مجزرة حولا كما ترويها مصادر العدو (2/2)

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

على موقع جيش العدو على الانترنت كتب القاضي الصهيوني: “روتم كوغان” مقالًا حول مجريات محاكمة الضابط الصهوني “شموئيل (صموئيل) لاهيس” أحد منفذي مجرزة قرية حولا اللبنانية في العام 1948. وكوغان كان المحامي العسكري في المنطقة الجنوبية -من فلسطين المحتلة- ثم غدا المحامي العام العسكري. وجاءت مقالته تحت عنوان: 1949 – “مجزرة في قرية حولا”.

ومما جاء تلك المقالة مع التحفظ على بعض المصطلحات والافكار الواردة فيها، لكننا سنضطر لنقلها بحكم الترجمة مع عدم تبنيها طبعاً:

خلال حرب الاستقلال، في أكتوبر تشرين أول 1948، استولى جنود لواء الكرمل على قرية حولا في جنوب لبنان.
بين 31 أكتوبر و 1 نوفمبر 1948 ، اعتقل الجنود ، وعلى رأسهم الضابط “شموئيل لاهيس”، العشرات من الرجال اللبنانيين الذين عاشوا في قرية وحبسوهم في أحد المنازل.
فجأة بدأ الجنود بإطلاق النار على المنزل ثم فجروه مع السكان اللبنانيين الذين كانوا بداخله، وذلك تسبب في مقتل العشرات.

أدى الحادث لاحقاً إلى محاكمة “لاهيس” بتهمة القتل، وهي قضية أُثيرت في عام 1949 أمام “محكمة العدل العليا” المهمة في القانون العسكري.

خلفية واقعية
خلال عام 1948، وفي نهاية حرب الاستقلال، جرت عملية “حيرام” على الجبهة الشمالية مع لبنان. العملية كانت عملية صاعقة استمرت حوالي 60 ساعة، استولى خلالها جيش “الدفاع الإسرائيلي” على أجزاء مؤقتة من جنوب لبنان، وهذه العملية هي العملية العسكرية الأخيرة التي وقعت على الجبهة الشمالية خلال حرب الاستقلال. وقد شارك في عملية “حيرام” قوات من لواءي جولاني والكرمل.

خلال العملية، استولى لواء الكرمل على 14 قرية لبنانية، بما في ذلك قرية حولا. ودلت الاخبار أنه في 31 أكتوبر 1948، جمع جنود اللواء سكانًا من القرية في أحد المنازل. وفي اليوم التالي، أطلق الجنود النار على السكان الذين تجمعوا في المنزل وفجروه على من كان فيه. وفي المحصلة حوالي 33 لبناني قتلوا في ذلك المنزل.

في وقت وقوع الحادث، شغل الملازم أول “شموئيل” منصب قائد الفرقة. وفي 12 نوفمبر 1948 ، تم اعتقاله. وفي 2 ديسمبر 1948، تم تقديم لائحة اتهام ضده بتهمة القتل في المحكمة العسكرية.

العملية القانونية
في لائحة الاتهام المرفوعة ضده، وجهت إلى “لاهيس” تهمتان بالقتل، واحدة في 31 أكتوبرعام 1948، إذ لقتله وجنوده 18 لبنانيًا من قرية حولا، والثانية في 1 نوفمبر 1948 لقتلهم 15 شخصًا آخرين من القرية نفسها. وجرت المحاكمة في المحكمة العسكرية الخاصة في حيفا.

في جلسة المحاكمة الأولى، ناقش محامو الدفاع فكرة عدم قدرة المحكمة على التمتع بسلطة محاكمة التهم الجنائية مثل تهمة “لاهيس” هذه، حيث لا يمنح القانون سلطة إنفاذه لهذه المحكمة على الجرائم المرتكبة خارج حدود دولة “إسرائيل”، أي ان هذه الجريمة المرتكبة هي خارج نطاق اختصاص المحكمة.

ولكن المحكمة رفضت هذه الادعاءات من اساسها، وبالتالي استأنف محامو الدفاع أمام المحكمة العليا بحجة أن المحكمة العسكرية غير مخولة سماع التهم الموجهة إلى المحتجز، وبالتالي يجب إلغاء الإجراءات ضده وعليها اطلاق سراحه من الاحتجاز.

تمت مناقشة ثلاث مسائل قانونية في مداولات المحكمة العليا.

  • المسألة الأولى: هي ما إذا كانت المحاكم العسكرية تخضع لقرارات محكمة العدل العليا التي لم تكن في قلب النزاع. ولكن في ضوء تعليقات المحكمة قررت محكمة العدل العليا التأكيد على هذه القضية.
  • المسألة الثانية: حول ما إذا كان ينبغي لمحكمة العدل العليا أن تستمع إلى طلب الدفاع، خشية أن يتم رفضه من بابه، لأن مطلبه بأن تتدخل المحكمة العليا في المحاكمة الجنائية قد يفتح الباب أمام إمكانية أن يستأنف كل مدعى عليه في محكمة عسكرية أمام محكمة العدل العليا في أي وقت، حتى أثناء محاكمته.

وقد أقرت محكمة العدل العليا أن المحكمة العسكرية الخاصة تتمتع بصلاحية الفصل في الدعوى المتعلقة بالأفعال المرتكبة خارج حدود “الدولة”، بمعنى أنها السلطة التي تخول المحكمة العسكرية البت في القضايا الشخصية ولو كانت ذات الادعاءات إقليمية، كما طلب الادعاء، وليس الولاية الإقليمية فقط، والتي تقتصر على حدود الدولة، كما طلب محامو الدفاع.

وقد قضى قاضي محكمة العدل أن المحاكم العسكرية هي جزء من نظام المحاكم، وبالتالي، في القانون الإنجليزي، يجب تحديد أن المحاكم العسكرية، مثل المحاكم المدنية، تخضع لقراراتها من المحكمة العليا.

وقد قيل إنه عندما يدعي الملتمس أن المحكمة تتصرف دون إذن، فهذا مطالبة بالتعويض وبالتالي فإن محكمة العدل العليا لن ترفض الطلب من دون أن تسمع الدعوى.

  • المسألة الثالثة: وحول الأسس الموضوعية للحجة المتعلقة بعدم وجود سلطة المحاكم العسكرية لسماع الجرائم المرتكبة خارج حدود دولة “إسرائيل”، قرر القاضي رفضها. بمعنى آخر، المحاكم العسكرية صاحبة سلطة شخصية تجاه موظفي جيش “العدو” حسبما منحه لها القانون من صلاحيات، وبالتالي لديها الصلاحية لمحاكمتهم.

في 31 أكتوبر 1949، انتهت الإجراءات القانونية في المحكمة العسكرية الخاصة، وتم تأكيد ارتكاب جريمة القتل وإدانة “لاهيس” بها وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات.

قدّم محامو “لاهيس” طلباً الى محكمة الاستئناف العسكرية، التي تركت حكم الإدانة على حاله ورأت أنه “سليم”، لكنها خفضت العقوبة من سبع سنوات إلى السجن لمدة عام واحد فقط! ولكن في يوم “الاستقلال” عام 1950، أمر رئيس “إسرائيل” آنذاك، “حاييم وايزمان”، بتخفيض العقوبة للإفراج عنه. وفي عام 1955 حصل على عفو من رئيس الدولة، والذي سمح له، من بين أمور عدة، بالتأهل كمحام في العام نفسه.

في وقت لاحق، وبالتحديد في عام 1978، تم اختيار “لاهيس” للعمل مديرًا عامًا للوكالة اليهودية، ثم تم تقديمه من قبل مجلس محافظي الوكالة اليهودية في القدس في اللجنة المنشأة لغرض انتخاب الرئيس التنفيذي. ونظرًا لأن هذا منصب عام وهام، فقد أدى ذلك إلى نقاش كبير حول انتخابه، على خلفية تورطه في الحادثة في قرية حولا، ولكن لم يتم إلغاء انتخابه.

أهمية الحكم
قضية حولا هي جزء من سلسلة من الأحداث الإجرامية التي وقعت خلال حرب “الاستقلال”، ما أدى إلى محاكمة الجنود والضباط مثل محاكمة “لاهيس” ومحاكمات مماثلة في نفس الفترة.

واذا علمنا أنها تم احتلالها (حولا) خلال “الاستقلال”، نعلم دورها حول شرعية الحكم على الجنود والضباط فيما يتعلق بالأفعال الخطيرة المرتكبة أثناء القتال. وتشير القضية أيضًا إلى موقع نظام إنفاذ القانون في السنوات الأولى لتأسيس الدولة.

هذا الأمر مهم أيضًا في القرارات القضائية – التي أقرتها المحكمة العليا – والتي لا شك فيها قابلية تطبيق القانون على جنود “جيش الدفاع” في أوقات القتال، وصلاحية حظر إلحاق الأذى بالمدنيين في القتال، وتطبيق القانون العسكري على الجنود، حتى عندما يعملون خارج دولة إسرائيل. وهذه القرارات هي حجر الزاوية في عملنا الحالي.

لماذا اخترت الموضوع؟
بدوري، أنا أتعامل مع القانون الجنائي في “جيش الدفاع”، وتمثل حادثة قرية حولا بالنسبة لي واحدًا من الأحداث الرئيسية في عملية إنشاء نظام إنفاذ القانون في “جيش الدفاع”، وقد خرجت بدافع الفضول حول الإجراء، الذي أصبح مشهورًا جدًا في وقته.
لقد تأثرت بشكل خاص بمستوى الممارسة القانونية في القضية التي وصلت إلى المحكمة العليا، وحقيقة كان القانون العسكري مطلوبًا لمناقشة سلسلة من أسئلة الاستعداد، حتى في مرحلة مبكرة جدًا في نظامنا القانوني.

ثم يختم الكاتب بعرض مجموعة المصادر والمراجع والوثائق وبينها الصورة أدناه وهي عبارة عن مقال حول قضية مجزرة حولا من صحيفة “الصباح” الصهيونية، في عددها الصادر بتاريخ 19 أيار/مايو 1950.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد