حماس بعد إبادة غزة: السلاح ليس غاية بل وسيلة

15

ريما فارس – خاص الناشر |

بعد حرب الإبادة على غزة، انطلقت مباحثات دولية وإقليمية لإحياء مشاريع التسوية، بينها خطة ترامب التي رفضت سابقًا. حاولت القوى الدولية الضغط على المقاومة للانخراط سياسيًا، لكن حماس وضعت خطوطًا حمراء: لا دولة بلا سيادة، ولا تسليم للسلاح قبل زوال الاحتلال.

في هذا السياق، جاء تصريح موسى أبو مرزوق حول الموافقة المبدئية لحماس على عناوين خطة ترامب، وربط تسليم السلاح بإقامة الدولة الفلسطينية. هذا التصريح يأتي ضمن واقع مختلف تمامًا عمّا كان قائمًا قبل حرب الإبادة، حيث جعلت المجازر والدمار الهائل المقاومة في موقع مركزي عالميًا، بعد أن شهد الرأي العام الدولي تعاطفًا غير مسبوق مع غزة، وظهرت تحولات مهمة في الشارع الغربي.

المفارقة أن هذه الحرب نفسها خلقت ضغوطًا كبيرة على المقاومة، إذ حاولت القوى الدولية إعادة فرض مسارات التسوية القديمة بلبوس جديد. هنا يظهر تصريح أبو مرزوق كإشارة إلى براغماتية سياسية، تقول حماس من خلالها إنها ليست ضد أي مشروع يحقق دولة فلسطينية حقيقية، لكنها في الوقت ذاته تؤكد أن السلاح ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق الحرية والسيادة.

بعد إبادة غزة، لم تعد التسوية مجرد نقاش حول خطة ترامب أو مشاريع مماثلة، بل أصبحت مرتبطة بشرعية المقاومة التي أثبتت قدرتها على الصمود، وبالمعادلات التي فُرضت على الاحتلال سياسيًا وعسكريًا. فإذا كان الحديث سابقًا عن خطة ترامب يُعد نوعًا من الفرض الخارجي، فإن الواقع الجديد يجعل أي تسوية غير ممكنة من دون أخذ المقاومة بعين الاعتبار.

ما تغيّر حقًا هو أن صورة غزة المدمَّرة جعلت العالم يرى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد خرائط ومفاوضات، بل دماء تُسفك وحقوق تُسلب. وفي هذا الإطار، يمكن قراءة تصريح أبو مرزوق كمناورة سياسية أكثر من كونه تحوّلًا استراتيجيًا؛ رسالة تقول: نحن لسنا حجر عثرة أمام الدولة الفلسطينية، لكننا لن نضع سلاحنا إلا إذا كانت هناك دولة حقيقية، لا مجرد وهم يُفرض علينا من الخارج.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.