الحجاب بين الواجب والحقّ والمنع

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مع اقتراب حلول اليوم العالمي للحجاب، في الأول من شهر شباط / فبراير، تبقى ظاهرة قمع واضطهاد النساء المحجبات في العديد من المجتمعات، محطّ دراسة ومتابعة ومعالجة لا سيما وأن هذه المسألة تمسّ أمة بأكملها، وهي لا تتنافى فقط مع تقاليدها وأعرافها، بل إنها تطال إحدى أبرز السنن والفرائض التي نصّت عليها الديانات السماوية على اختلافها.

قبل كل شيء الحجاب واجب ديني
لم يكن الحجاب مرتبطًا حصرًا بالمرأة المسلمة، بل كان واجبًا على النساء في جميع الديانات السماوية، ومنها المسيحية واليهودية، وحتى في مرحلة ما قبل الإسلام، كانت النساء لدى العديد من القبائل والشعوب ترتدي الحجاب انطلاقًا من معتقدات وأعراف خاصة بها، منها، على سبيل المثال لا الحصر، الفرس والرومان وحتى عند قبائل الهنود وغيرهم .

ورغم أن الحجاب هو قبل كل شيء واجب ديني، إلا أن التاريخ البشري شهد ولا زال الكثير من مظاهر العنصرية والتشدد والاضطهاد ضد المحجبات؛ هذه المظاهر التي تعاد يوميًا بقوالب مختلفة وأشكال متعددة، وفي بلداننا العربية كما في البلاد الغربية، حيث لا زالت المرأة المحجبة تعاني من التمييز العنصري في الحقوق والحريات العامة ومجالات العمل والتعليم، وترفض العديد من المؤسسات والقطاعات الرسمية وغير الرسمية وجود المحجبات ضمن كوادرها المهنية، كما ترفض العديد من المؤسسات التعليمية التحاق الفتيات المحجبات بها.

وأمام هذا الواقع، قامت مجموعة من المتخصصين في لبنان بإجراء دراسة، تبيّن من خلالها أن نسبة المحجبات اليوم تبلغ 42 % من نساء لبنان، وهذا رقم لافت لكون لبنان بلدًا متنوع الأديان والمذاهب، ورغم ذلك نجد العديد من مؤسسات القطاعين العام والخاص في لبنان ما زالت ترفض استقبال المحجبات ليكنّ موظفات وعاملات فيها بحجة أن الحجاب زي يعبر عن هوية دينية وطائفية وليس واجبًا دينيًّا وحرية شخصية!

الحجاب مقاومة من نوع آخر
لم يكن الحجاب يومًا عائقًا لأي امرأة في عملها أو دراستها أو واجبها الإنساني، ولم يحدث أن شكّل حاجزًا أو سببًا للعدائية والعنصرية، لكن ما نشهده اليوم هو حرفيًا معركة ثقافية شرسة، واضطهاد الحجاب هو أحد أبرز وجوهها، وهو لا يعبر عن جهل، بقدر ما يشير الى وجود حملة إعلامية وعالمية مفبركة، تخطت أهدافها العلنية، ووصلت الى مرحلة أرادت فيها إظهار الدين الإسلامي الأصيل على أنه دين إرهابي عنصري، لا يمت للسلام والمحبة والتسامح بصلة.

هذا الواقع الشرس الذي تواجهه الأمة، يفرض عليها التزامات وجهودًا مضاعفة لمقاومة هذه الحرب الإعلامية الكاذبة، بكافة السبل والوسائل المتاحة، لعل أبرزها الدور الإعلامي الكبير للمؤسسات الإعلامية في إعداد برامج وإعلانات تبرز دور المرأة المحجبة على مختلف الصعد، والحملات المستمرة الداعمة للنساء المحجبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوة نواب الأمة للضغط على المعنيين لتعديل القوانين وتطبيق مبدأ العدالة في اختيار النساء في قطاعات العمل الرسمية على اختلافها.

منح الله سبحانه المرأة دورًا رساليًّا، أعلى من شأنها وحررها من أغلال الجاهلية، وأعطاها الحق في الحياة بعد أن كانت “نكرة”، وأوجب الحجاب عليها كشكل من أشكال الطاعة لله ورسوله، وعلامة من علامات الإيمان والعفاف والحياء، هذا الحجاب الذي يعكس بمعناه الحقيقي المرأة المسلمة راقية السلوك، مطمئنة النفس، لم ولن يكون يومًا غير ذلك، واذا كان البعض من جهلة الأمة يدّعي أن الحجاب سبب لتخلف المرأة المسلمة فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كان لباس المرأة الفاضح يومًا سببًا في تطورها وحصولها على براءات الاختراع واكتشاف المجهول وتطور الأمم وازدهار الشعوب ؟

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد