أميركا تخشى حرب المسيّرات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في ورقة بحثية نشرت في “معهد الشرق الأوسط” الأميركي حول تهديد الطائرات المسيرة الموجهة بنظام “جي بي أس” للقوات الأميركية في مسرح العمليات في الشرق الأوسط، أجمع مسؤولون أمنيون سابقون وخبراء عسكريون على أن تهديد الطائرات المسلحة من دون طيار يعد الأكبر بالنسبة للتواجد الأميركي في الشرق الأوسط، في ضوء تنامي الهجمات، لا سيما في العراق واليمن، حيث تعرضت قوات أميركية إلى عشرات الهجمات خلال الأشهر القليلة الماضية. إذ يرى نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق للشرق الأوسط، ميك مولروي (حتى مارس/أبريل 2019)، أن أنظمة الدفاع الأميركية “لم تكن فعالة ضد هذه الطائرات”، مؤكداً أن “الجيش الأميركي وأجهزة المخابرات تشعر بقلق متزايد بشأن تكنولوجيا الطائرات المتقدمة في أيدي خصومنا والقوات التي تعمل بالوكالة لها”.
من جهته، أشار قائد القيادة المركزية السابق، جوزيف فوتيل، إلى أن ما يمكن أن يفعله الطرف المقابل ببضع مئات من الدولارات “غالباً ما يتطلب استثماراً بالآلاف من جانبنا لهزيمته”، الأمر الذي عبر عنه بـ”التعريف المطلق لعدم التوازن”. وهو ما أوضحه مدير برنامج الدفاع والأمن في المعهد، بلال صعب، في تعليقه، بأن افتقار الولايات المتحدة لـ”القدرات التي يمكن الاعتماد عليها لمواجهتها يصل “إلى درجة أننا في بعض الأحيان لا يمكننا حتى رؤية الهجوم القادم، على الرغم من ذكاء أنظمة الاستشعار لدينا”. ويقدم صعب حرب اليمن، حيث تجري هذه الأيام على إثرها تدريبات سعودية أمريكية على منظومة مضادة للطائرات المسيرة، كنموذج لما يمتلكة الخصوم من متسع للإبداع باستخدام هذه الطائرات، إذ يمكنهم “تغيير تكتيكاتهم وتقنياتهم وإجراءاتهم، وإخفاء إشارات أجسامهم الطائرة، وإجراء عمليات إطلاق متعددة في وقت واحد على طول مسار الرحلة نفسه، ثم تقسيمهم لاحقاً نحو مناطق مستهدفة مختلفة” كما يقول. وقد وصلت الهجمات التي شنتها حركة “أنصار الله” منذ بداية العدوان حسب إحصائية نشرتها صحيفة “عكاظ” السعودية في شهر آذار/مارس الماضي، إلى 537 عملية استهدفت مراكز حيوية عسكرية واقتصادية

في ضوء ذلك، علق مدير الإستراتيجية للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، مايكل ناجاتا (حتى 2019)، إن “التطورات التكنولوجية السريعة في قدرات الطائرات من دون طيار، تحبس الأنفاس”، لا سيما في ظل “التحسينات في المدى وسعة الشحن والسرعة وخفة الحركة”. وحول ما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة اليوم على المسار لمواكبة وتيرة تطوير تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، يقول الجنرال الذي قضى 34 عاماً في العمليات الخاصة الأميركية: “للأسف، الجواب في الوقت الحاضر هو لا. اليوم، حكومة الولايات المتحدة لا تواكب التكنولوجيا، ولا تواكب مدى سرعة احتضان خصومها أو منافسيها لها على مستوى العالم”.
قلق النخب الأميركية هذا يأتي في حين “من المقرر أن يتوسع الدور العسكري للطائرات من دون طيار بسرعة في السنوات المقبلة، حسبما يشير العميد البحري اللبناني (المتقاعد) جوزيف سركيس، إذ “سيكون الجيل التالي من الأنظمة أكثر تخفياً ودقة وقدرة على الطيران لمسافات أطول، وبحمولة أثقل”، لافتاً الانتباه إلى أن الطائرات التي تستخدم للمراقبة والاستطلاع أو لأغراض هجومية، “يمكن أن تصل حمولتها إلى 15 كيلوغراماً، مع إمكانية استخدامها كسلاح بيولوجي”. ويعيد سركيس الانتشار المتسارع لهذا النوع من الطائرات العسكرية في المنطقة إلى “سببين رئيسيين: أولاً الحاجة المتزايدة إلى أدوات قتالية فعالة من حيث التكلفة، وثانياً، الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه العديد من البلدان حالياً”.
وفي كتابه “حرب درونز”، يجيب سيث جيه فرانتزمان، على سؤال: لمن ستكون الغلبة في الطائرات بدون طيار؟ بالقول إن الحاجة السريعة لمواجهة تهديدات الطائرات من دون طيار لم تأت فقط في أعقاب ما كان يفعله الإيرانيون، ولكن أيضاً في أعقاب هجوم في فنزويلا أظهر أن طائرة من دون طيار بسيطة (تجارية) يمكن أن تكون مسلحة بمتفجرات “سي فور”. ويلفت المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل، إلى أنه “لم يكن من الممكن وضع تقنية لمكافحة أسراب الطائرات في كل قاعدة وموقع”. وحتى لو تم نشر تقنية للمكافحة بعد الاختبارات الشاقة، فإن “دفاع أحدث التقنيات المضادة للطائرات بدون طيار في القتال الفعلي غير مرجح”

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد