تعرّفوا على فؤاد مخزومي: التصويب على المقاومة مُربح خليجيًا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

من المعروف أنه في خلال فترة ما قبل الانتخابات النيابية، وفي أي بلدٍ كان، يقدّم المرشحون للناخبين والشعب عامةً، مجموعة من البرامج الانتخابية التي تتضمن عددًا من مشاريع الإصلاحات والخطط والتطلّعات المستقبلية التي يحضّرها المرشح لخدمة أبناء بلده عامّةً من دون استثناء، سواء في المجال الخدماتي أو التربوي أو الصحي أو السياحي أو الاجتماعي وغيرها. أما هنا، في لبنان، فيختلف الوضع القائم في فترة ما قبل الانتخابات وبعدها وفي خلالها، حيث تتواجد مجموعة من اللبنانيين الذين يميلون حيث التمويل يميل. ففي حين يغوص الشعب اللبناني في بحر المعاناة بسبب الوضع المعيشي المزري، والأزمة الاقتصادية والسياسية التي يواجهها لبنان، والتي تفاقمت منذ ثلاث سنوات، واستحكمت بعد انفجار المرفأ في الرابع من آب 2020، ترى الكثير من المرشحين يميلون إلى حيث التمويل السخي، فلا يشغلهم سوى تصويب أصابع الاتهامات إلى حزب اللّه، والدعوة لسحب سلاح المقاومة، معلنين أن هذا السلاح وحده يتحمل مسؤولية كل ما آلت إليه البلاد منذ 30 عامًا وحتى اليوم. وقد كان النائب فؤاد مخزومي، من بين المرشّحين الأكثر توجّهًا باتّهاماته نحو حزب اللّه، فقد أعلن أن هدف ترشّحه للانتخابات هو فقط وفقط “نزع سلاح المقاومة غير الشرعي”.

تعالوا معنا إلى هذه الإطلالة السريعة لنتعرّف على فؤاد مخزومي، وعلى بعضٍ من مناقبيته التي كشفها برنامج “المحطة” الذي يُبثّ على مواقع التواصل الاجتماعي.

  • ربطت النائب فؤاد مخزومي علاقة صداقة وطيدة وشراكة تجارية مع أحد وزراء الدفاع البريطانيين السابقين وهو جونسون إيتكون (Jonathan Aitken) الذي أدين بملفات فساد. لقد تسببت هذه العلاقة باستقالة الوزير البريطاني من منصبه عام 1995 وسجنه لاحقًا بسبب صفقة سلاح مشبوهة. وذكرت صحيفة “ذا غارديان (The Guardian)” البريطانية هذه الصفقة في مقال نُشر في العاشر من نيسان عام 1995 تحت عنوان “اتصال إيتكون بتاجر سلاح سياسي تم الكشف عنه”. ويذكر المقال أن إيتكون لم يصرّح عن علاقته بـفؤاد مخزومي بعد أن أصبح وزيرًا بل استخدم منصبه في المشتريات الدفاعية للسماح للسيد مخزومي بالتوسط في صفقة أسلحة باعت بموجبها شركة بريطانية للحكومة اللبنانية بنادق مستعملة ومركبات أفراد مدرّعة ومعدات للتخلص من القنابل. وفي كتاب مذكراته (Pride And Perjury) أي كبرياء وشهادة زور، تطرّق الوزير البريطاني إلى مقال “ذا غارديان”، وقال إن جميع مناقشاته مع مخزومي حول بيع المعدات الدفاعية للبنان قد حضرها إما مسؤولون حكوميون أو تم إبلاغهم بها بشكلٍ كامل. وقد رفع حينها إيتكون دعوى قضائية ضد صحيفة “ذا غارديان” بتهمة التشهير، لكن تنازل عنها فيما بعد، بعد كشف كذبه عند حلفه لليمين. وفي عام 1999 حُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرًا لاتهامه بتهمة الحنث باليمين، أي اليمين الكاذبة، وإفساد مسار العدالة البريطانية.
  • بعد عشر سنوات من قضية إيتكون، عاد اسم مخزومي إلى ساحة الصحافة الأوروبية، وخاصّةً البريطانية، بعد أن اتُّهم بتمويله لحزب المحافظين في بريطانيا. تلقى رئيس الوزراء البريطاني السابق وزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون مبلغًا وقدره 100 ألف جنيه استرليني من مخزومي. وفي تحقيق نشرته صحيفة “ذا غارديان” نشر في 23 كانون الأول عام 2009 كشفت أن حزب المحافظين قد تلقى تبرّعًا بقيمة 100 ألف جنيه استرليني، أي ما يعادل تقريبًا 130 ألف دولار، من شركة “Future Pipe Industries” التي يملكها فؤاد مخزومي، وهي شركة مختصّة ببيع الأنابيب ومقرّها الأساس في دبي.

وقد ذكرت الصحيفة أن التبرّع جاء على دفعتين، الأولى 50 ألف جنيه إسترليني في نيسان 2005، وذلك قبل شهرين من الانتخابات البرلمانية في بريطانيا، والدفعة الثانية في آب عام 2008. ويلزم القانون البريطاني الأحزاب والسياسيين، لقبول قبول التبرّع، أن يكون مصدر التبرّع إمّا أشخاص تتواجد أسماؤهم داخل اللوائح الانتخابية البريطانية، أو شركات تجارية بريطانية مشروعة. وبما أن مخزومي لا يستوفي الشرط الأول، قام بالتبرّع باسم الفرع البريطاني لشركته، ما قد يعطي التبرع مظلّةً قانونية.

لم يقتصر دعم حزب المحافظين البريطاني على مخزومي فقط، بل شاركت أيضًا زوجته مي مخزومي التي وصفتها صحيفة “Le Monde” الفرنسية بأنها مصدر دعم مالي مهم لحزب المحافظين. فقد تبيّن لاحقًا بعد كشف أرقام مفوضية الانتخابات البريطانية أن زوجة مخزومي قامت بالتبرع بـ300 ألف جنيه استرليني، وهي أكبر المبالغ التي تلقاها الحزب في فترة الانتخابات. هذا التبرع دفع نوابًا من حزب العمّال البريطاني لاتّهام حزب المحافظين بالفساد وتشابههم مع المحافظين القدامى.

  • لم تقتصر الأنشطة التي يقوم بها فؤاد مخزومي على بريطانيا فقط، بل طالت مسؤولين سياسيين في فرنسا. في 14 آذار 2017، كشف موقع Mediapart الاستقصائي الفرنسي عن قضية فساد تلاحق رئيس الحكومة الفرنسي ومرشّح اليمين فرانسوا فيون Francois Fillon. يذكر التقرير الذي حمل عنوان “الملياردير اللبناني يحرج فيون”، أنه مع بداية عام 2016، قبل أشهر قليلة من الانتخابات التمهيدية، وقّع فيون عقدًا مع شركة مقرها في دبي ويرأسها رجل الأعمال اللبناني فؤاد مخزومي. وُصفت الصفقة بالغموض وأنها تشوبها بعض ملامح الفساد. قضت هذه الصفقة بإبرام عقد بين شركة يملكها فيون وهي شركة للاستشارات المالية أسست في 2012، وشركة مخزومي وهي Future Pipe Industry. قبض فيون بموجب العقد 45 ألف جنيه استرليني، أي ما يعادل حوالي 50 ألف دولار أميركي من مخزومي مقابل مساعدة الأخير لتوسيع نفوذه السياسي أو التجاري في فرنسا أو الخارج. اتفق الطرفان على ترتيب لقاءات مع سياسيين ورجال أعمال مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسي باتريك بو يانّي وغيرهما من رجال السياسة والأعمال. رد مخزومي على هذه التهم بالقول إن شركته طلبت خدمات استشارية من شركة فيون ودامت مدة العقد حوالي سنة واحدة فقط، ولم يُجدد العقد رغم أن بنوده تنصّ على تجديد العقد قبل انتهائه بمدة 3 أشهر.

وبعد نفي مخزومي، نشرت صحيفة Le Canard Enchaine في تاريخ 17 آذار عام 2017 العقد الذي وُقّع بين فيون ومخزومي ويتضمن إلزام فيون تعريف مخزومي على مجموعة من القياديين الروس والجزائريين وكبار رجال الأعمال الفرنسيين وخاصة رئيس شركة توتال، لأنه من المرجح أن يشتروا الأنابيب من شركته. وبعيدًا عن هذه الشراكة، وبالرغم من أن فيون اتُّهمَ بالكثير من قضايا الفساد من وظائف وهمية واختلاس الأموال العامة من قبل الصحافة الفرنسية، إلّا أن مخزومي كان يتباهى بصحبته معه حيث كان يقوم بنشر صورهما بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد وصف موقع Intelligent Online علاقتهما قائلًا إن مخزومي هو كالسمكة التي تلاحق القرش وتأكل بقايا طعامه.

  • أما في لبنان، وفي عام 2010، وفي خطوة تُقرأ على أنها خطوة لضرب القطاع الصناعي اللبناني، أقفل فؤاد مخزومي مصنع الأنابيب The Future Pipe في عكار، وأخرج 400 عامل تقريبًا من دون أي تعويضات، منهم من كان يعمل في المعمل منذ حوالي 16 سنة، وقد أُخرجوا بذريعة الظروف الاقتصادية القاهرة، متلطيًا خلف الفقرة “و” من المادة 50 من قانون العمل، والتي تقول يحق لصاحب العمل إنهاء عقود العمل إذا اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك.

وكذلك عمد مخزومي إلى صرف 220 عاملًا بتهمة التحريض على الإضراب، الذي يُعتبر أصلًا حقًا مكفولًا بالقوانين والمواثيق الدولية. وقد نظّم العمّال حينها إضرابًا نتيجة لظروف عملهم القاهرة والمواد السامة التي يتعرضون لها. وردًا على إغلاق المعمل في عكار، نظّم العمّال إضرابًا ومظاهرات للمطالبة بحقوقهم، لكن رئيس حزب الحوار أغلق أبواب الحوار مع عماله الذين هم أصلًا أفراد حزبه، فقد أجبرهم لأجل العمل عنده الالتزام مع حزبه. لكن بعد شهر، أعلنت شركة مخزومي عن توسيع عملها التجاري في منطقة الدمام السعودية.

“بيروت بدها قلب” هو عنوان حملة فؤاد مخزومي الانتخابية علنًا، لكن فعليًّا تقوم حملته الانتخابية على إظهار نفسه كطرف محارب في وجه حزب اللّه وسلاحه، متبنيًا خطابًا متطرفًا في وجه 8 آذار بعد عدم تسميته رئيسًا للحكومة أو إعطائه منصبًا وزاريًا. وفي ظل غياب الرئيس سعد الحريري عن الساحة اللبنانية، يسعى مخزومي لنيل الثقة السعودية عسى أن يجني المزيد من الأموال والمقاعد الانتخابية.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد