‏آلاء الصديق.. معارضة إماراتية أخرى تلقى حتفها في لندن

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

“أحب بلدي، وعندما يتغير الوضع سأعود.. لا أحب أن أوصف بلاجئة، أنا أرى نفسي ناجية”.

اختصرت الحقوقية الإماراتية مراراتها، من الظلم المستبد ببلادها، والغربة المفروضة عليها بحكم الظروف السياسية الحاكمة لوطنها، واللجوء الذي لم يكن خياراً بل سبيلاً وحيداً للنجاة. هي كلمات آلاء الصديق تختصر قصة الإمارات عموماً، وثّقتها ورحلت.

صادماً أتى نبأ رحيل أبرز الحقوقيات في الامارات آلاء الصديق، المطاردة من قبل سلطات أبو ظبي.
المديرة التنفيذية لمؤسسة القسط لحقوق الإنسان، تم نعيها بعد تعرضها لحادث سير في العاصمة البريطانية لندن أودى بحياتها.

والراحلة هي ابنة الداعية الإماراتي محمد عبد الرزاق الصديق، المعتقل في السجون الاماراتية، على خلفية ما يعرف بقضية “الإمارات 94 “، نسبة لمحاكمة 94 شخصية من المنتمين لجمعية دعوة الاصلاح، أتت بمثابة إشهار الطلاق البيني بين أبو ظبي والإخوان المسلمين في الداخل.

بعد عام من اعتقاله انطلقت جلسات محاكمة استاذ الشريعة الاماراتي محمد الصديق، قبل أن يصدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات، والبقاء تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات لاحقة، وليحرم بعدها من حق الاستئناف أمام سلطة قضائية أعلى.

في أحد الفيديوهات قالت آلاء الصديق إن والدها اتهم “بإنشاء تنظيم سري مع أنه لم يعمل يوماً بالسر… هو عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو هيئات شرعية في بنوك اسلامية، أنشطته كلها علنية. في أبريل (نيسان) 2012، اعتقل من بعد تضييقات عديدة”.

أُخرج الداعية الاماراتي المعتقل من جامعة الامارات والشارقة، ومُنع من الخطابة والسفر، وكسياسة عقاب طال العائلة ككل، مُنع أبناؤه من العمل ومن الاستفادة من المنح الدراسية، وانتزعت الجنسية الإماراتية من العائلة. تسرد الراحلة آلاء الصديق ما عايشته العائلة: “مُنعنا من العلاج والحصول على الرُخص، جُمّدت أملاكنا وشُنت على الوالد وعلينا حملات اعلامية لتشويه سمعتنا، وتوجهنا لكل الجهات في الدولة ورفعنا للقضاء قضية لم تسجل، وتم تخيير الوالد بين السفر وأخذ جنسية أخرى أو السجن، واختار والدي السجن حباً ورفضا للتنازل عن بلاده”.

وفي مداخلة أخرى قالت آلاء الصديق: “أخشى ألا يخرج والدي بعد أن ينهي محكوميته، لأن مراكز المناصحة التي أوردها قانون مكافحة الإرهاب عام 2014، تعطي الصلاحية باحتجاز سجناء قضايا الإرهاب بعد انتهاء محكوميتهم ودون مدة محددة كما حصل مع آخرين ممن انهوا محكوميتهم”. هكذا كانت الحقوقية الاماراتية توظف كل الفرص للتعريف بقضية والدها التي تختصر قضايا العشرات ممن زجوا في السجون نتيجة القرار الاماراتي بالمضي إلى النهاية في حرب أعلنتها ضد الاخوان المسلمين، مستثمرة تحركات ما سُمي بـ “الربيع العربي” وما استتبعه من مجريات.

عام 2013 غادرت آلاء الصديق الأراضي الاماراتية، نحو القضية التي جنّدت لها الوقت والجهد والاهتمام… قضية المعتقلين في السجون الاماراتية، ولاحقا قضايا معتقلين في سجون الدول الخليجية عموماً. كانت قطر الوجهة الأولى للصديق وزوجها، قبل أن تنتقل إلى تركيا ومنها إلى بريطانيا لطلب اللجوء السياسي. عملت الصديق كمديرة لديوان لندن، المعني بالقضايا الحقوقية في الخليج، ثم تسلمت إدارة منظمة القسط لحقوق الإنسان، المهتمة بمعتقلي الرأي في الخليج، وبرز اسمها مؤخراً في فعاليات رفض التطبيع الخليجي الذي دشنته الإمارات والبحرين.

طاردت السلطة الإماراتية آلاء الصديق بعد عمليات التضييق على عائلتها. وفي العام 2018 كشف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن ولي عهد أبو ظبي أرسل في العام 2015 مبعوثا لأمير قطر طالبه بتسليم آلاء الصديق إلى الإمارات، لكن الطلب قوبل بالرفض مراكماً أسباب تفجر الأزمة الخليجية بعدها.

خبر وفاة الصديق في العاصمة البريطانية دفع بالبعض للمطالبة بفتح تحقيق حول ما إذا كانت الحقوقية الإماراتية المعارضة قد تعرضت إلى تصفية، ليُعاد التذكير بأسماء لمعارضين أو شخصيات لاحقتهم أبو ظبي قبل أن يعلن عن خطفهم أو وفاتهم في ظروف غامضة في بريطانيا، كابنة حاكم دبي “الشيخة شمسه” التي اختطفت عام 2000 من أحد شوارع كامبريدج، وانقطعت أخبارها بشكل نهائي فيما بعد، أو الكاتبة الاماراتية المعارضة فايزة البريكي، التي أعلن عن وفاتها مع ابنها في العاصمة البريطانية عام 2016. ومرة جديدة أعيد التذكير بقضية وفاة نجل حاكم الشارقة بظروف غامضة في شقته بلندن.

والحديث عن امكانية أن تكون الصديق قد تعرضت لعملية تصفية على يد جهاز أمني اماراتي، لم تتبنه منظمة القسط التي سارعت لإصدار بيان قالت فيه إنها تابعت ظروف الحادث مع الجهات المختصة “ولا ترى أي شبهات جنائية في الحادث”. كلام دفع بالمعارض السعودي، المقيم في لندن، سلطان العبدلي للتعليق متسائلاً: “من المستفيد من عدم الإبقاء على الاشتباه أن البطلة آلاء الصديق قتلها ابن ناقص؟ ألا تركوا الاسكوتلاند يارد (جهاز حفظ الأمن في لندن) تشوف شغلها؟ ألا تركوا الـMI6 (جهاز الاستخبارات البريطاني) تكمل تحقيقاتها؟ الإصرار غير مفهوم وبسرعة البرق ولم تجف أحبار المحققين بعد”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد