الغباء والانحطاط الأخلاقي سياسة ناجحة على وسائل التواصل

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

نوح عواضة – خاص الناشر |

منذ أن انطلقت وسائل التواصل الاجتماعي خرجت معها أسرار المنازل إلى العلن، وباتت الخلافات الشخصية أكثر حضورًا، والجميع يرغب بمشاركة مشكلته كي “لا تتكرر مع الآخرين”، وباتت الأنانية وحب ذات تتقدم بأشواط على حب العائلة أو الانتماء إلى المجتمع، وأدى حب الشهرة بشكل غير واعٍ إلى تفتيت القيم وتهديم بعض العائلات، وسؤال بماذا تفكر؟ بات المستخدمون يجيبون عنه من دون وعي.

حلت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من القضايا ما حفز الناس على مشاركة مشاكلهم، والكشف عن مواهبهم وظهور عدد كبير من المواهب التي قد لا تمت للفنّ بصلة، ولكن يكفي أن عددًا من الرواد قد تفاعل مع منشورات “الفنان”، رغم أن لكل شخص سببًا خاصًّا للتفاعل. وقد سادت في الفترة الأخيرة فلسفة فنية حقيقية يجوز أن نسميها “فلسفة رملاء”، الفلسفة التي جعلت منها شخصية مشهورة، وأصبحت رافعة للقنوات التي تعاني من تدني مستوى المشاهدين؛ فقد جعلها تفاعل الساخرين والمتنمرين محط أنظار وسائل الاعلام، فيما هناك عدد كبير من الفنانين والكتّاب والأدباء الذين نظن أن بعضهم توفي وفي قلبه حسرة عدم تقديره من قبَل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

مستخدمو تطبيق “تيكتوك” أصبحوا يعتمدون القواعد ذاتها لزيادة التفاعل، وسائل الدلع والغنج والغباء وغيرها” لرفع نسب المشاهدة. وتعد نسبة رواد التيكتوك في العالم العربي نسبة مرتفعة خصوصًا أن البطالة قدمت للناس الوقت لاستخدام التطبيق لساعات وساعات، فبات بعض الشبان يستخدمون أقاربهم من الجنس اللطيف أو صديقاتهم لتصوير فيديوهات فيها إيحاءات جنسية. آخرون قرروا السخرية والظهور بغباء، ولكن هل تستحق الشهرة قلة الشرف أو الغباء؟

العدوى ليست محصورة بكوفيد 19 بل أصبح ادعاء الغباء سياسة ناجحة لكسب المزيد من المشاهدين. ونسأل: ما الذي يدفع بعض مقدمي البرامج الذي كانوا معروفين بالرصانة على شاشات التلفزة وقنوات اليوتيوب إلى الظهور مع شخص يدعي النبوة أو شخص معروف بتفاهته الفكرية أو الفنية، وهم على دراية أن الجمهور سيتلقاهم بسخرية؟ فادعاء النبوة والإمامة في هذا العصر بات يندرج في خانة المرض (جنون العظمة). لكن الجواب الوحيد الذي نرى أنه الرد على سؤالنا هو أن استضافات كهذه سترفع من نسبة مشاهدي القناة على اليوتيوب، ما سيعود عليهم بأرباح مالية كبيرة.

وقد خصصت شركة تيكتوك مؤخراً 317 مليون دولار لمنشئي المحتوى، شرط أن لا يقل عمر المستخدم عن 18 عامًا، وأن لا يقل عدد المتابعين عن 10 آلاف دون أان يقل عدد المشاهدين عن 100 ألف مشاهد في آخر 30 يومًا.

مع تطور الهواتف الذكية وإتاحة تيك توك عبر تطبيقه نظام تحرير للفيديو متطورًا، أصبح إنتاج الفيديوهات مع مؤثرات صوتية وبصرية في غاية السهولة، ولكن يبقى الأصعب وهو إعداد المحتوى، الأمر الذي جعل جزءًا من المستخدمين يفعلون أي شيء من أجل رفع نسبة المشاهدين. وهناك عدد ليس بقليل من المراهقين يستغلون أهلهم بطريقة غير مؤدبة لجعلهم محط سخرية بعرضهم أمام مشاهدين لا يعرفونهم أصلًا، أو رواية قصص حصلت مع الأهل ليسجل بذلك آلاف التعليقات الساخرة. ولماذا يفعلون ذلك؟ يبدو أن الأزمة الاقتصادية والحاجة إلى المال غيرت حتى القيم واحترام الذات لدى الأهل حتى، فأصبحوا يفرحون بإبداعات أولادهم وإن كانت سخيفة، وهكذا نكون أمام انحطاط أخلاقي مقابل الـ Fresh Dollar.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد