هستيريا الصهاريج

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

كسر المازوت الايراني جدار القبر المطبق على نفوس اللبنانيين، منذ ما بعد أحداث السابع عشر من تشرين الأول عام 2019 ولغاية اليوم. حتى وصل الامر الى ندرة الحصول على ليترات معدودة من المازوت او البنزين لسد الاحتياجات الاساسية للعيش.
لعل ما نجحت صهاريج المازوت الايرانية تثبيته هو مد الاوكسيجين لما تبقى من اقتصاد وحياة في لبنان، فضلا عن الاوكسيجين السياسي الذي تمثل بالتراجع الاميركي الواضح بعد الاعلان عن دخول المازوت الى لبنان. بكسر الحصار السياسي عن سوريا بالايعاز للوفد الوزاري اللبناني بزيارة دمشق وتسهيل امداد لبنان بالكهرباء من الاردن عبر الاراضي السورية.
لم يقتصر اثر الصهاريج على ذلك بل تعداه ليتسبب بحالة من الهستيريا التي اصابت ايتام دورثي شيا، حتى باتت السيادة في لبنان حسب رأيهم منتهكة ومنقوصه بفعل استجرار النفط الايراني. لكنها كاملة ومكللة بزيارات السيدة شيا الى اليرزة ورسمها تفاصيل المشهد السياسي الداخلي فضلا عن زياراتها الاقليمية “لبحث تطورات الاوضاع في لبنان” في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة.
حفلات الشيطنة والتكفير لم تتوقف منذ لحظة دخول الشاحنة الاولى المحملة بالمازوت الايراني من سوريا الى داخل الاراضي اللبنانية، ولو استطاع ايتام شيا لحملوها مسؤولية الانهيار والدين العام وتأخر تشكيل الحكومة، حتى خسارة لبنان امام كوريا الجنوبية منذ اسابيع كان سببها صهريج المازوت الذي اعاق وصول اللاعبين الى ملعب المباراة.
الهستيريا من النفط الايراني لم تتوقف عند هذا الحد. حيث عممت برقية من العاصمة الاميركية واشنطن صادرة الى منظمات الـ USAID وتلك التي تمولها بشكل مباشر وغير مباشر، تحذر فيها كل الموظفين والمستخدمين والمستفيدين من التعامل او التزود بالوقود الوارد عبر ايران، او التعامل مع محطات الأمانة التابعة لحزب الله.

Case No. IA-2021-870300-1
Jim Mullinax, Director
U.S. Department of State
Bureau of Economic and Business Affairs
Office Of Sanctions Policy and Implementation
2201 C Str, NW
Washington DC 20520


البرقية الصادرة من واشنطن تضمنت حظر التعامل والتواصل مع المؤسسات والشركات التابعة او المتعلقة بالحكومة الايرانية وحزب الله بما في ذلك محطات الوقود والصيرفة وغيرها.
وذلك في مسعى واضح لخلق حالة رهاب من النفط الايراني والحد من مستوى الاستفادة والخرق الذي حققته صهاريج معدودة منه لغاية الآن.
كيف هو الحال اذا تابعت السفن الايرانية مهمة نقل المشتقات النفطية خلال الاشهر المقبلة؟ لا شك ان الانهيارات بالمنطومة الفاسدة التي تحتكر السوق ستستمر وهذا ما سيقلل من قدرتها على السيطرة والتحكم بشؤون العباد والبلاد على غرار ما شهدناه خلال السنوات والاشهر الماضية.
بالمحصلة فإن اوجه التغيير التي دقت ناقوسها صهاريج النفط ربما تعدت في نتائجها ما كان مخططا له. فالبعد السياسي للنفط القادم من طهران الى بيروت مروراً بسواحل البحر الاحمر والمتوسط وسوريا براً، كسر في طريقه امواج الحصار على طول امتداد ما يسمى حدود سايكس – بيكو.
فكما كان الحصار على امتداد جغرافيا المقاومة جاء كسره على طول هذه الجغرافيا وأبعد، لاغياً الحدود المصطنعة في الجغرافيا الواحدة. فهل تشكل هذه الخطوة حجر الأساس في تحجيم الهيمنة الاقتصادية الاميركية على المنطقة وبالتالي أثرها السياسي؟ والى أي مدى تساهم العوامل الاقليمية المستجدة في تكريس هذه المعادلة ونتائجها، وبالتالي زرع الرعب الأكبر في قلب كيان التوحش الليبرالي الغاصب فوق أرض فلسطين المحتلة؟

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد