حسين خازم – خاص الناشر |
مع تثبيت وتبنّي قناة الجزيرة، وعبر برنامجها الاستقصائي “ما خفي أعظم”، لقضية الأسيرين الإسرائيليين، اللذَين اختطفا من خارج فلسطين المحتلّة، طُرحت التساؤلات حول مدى صحّة أو حتّى إمكانية حصول مثل هذه العمليّة، وقد تناسى البعض قضيّة العقيد الاسرائيلي إلحنان تننباوم الذي وقع أسيرًا بيد حزب الله عام ٢٠٠٠ بعمليّة “خياليّة”.
بدءًا من التفصيل الأوّل، يُعتبر “ما خفي أعظم” منبرًا لتوجيه رسائل إحدى أبرز حركات المقاومة الفلسطينية، حركة حماس، إذ إن البرنامج عرض العديد من أسرار كتائب القسّام، أبرزها ما تعلّق بالإعداد العسكري والقدرات، والمقابلة الشهيرة مع نائب قائد الأركان مروان عيسى، ووصولًا إلى التسجيل الذي نشرته القسّام لأحد الجنود الأسرى في وحل غزّة، هذا الأمر يزيد في إمكانية صحّة ما عُرض عبر القناة القطريّة، وخاصةً من خلال هذا المنبر، “ما خفي أعظم”.
يُخيَّل للبعض، ومع الأسف، أن الجنود والضبّاط الإسرائيليين هم من الأبطال الخارقين، الذين لا يُمكن خداعهم، رُبما بسبب اعتبار أخبار فضائح ضبّاط وجنود وحتى حاخامات الدولة العبرية أخبارًا هامشية رغم أنها تكشف هشاشة الحسّ الأمني لدى هؤلاء، ولم يكُن آخرها البيانات التي سُربت بعد عملية القرصنة والتي كشفت تورّط هؤلاء في مواعيد جنسيّة وحتّى “شاذة”، الأمر الذي يرفع أيضًا من واقعية فكرة أسر الضابطين الإسرائيليين.
وبالعودة إلى عملية تننباوم، فمن المعرُوف أنه رغم محاولته تضليل أي عملية تعقب له، فقد وصل إلى بيروت واختفى على أثر ذلك، وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد كشف في مؤتمرٍ صحفي له يوم ١٦ تشرين الأول ٢٠٠٠، أي بعد يومٍ من إعلانه أسر تنباوم دون أن يسمّيه، أن حيلةً انطلت على تننباوم الذي حاول تجنيد أحد مسؤولي المقاومةالإسلاميّة، وكان تننباوم صيدًا ثمينًا ولربما بسيطًا بعض الشيء، لم يكلف الحزب سوى وصول تننباوم بقدميه إلى بيروت حتّى يقع في شباك المقاومة الإسلاميّة.
بعد إعلان السيّد نصر الله بدايةً عن أسر العقيد الصهيوني، سارعَت الحكومة الصهيونية برئاسة ايهود باراك إلى نفي حدوث عملية أسر، ثمّ تدرّجت في الاعتراف محاولةً التخفيف من وقع الفضيحة. ومع اختلاف فرضيات موعد أسر تننباوم، والتي ذهبت إحداها إلى القول إن تنباوم أُسر قبل الجنود الثلاثة في شبعا، فلو لم يعلن حزب الله عن أسره لكان من الوارد أن تتكتّم إسرائيل على الحادث، مع العمل سرًا على معالجته وإعادة الأسير إلى عائلته.
أوجهُ الشبه بين قضيّة تننباوم والضابطين الاسرائيليين الأسيرين مقبولة واقعًا، ومنطقيًا، إلّا أن نقاط الاختلاف سواء بالتكتّم المطلق “حتّى كتابة هذا النص” أو الاسم الجديد للمجموعة الخاطفة وليدة لحظة الإعلان قبل عام، والتي رُبما اختبأت خلف اسمٍ وهمي لدفع الشبهات عن تنظيم فعّال على الساحة المقاوِمة، يُبقي باب الأخذ والرد مفتوحًا، مع الأمل أن يُستفاد من الأسيرين في أقرب صفقة تبادل لأسرانا، إنّهم يرونها بعيدًا، ونراها قريبةً إن شاء الله.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.