مسار الفتنة: استفزاز يبلغ حدّ الاغتيال

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

يا علي.. يا رافع الراية التي استفزّت حقدهم.. ويا ابن الخطّ الذي أذلّ أسياد هذا الغدر العتيق.. زيّنتَ ليلنا يا قمر.. وهبتنا أن نبكيكَ شهيدًا ارتفع على أكفّ الصّبر في قلوبنا، ووهبتنا أن نستضيء بعينيك ونحدّق في قدرة أرواحنا على كظم الغيظ ما استطعنا إليه سبيلًا..

يا علي.. يا ابن بيوتنا المرصّعة بصور الشهداء، وابن أعيننا المكحّلة بالألم، وأيدينا التي خطّ الوجع في تجاعيدها أثرًا من بسمات الشهداء، ها أنت تصل وها نحن نقف بين يدي الغضب، ونذخره رصاصًا ليومٍ لا بدّ سيأتي..

يا علي، رأينا الحكاية كلّها واستعدنا في تفاصيلها كل حكايات الشهادة في الصراع بين الحقد وبين الحب، ورأينا دمك ينتصر على سيف الغدر، ويلوّح لوهننا أمام الخبر ثمّ يمضي إلى السماء.. دم الشهيد بيد الله يسقط، يا شهيد، دمك إلى يد الله ارتفع، وارتجف في أوردتنا الدم..

قُتل علي شبلي غدرًا، فلا ثأر لأدوات الفتنة عنده، إلّا إذا اعتبروا قتاله الإرهاب التكفيري في القصير وقتاله الصهاينة في تموز قتلًا استهدفهم وأصاب فيهم مقتلًا، فيصبح قتله بداعي الثأر إقرارًا منهم بأنّهم ارهابيون تكفيريون أو عملاء متصهينون..

قُتل علي شبلي على مرأى من عائلته، برصاصات غادرة تبعها بيان موقّع باسم عشائر العرب يكمل بالادعاء الكاذب ما بدأته الرصاصات، ويحاضر بالعفة فيما يخص السلم الأهلي وحسن الجوار، بل ويدعي أن القتل غدرًا عادة عشائرية عربية، ويتناسى الحقائق التي تثبت أن الشهيد لم يقتل لهم ولدًا، وأنّهم منذ حادثة آب ٢٠٢٠ بادروا إلى الأذى والتهديد والاعتداء، وأن مقتل ابنهم كان قضاء وقدرًا بسبب تواجده في ساحة اطلاق نار عشوائي تبادلوه مع الجيش كخارجين عن القانون، كقطاع طرق وكمعتدين على الأرزاق والأرواح.

تكثر التحليلات حول الخلفية الحقيقية للجريمة، إلا أنه لا يمكن لعاقل متوازن أن يضعها في خانة الثأر العشائري. وأكثر من ذلك، الخلفية الفتنوية واضحة منذ العام الماضي حيث أقدم هؤلاء على التعدّي المشهود على آل شبلي، وما اكتفوا بإحراق مبنى سنتر شبلي.

ومع اقتراب الحفل الموعود للفتنة التي تستثمر في ضحايا تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب، أليس منطقيًا وضع جريمة اغتيال علي شبلي في سياق جرّ حزب الله إلى رد في الشارع؟ هل توقيت الجريمة وأسلوبها منفصلان عن السياق الفتنوي الذي يستخدم “عرب خلدة” كأداة قذرة بوجه الصابرين على الأذى حقنًا للدماء ومنعًا لاقتتال داخلي مذهبي تريده أميركا منذ ما قبل ٢٠٠٥ إلى اليوم؟

هل يمكن اعتبار رصاص الحقد المبتهج والمنشورات المهنئة لمسخ قتل غدرًا إلّا تقاسم أدوار لأوركسترا فتنوية يديرها قاتل واحد؟ هل يمكن ببساطة محاكمة من أوجعهم القتل فصرخوا غضبًا بتهمة الكراهية فيما يجوب من ابتهجوا بالقاتل منصات التواصل مبدين فرحهم بالقتل بأقذر العبارات؟

علي شبلي شهيدٌ في خطٍّ أقماره شهداء التحقوا بالقافلة أو منتظرين صابرين على الأذى، كاظمين الغيظ، حافظين غضبهم إلى حين الحاجة إليه.. علي شبلي شهيد في خط يقاتل أسياد من قتلوه غدرًا، وينتصر.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد