع قاذفات Tupolev Tu-22M3 الروسية حمل ما يصل إلى ثلاثة من هذه الصواريخ وإطلاقها من مسافات بعيدة؛ لضمان عدم تعرضها لخطر الدفاعات الجوية.

صاروخ KH-22 مثبت على قاذفة من طراز تويبولوف 22/ويكيبيديا

وقال ويليامز إن من الصعب اعتراض هذا الصاروخ؛ لأنه يتحرك على ارتفاع عالٍ وبسرعة تفوق سرعة الصوت، مما يشكل تحدياً لأنظمة الدفاع الجوي، خاصةً تلك الأقصر مدى، مثل تلك التي تستخدمها أوكرانيا لصد هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة.

وقال: “يمكن أن يساعدك تنوع الصواريخ التي تستخدمها روسيا، وملفات تعريف الطيران في التغلب على دفاع جوي قوي”.

وأوضح أن هذه الطريقة تشكل تحدياً لأنظمة الدفاع الجوي، لأن الرادارات تركز على قطاعات معينة من السماء. لذلك، إذا كان الاهتمام في الأفق، فقد تتجاهل الدفاعات التهديدات على ارتفاعات أعلى، وإذا تم تركيز الانتباه بشكل كبير على مسار الصاروخ Kh-22، فقد تمر التهديدات عبر مستوى أدنى. 

لماذا يتسم الصاروخ Kh-22 بعدم الدقة رغم أنه مخصص لاصطياد حاملات الطائرات؟

يبدو كون الصاروخ مخصصاً لتدمير حاملات الطائرات وغير دقيق في الوقت ذاته، أمراً غريباً بالنظر إلى أن حاملات الطائرات أهداف ليست مساحة سطحية كبيرة وتتحرك، ومن ثم يجب أن تُضرب بصواريخ دقيقة.

وإضافة لصعوبة لأن أسهل بالنسبة لرادار القديم التعرف على الأهداف في البيئة البحرية الخالية من التضاريس والمباني، فقد يكون السبب أيضاً أن الصاروخ يمكن أن يكون مجهزاً برأس نووي.

وكان Kh-22 يعتبر صاروخاً مضاداً للسفن بعيد المدى في وقت تقديمه خلال ستينيات القرن العشرين. 

كانت مهمة الصاروخ Kh-22 الأساسية هي استخدام حمولته للقضاء على حاملات الطائرات والمجموعات القتالية البحرية الأمريكية.

وكان على صاروخ Kh-22 Burya (العاصفة) إيصال رأس حربي نووي، في الستينيات حيث كان إنتاج صواريخ دقيقة لدرجة ضرب حاملة طائرات برؤوس تقليدية، وهي تتحرك، مسألة صعبة خاصة بالنسبة للاتحاد السوفييتي.

ولذلك يبدو أن السوفييت وجدوا الحل في تحميل رأس نووي عليه بما يضمن تحقيق تدمير واسع النطاق يقضي على حاملة الطائرات المستهدفة وقد يصل التدمير للسفن المرافقة لها.

ويعتقد أن إفراط السوفييت خلال أشد فترات الحرب الباردة توتراً، في اعتقاد أن المعركة القادمة سوف تكون مع الولايات المتحدة والناتو وسوف تكون نووية حتماً، وما ترتب على ذلك من التركيز على الأسلحة الملائمة للتدمير النووي واسع النطاق على حساب الأسلحة التقليدية الدقيقة، قد أخّر تصميمات الأسلحة السوفيتية في بعض الأوقات.

وتم إنشاء العديد من متغيرات Kh-22 بعد وقت قصير من ظهوره لأول مرة. تم إجراء بعض المتغيرات مع وضع الأهداف السطحية في الاعتبار. 

يمكن لهذا الصاروخ أن يستهدف السدود والجسور والأهداف الاستراتيجية الأخرى. استخدمت صواريخ Kh-22 التي تطلق من الجو برؤوس حربية تقليدية بانتظام ضد أهداف أوكرانية في عام 2022 أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا.

هل تستطيع أوكرانيا إسقاطه بصواريخ باتريوت؟

على الرغم من أن نظام تحديد الهوية الأوكراني متقدم بما يكفي للتعرف على الصواريخ من طراز Kh-22 التي تقترب من أجوائها، فإن كييف لم تسقط أحدها بنجاح، حتى الآن. 

وأعلنت كل من الولايات المتحدة وألمانيا عن بطارية دفاع صاروخي PAC-3 باتريوت لأوكرانيا. وحسبما ورد سيبدأ ما يصل إلى 100 جندي أوكراني التدريب على أنظمة الدفاع الصاروخي، هذا الأسبوع، في فورت سيل بأوكلاهوما.

إضافة إلى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الأوكرانية مؤخراً أن إيطاليا وافقت أخيراً على إرسال نظام الدفاع الجوي SAMP-T المتطور لتعزيز الدفاع الجوي في كييف.

وقال قائد القوات الجوية الأوكرانية: “فقط أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، التي قد يتم توفيرها في المستقبل لأوكرانيا من قبل الشركاء الغربيين- في إشارة إلى أنظمة مثل Patriot PAC-3 أو SAMP-T- هي القادرة على اعتراض مثل هذه الصواريخ”.

ويبدو أن كييف تريد توظيف التدمير الذي سببه هذا الصاروخ لتسريع وتوسيع الدعم الغربي في مجال الأنظمة الدفاعية الجوية.

ولكن حتى لو كان باتريوت قادراً على إسقاط نسبة كبيرة من هذه الصواريخ، فإن معدل نجاحه سيكون أقل من نسبة ما أسقطه من صواريخ سكود الأبطأ من الصوت والتي اشتهر بالتصدي لها خلال حرب الخليج.

كما أن التدمير الواسع الذي يلحقه الصاروخ Kh-22 يعني أن العدد الذي يستطيع المرور منه عبر منظومة الباتريوت سيكون مدمراً، في مؤشر على أن الحرب الأوكرانية قد تكون على موعد مع مزيد من الفصول القاسية.

عربي بوست

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد