تقرير | ديناميات الساحة السورية تعرقل الجهود المبذولة لحلّ أزمة الطاقة في لبنان

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

على وقع توازي المسارات السياسية المعقّدة للأزمة اللبنانية، مع الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه البلاد، يجب التوقّف عند آفاق نجاح صفقة الربط الكهربائي، وتمرير الغاز الطبيعي من مصر، والأردن إلى لبنان عبر سورية، كنموذج واضح عن حاجة لبنان الملحّة لفتح كوّة في جدار علاقته مع سورية، والتي دُفعت بفعل الضغوط الغربية نحو واقع لا يلحظ المصالح اللبنانية على وجه الخصوص.

الإعلان عن صفقة تمرير الغاز الطبيعي للبنان عبر سورية، يشكّل “محطة مفصلية” لكلا البلدين وسط بيئة من التعقيدات الجيوسياسية المحيطة بهما، في ظل خضوعهما لاستقطاب إقليمي دولي حاد.

وترمي خطة ربط لبنان بشبكة الكهرباء والغاز الإقليمية، بحسب مجلة “ناشونال إنترست”، إلى تحقيق هدفين رئيسيين، يتمثل أحدهما في “تحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة في لبنان”، فيما يتمثل الآخر في “مزاحمة النفوذ الإيراني”، لافتة إلى أن الخطة المذكورة تحظى بدعم الفاعلين الإقليميين والدوليين الأساسيين، في إشارة إلى الولايات المتحدة، ودول الخليج.

واستعرضت المجلة الأميركية جملة صعوبات تقف حائلًا أمام تنفيذ الصفقة الرباعية بنجاح، فقالت إن الأوضاع السياسية والأمنية الهشة للدولة السورية، تعد أبرز العوائق أمامها، مشيرة إلى أن خط الغاز العربي الذي يمتد من معبر نصيب – جابر على الحدود الأردنية، مرورًا بحمص السورية، وصولًا إلى طرابلس في شمال لبنان، شهد عمليات تخريبية خلال فترة الحرب السورية، لا سيما بعد هجوم تنظيم “داعش” في شهر أيلول من العام الماضي على إحدى محطات الطاقة في جنوب سورية، الواقعة على إحدى النقاط الرئيسية لخط الأنابيب الذي يغذي العاصمة السورية بكميات كبيرة من الكهرباء. ورأت المجلة أن استهداف محطة الكهرباء، تبرز قدرة “داعش” على تنفيذ عمليات تخريبية في جميع أنحاء البلاد.

وفي إطار حديثها عن صعوبة تنفيذ الصفقة الرباعية، الرامية إلى تزويد لبنان بـ 450 ميغاوات من الكهرباء، لفتت المجلة إلى مشكلة تقنية، تتصل بضعف البنية التحتية للطاقة في سورية بفعل الحرب، حيث تعاني المناطق التي تسيطر عليها الحكومة من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى عشرين ساعة في اليوم.
وأضافت المجلة أن تخلخل قطاع الطاقة السوري يأتي “كنتيجة مباشرة للصراع وتدمير البنية التحتية فيها، بما في ذلك خط أنابيب الغاز العربي”. وتوقفت عند عقبة سياسية أخرى تعتري تنفيذ الاتفاق الرباعي، بين لبنان والأردن وسورية ومصر. فإلى جانب الغاز المصري المصدّر إلى لبنان، عبر الأراضي الأردنية والسورية، “ستتدفق كمية كبيرة من الغاز الطبيعي من “إسرائيل”” إلى الجانب اللبناني، بموجب صفقة الغاز الموقّعة بين الأردن و”إسرائيل” عام 2019، بحسب المجلة الأميركية، وهو أمر ينطوي على جانب “تطبيعي” في علاقات لبنان بـ”إسرائيل”.

وفي ظل أزمة المحروقات وإمدادات الطاقة التي يرزح تحتها لبنان، سلطت المجلة الضوء على قرار حزب الله باستيراد المحروقات من إيران، معتبرة أن الحزب اللبناني “نجح في إظهار نفسه على أنه المنقذ للبنان، متحديًا العقوبات الأميركية”.

وأكملت المجلة بأنه، وعلى الرغم من أن كميات المحروقات المستوردة، من قبل حزب الله، لا تفي باحتياجات لبنان الحالية، إلا أنها “توفر دعاية سياسية ممتازة لأقوى لاعب سياسي وعسكري في لبنان”، فضلًا عن “تصوير حزب الله وإيران كمدافعين عن لبنان”، وذلك “في وجه العقوبات الأميركية بوصفها محاولات إمبريالية للسيطرة على البلاد”.

وبالنظر إلى وجود رغبة أميركية لتحجيم النفوذ الإيراني، شدّدت المجلة على أن توقيت الصفقة الرباعية يبدو منطقيًا من زاوية جيوسياسية في ظل الصراع على الساحة اللبنانية، التي تبدو متشابكة على نحو معقد من صراع جيوسياسي أكبر يدور حول سورية، مع الإقرار بصعوبة تنفيذ الاتفاق الرباعي لأسباب تتصل بعزلة الحكومة السورية، والعقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وبحسب المجلة، فإنه حتى وإن كانت لدى دمشق الرغبة في تمرير الغاز والكهرباء عبر أراضيها، رغم عزلتها الدولية، والعقوبات الأميركية ضدها، لأسباب ترتبط بأمن الطاقة لديها، وفتح نافذة لتطبيع علاقاتها مع الدول الغربية، والعربية، ثمة جهات فاعلة أخرى، ومن بينها تنظيمات مسلحة مثل “داعش”، إلى جانب تنظيمات محسوبة على ما يسمى المعارضة السورية، ممن لا تبدي اهتمامًا بتحسين علاقات دمشق مع لبنان، وتعتزم تقويض صورة الحكومة السورية، وعرقلة جهودها لتطبيع علاقاتها الخارجية مع عدد من الدول. وفي هذا الإطار، اعتبرت المجلة أن واشنطن والقوى الإقليمية الحليفة لها، لا تستطيع ضمان كف يد تلك الجماعات عن إلحاق الضرر بخط أنابيب الغاز العربي.

وأضافت المجلة، أنه “نتيجة لذلك، من المرجح أن تركز هذه الجهود الأميركية بشكل أكبر على الحد من النفوذ الإيراني في كل من سورية ولبنان” بعد نجاح طهران وحزب الله في تعزيز صورتهما في الشارع اللبناني.

وتابعت أن “الحلف المناهض لإيران يعكف على عدم التسليم بتلك السردية، من خلال تقديم سردية مضادة” لمسار الأحداث في لبنان.

وأكملت المجلة أن “الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي يبدو أنه صاحب الفضل الأساسي في عرض خطة الغاز الطبيعي داخل أروقة واشنطن وعواصم أخرى، ربما يأمل أيضًا في تقاسم المنافع مع دمشق من خلال مثل هذه الصفقة، بهدف مواجهة إيران”.

ورجّحت أن تصطدم مساعي الملك الأردني في خطب ودّ دمشق، على حساب طهران، بحائط مسدود، بسبب العلاقات القوية التي تجمع حكومة الرئيس الأسد بإيران وحزب الله، مشيرة إلى أن الصفقة الرباعية بشأن الغاز، لن تنجح، سواء في حل أزمة الكهرباء في لبنان، أو في مكافحة النفوذ الإيراني في البلاد.
وبيّنت المجلة أن أحد أهم أسباب فشل الرهانات على تقويض نفوذ إيران في لبنان يعود إلى أن الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة في لبنان لا تدرك محدودية تأثيرها هناك، داعية إلى اعتماد أساليب ومنهجيات عمل أخرى من أجل الدفع بأجندة تغييرية، سواء في لبنان، أو في سورية.

ترجمة: خضر سعادة خروبي

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد