يديعوت أحرنوت: “إسرائيل” في ذروة ضعفها

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

كشفت جلسة التصويت على تشكيل “حكومة التغيير” عن حجم الانقسام السياسي داخل الكنيست، على حد يمكن اعتبار مَن كانوا داخل الجلسة عبارة عن معسكرين لا أفرقاء سياسيين، وترجم هذا الانقسام بمقاطعة الموالين لنتنياهو كلمة نفتالي بينيت وطرد نواب آخرين، إضافة لخطاب نتنياهو المليء “بالأكاذيب والتحريض والتخويف”.

صحيفة يديعوت أحرنوت في مقال لها اعتبرت ان “أداء حكومة بينيت – لابيد اليمين سيُذكر بشكلٍ أساسي كحفلة رعب جرت في الجلسة العامة للكنيست، لم يسبق ان رأينا مثلها هنا أبداً”. معتبرة ان بنيامين نتنياهو تكلّم مثل “مثل ألد أعداء دولة إسرائيل” وان “كل ما كان ينقص هو أن يشجّع إيران أو حزب الله على مهاجمتنا الآن فيما “إسرائيل” في ذروة ضعفها”.

النص المترجم:

كان يكفي رؤية وجوه الوزراء السابقين شطاينيتس وإدلشتاين وهانغبي وكاتس، كي نفهم أنهم حتى هم شعروا بالخجل. إنها ليست الحكومة الجديدة التي تعرّض أمن “إسرائيل” لخطر، إنه رئيس الحكومة المنصرف.

“إسرائيل” افترقت، أمس، عن رئيس حكومتها في السنوات الـ12 الأخيرة. الشاشة الواقعية انقسمت إلى قسمين: من جانب القدس، ومن الجانب الآخر تل أبيب. في جانب صدمة الفراق، وفي الجانب الثاني احتفالات الفرح. من جانب شعور الخراب، ومن الجانب الثاني غبطة والشعور بمعجزة.

لا يسع المقام تفصيل من هم الأشخاص الذين من دونهم لم يكن لهذا أن يحصل. هذا سيكون موضع بحثٍ موسّع. لكن شيئًا واحداً يمكن قوله من الآن: بخلاف مغادرة نتنياهو لمكتب رئيس الحكومة في سنة 1999، وحينها اشتهرت مقولة (الأديب) عاموس عوز عن الهدوء الذي ساد بعد رحيله (وكأن كومبرسور أرعد تحت النافذة وسكت فجأة) – لن يكون هدوء هنا، ولا حتى للحظة.

أداء حكومة بينيت – لابيد اليمين سيُذكر بشكلٍ أساسي كحفلة رعب جرت في الجلسة العامة للكنيست، لم يسبق ان رأينا مثلها هنا أبداً. بيد أنه لن يكون هناك شيء أكثر نجاعة لناحية تعزيز قيادة رئيس الحكومة الجديد نفتالي بينيت من الحدث الذي وقف أمامه أمس في الجلسة. إذا كان لا يزال هناك حاجة لدليل على مدى إلحاحية استبدال رئيس الحكومة هذا (نتنياهو)، فهو حفلة الرعب هذه. يمكن القول إن كتلة الليكود، وعلى رأسها طائفة الصراخ ماي غولان وغاليت ديستل-أتبريان، فيما وزيرة النقل المنصرفة (ميري ريغف) تعلك مثل آخر البقالين – رفعت مستوى بينيت بطريقة لم يكن ليفعلها أي خطاب.

ولا نخلطن الأمور. هذا لم يكن الليكود. هذا كان “طائفة البيبيين” التي صرخت هناك. هي نفسها الطائفة التي أوصلت الليكود إلى ما وصل إليه. وخلفها أجج وتابعها أعضاء الكنيست من الصهيونية الدينية الذين رفعوا لافتات مع صور ضحايا – (تجاوز) خط أحمر إضافي في الاستخدام المتهكم لأغراض سياسية، والذين أُخرجوا من القاعة، وصرخات مَسْكَنة من أعضاء الكنيست الحريديم. فيما طوال الوقت رئيس الحكومة (نتنياهو) لم يحرّك ساكناً للتهدئة. كان يكفي رؤية وجوه الوزراء السابقين – شطاينيتس، إدلشتاين، هانغبي، وكاتس، وحتى بيتون – كي نفهم حجم الخجل الذي حتى هم شعروا به. بخلاف حادثة تلة الكابيتول (الكونغرس الأميركي) في واشنطن التي جاءت من الشارع، حادثة الأمس في الكنيست كانت بأكملها من صنع البيت. بيت المشرّعين.

عار، ليس هناك كلمة أخرى تصف ما حصل أمس في حفل تبادل السلطة. ككثيرين من زملائي، شهدتُ الكثير من استبدال حكومات. أبداً لم يسبق أن كان هناك مشهد مهين إلى هذا الحد، غير لبق، غياب الرسمية والاحترام للموقف مثلما كان أمس في جلسة الكنيست. محاولة نتنياهو لإعطائه صلاحية تاريخية، هولوكوستية، مع تنويهٍ بكلمة غدعون هاوزر في محاكمة آيخمان، “أنا أقف هنا باسم مليون مواطن”، كانت داحضة بسبب انعدام إدراكه بحيث أنه من الصعب أن نقرر هل نبكي أم نضحك.

وإذا لم يكن هذا كافياً، بدل التغلّب على غريزته وتهنئة الحكومة الجديدة وتمنّي النجاح لها وللدولة – لم ينتظر حتى دقيقة واحدة وألقى أحد خطاباته الانتخابية. خطاب مُكابد، مليء بالرحمة الذاتية، نسخة مكررة من أنا ولا أحد سواي، يعج بأكاذيب وتحريفات ويجمع كل العناصر الدائمة في خطاباته: التخويف، التحريض، الشتم، وإثارة النعرات. نسخة أخرى موسّعة لإنجازاته كمقاتل وقائد في السييرت متكال، بما في ذلك جراحه في الجيش (حقًا؟ إلى متى؟)، فيما دافعه واحد: سيعود.

مثل ألد أعداء دولة “إسرائيل”، تحدث عن حكومة ضعيفة وركيكة، حكومة خطيرة لن تصمد أمام التحديات، واستهزأ بعدم خبرة وملاءمة رئيس الحكومة الجديد وعن وهنه أمام الإدارة الأميركية. تعبيراته في موضوع النووي لم تكن أقل من فضائحية: زعم أن “إسرائيل” تعارض الاتفاق النووي الإيراني – الأميركي، وحوّل الخصام مع بايدن إلى هدفٍ وطني. وإذا لم يكن هذا كافياً، حدّد أنهم في إيران يحتفلون باستبدال الحكومة. كل ما كان ينقص هو أن يشجّع إيران أو حزب الله على مهاجمتنا الآن فيما “إسرائيل” في ذروة ضعفها.

كلا، ليست الحكومة الجديدة هي من تعرّض أمن “إسرائيل” لخطر. إنه رئيس الحكومة المنصرف.

على هذه الخلفية برز بينيت الذي وقف ببرودة أعصاب أمام المعربدين. قدّم احتراماً للحكومة المنصرفة، وفي الأساس ذكر ودلل كل واحدٍ من شركائه، على النقيض التام من سلفه الذي اعتاد تجاهل أو تصغير كل من ليس هو.

ما كاد يُفسد الفرحة في معسكر التغيير كان وجه وزير الأمن بيني غانتس. لو أن أحداً غير مطّلع على غياهب السياسة وهبط أمس في جلسة الكنيست، لكان اعتقد أن غانتس هو في معسكر الخاسرين. ربما يكون غانتس قد تعلّم الكثير في السنتين الأخيرتين، لكنه لم يتعلّم كتم مشاعره. على الأرجح تعتصره الحسرة فيما هو يرى بينيت ولابيد يجلسان على كرسي رئيس الحكومة، المكان الذي يعتقد انه كان في متناوله.

لكن يبدو لي أن ما كان واضحاً، أمس، لبينيت أيضاً، هو أنه أنهى طريقه وسط قاعدته. ما رأيناه أمس على منبر الكنيست هو صورة فك ارتباطه عنها. مظهر وجهه كان مطهر استفاقة. في الفترة القريبة سيكون عليه أن يبني لنفسه جمهور ناخبين جدد. إذا أحسن شق طريقه والوصول إلى مركز – يمين ليبرالي، يمكنه أن يؤسس نفسه بصورة مثيرة للانطباع.

موقع الدرج

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد