بطاطا الحرية… وضياع القضية

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

صورة المقال عمرها حوالي ٢٠ عامًا، وهي قائمة طعام في كافيتريا الكونغرس الامريكي.

يومها قررت اميركا غزو العراق وعارضتها فرنسا فهب الشعب الاميركي لمقاطعة فرنسا ومعاقبتها اقتصاديًا وثقافيًا.
وكان مع بنود هذه الحرب محاربة الرموز الفرنسية ومن بينها البطاطا المقلية التي تسمى في أغلب العالم العربي باسم “French fries”.
قاطع الاميركيون اسمها المرتبط بفرنسا واستبدلوه باسم جديد هو “Freedom fries” اي “بطاطا الحرية” كما يظهر في الـmenu الخاصة بكافتريا الكونغرس يومها.
درس لنا وخاصة لذوي الهمم الضعيفة المذبذبة والذين يستحقون لقب “المرجفين” بجدارة.
فهم يقفون عند كل منعطف ليبخسوا اي تحرك ضد رموز العدو وثقافته والتطبيع معه والتمهيد للغزو الفكري والحضاري.
الاهتمام بأدق التفاصيل طريق تحصين الذات وسبيل من سبل الانتصار وخاصة في عالم متعدد الأبعاد، وباتت الحرب فيه مدموغة بوسم “تعدد الجبهات”.
رغم قلة عدد اليهود عالميًا الا انهم يمتازون بتتبع أدق التفاصيل الخاصة بهم وبمشروعهم فيحاربون كاتبًا بسبب سطر في كتابه ويقاطعون قاموسًا كبيرًا بسبب مفردة بين ثنايا صفحاته و”يخربون” موقع انترنت بسبب استعمال مصطلح لا يناسب مشروعهم ولو كان محايدًا ….الخ! وبكل ذلك يقدمون لنا احد اسرار نجاحهم رغم عدوانيتهم واحتلالهم أرض فلسطين بعد تهجير شعبها وسط عالم عربي من مئات الملايين.. للأسف.

طريق النجاح يمر بمقاطعة كل ما يمت للعدو لتحصين الساحة الداخلية ضد الاختراق الناعم الذي بات مكلفًا اكثر من الحرب التقليدية وضد العدو مباشرة بـ”تربيته” وتقديم نموذج خصم يقف قبالته: واعٍ وحذر ومتيقظ لكل التفاصيل ويزرع في نفس عدوه الخوف بأنه متأهب في الجبهات الأخرى كما هو متأهب في الجبهة الثقافية، وهو حتمًا يتابع التفاصيل الكبرى كما لم تغب عنه التفاصيل الصغرى.
هذا أحد معابر الانتصار.. وإلا قد نقول: السلام على القضية.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد