عجيب أمرهم إخواننا في تيار المستقبل، وهم حائرون بين ضعف التثقيف السياسي وبين الإصرار على حقنهم بجرعات أدلجة أقل ما يقال فيها إنها تحض على الكراهية والانقسام.
أنا لا أفتري ولكنني أشفق على جماعة وازنة كان من المؤمل أن تكون رافعة الاعتدال في هذا البلد، وإذا ببعض صبيةٍ يجرونها إلى قاع المذهبية القميء.
الحديث بكل اختصار يتعلق بما يجري هذه الأيام من أفعال وتحركات في بيئة تيار المستقبل لا يمكن لعاقل تفسيرها؛ إذ إن معظم التكهنات تشير إلى أن الرئيس سعد الحريري قد عزف عن الترشح للانتخابات النيابية بسبب عدم رغبة “الدب الداشر” ابن سلمان بتكرار تجربة الـ 2018 وبسبب عدم الانسجام الشخصي بين ولي العهد السعودي وبين رئيس تيار المستقبل ورئيس أكبر كتلة إسلامية، فقد أبدت الرياض رفضها لترشح الحريري ووضعت كل بيضها في سلة “جهبذ لبنان وناسكه” سمير جعجع، الذي يحمحم ويتنحنح بأنه سيقود الطائفة السنية الكريمة في الانتخابات القادمة بمباركة السعودية، ورغم أن كل المؤشرات تفيد بأن تلك الطائفة التي اكتوت بنار الجهبذ المذكور منذ توليه قيادة القوات اللبنانية عام 1985 لن تعطيه سلطة قيادتها أبداً ولو اضطرت الى مقاطعة الانتخابات في الدوائر التي سيطل فيها رأس “جعجع” مقاطعة كاملة.
إلا أن الشاذ في هذا المشهد أن الجمهور الأكثر اكتواءً بتقلبات السياسة السعودية في لبنان -عنيت به جمهور المستقبل- يخرج إلى الشارع معترضًا على ما وصل إليه من عزوف زعيمه عن الترشح برفع صور ابن سلمان. وهنا يكمن تناقض كبير، فكيف لجماعة يتم اجتثاثها ومحوها عن الخارطة السياسية أن تحتفل وتشكر الجنرال ابن سلمان الذي يحذفها.
بصراحة لا أملك جواباً عن ذلك ولا أملك الحق بالإملاء على جمهور تيار المستقبل ما يعتنقه أو يفعله، إلا أن في تصرفه مفارقة عجيبة لا يفسرها إلا المثل الشعبي العامي اللبناني الذي يقول “كل قط بيحب خناقه”. وليعذرني أحبتي من أفراد وجمهور تيار المستقبل على هذا التشبيه الذي قد لا يليق بمكانتهم إلا أن المثل يفرض عباراته التي لا تحتمل التبديل.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.