ثلاثينيّة الشّهادة والقيادة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مرت في السادس عشر من شباط من هذا العام الذكرى الثلاثون لشهادة أمين عام حزب الله القائد السيّد عباس الموسوي (قده) مع حرمه وولده، إلّا أن هذه المناسبة أيضًا، تشير إلى الذكرى الثلاثين لانتخاب خليفته عضو شورى الحزب السيّد حسن نصر الله أمينًا عامًا للحزب بعد شهادة السيّد الموسوي.

في “جردة حساب” لهذه الأعوام، الحاسمة في مسيرة حزب الله والمقاومة الإسلاميّة، لا بدّ من ذكر ما يردده دائمًا السيّد نصر الله من أنّه تلميذ السيد الموسوي، وأن السيّد (قده) هو من ربّاه وساهم في بناء شخصيته.

لم يكن السيّد نصر الله قد بلغ أعوامه العشرين حين قصد النجف الأشرف طالبًا للعلم، أرشدهُ صديقه الشيخ علي كريّم -الذي استُشهد لاحقًا مظلومًا مغدورًا- إلى السيّد الموسوي، الذي غرّت سُمرته السيّد الآتي من حي شرشبوك، البقعة الفقيرة بل ربما تكون الأفقر في بيروت، والمنحدر من بلدة البازورية، لكن السيّد الموسوي أشارَ للوافد الجديد بأخذ راحته، فهو لبنانيٌّ مثله من بلدة النبي شيت البقاعية.

مرّ حزبُ الله بمحطات تكاد تكون مخاضًا، وعند كل محطة، كان السيّد نصر الله هو حامل اللواء بجدارة، يتلقّى الاتهامات والهجمات بصدره، وهو العسكريّ الذي لبس البدلة العسكرية وكان “حيث يجب” منذُ انطلاقة هذه المسيرة، فدخلَ حزب الله الندوة البرلمانية بعد ٦ أشهر من تسلّمه القيادة بثقلٍ واضح من أصوات الشّعب الذي آمن بالمقاومة خيارًا للتحرير والعيش الكريم.

خاضَ حزب الله في طليعة مسار المقاومة حين اختارت الدولة مسار التفاوض، وتصدّى بقيادة السيّد نصر الله لمؤامرة ١٣ أيلول ١٩٩٣ بحنكته، إذ لا يمكن لغيورٍ في هذا العالم أن لا تتحرّك مشاعره لمشاهد الموت المصنوعة تحت جسر المطار، وحده “السيّد” أدار اللعبة لصالح الحزب بأقل الخسائر، فسقطت المؤامرة.

وتحت قيادة السيّد، تعرض لبنان لعدوانَي “تصفية الحساب” و”عناقيد الغضب”؛ كان السيّد في عناقيد الغضب حاسمًا قاصمًا لظهور أعدائه. يروي السيّد مصطفى بدر الدين كيف زاد السيّد “غلّة الصواريخ” مشيرًا له بـ”تقّلهم..”. السيّد الذي لملم جراح أيلول، كان سيف الله المسلول في نيسان، حتّى رضخت “اسرائيل” ومن خلفها أميركا لشروط حزب الله وخلفه لبنان.

هُزمَت “اسرائيل” لأول مرّة في التاريخ في زمن السيّد؛ أول أرضٍ عربيّة تحررت دون قيدٍ أو شرط كانت الأرض التي حررتها المقاومة التي قادها السيّد. تحرّر الأسرى بقرار السيّد وليس بوعده، حتّى بات الفلسطينيون يطالبونه بوضع أسراهم ضمن صفقات التبادل، ونجح الحزب بذلك في صفقة ٢٠٠٤، وحرّر أسرى فلسطينيين.

ثمّ جاء تمّوز بصيفه اللاهب؛ أرادوا قتل السيّد أو أسره، فكان يطلّ عليهم بين الحين والآخر ليقول لهم إنهم مهزومون، بنفس الثقة يوم عادوا له بأسيرين من خلة وردة، ليتحرر سمير القنطار الذي قررت “اسرائيل” أن تجعل منه عِبرة لكل من يفكر بقتال الصهاينة. كان ذلك قبل أن تولد المقاومة الإسلاميّة، وقبل أن يقودها “السيّد حسن”.

ثلاثون عامًا والسيد يُنير لنا الطريق بعينيه اللتين ما عرفتا الراحة من ذلك الحين، يخوضُ البحرَ قبلنا فيبتلّ هو كي يعبرَ البقيّة سالمين، محاطًا بسيوف أعدائه من أمامه وخلفه، لكنه السيّد، لن يطال عزّه أحد، وحربُنا سجال، ولو كرهَ الكافرون.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد