ياسر رحال – خاص الناشر |
بعيدًا عن نظرية المؤامرة، وكذلك بعيدًا عن الشوفينية المارونية التي تعيد اليوم ترتيب نفسها من أجل إطلاق مارونية سياسية جديدة تريد استعادة التحكم بمفاصل الدولة التي هي أصلًا بيدها ولم تجيرها لصالح المشروع الوطني، وليس أدل على ذلك من التمسك بالمناصب والكراسي وحقوق الطائف، وعبارة “أمن المجتمع المسيحي” التي يعمل سمير جعجع ليل نهار عبرها تسعيرًا للحرب الأهلية ليعاود مهامه كزعيم زاروب، بعيدًا عن كلّ ذلك من أين يأتي البعض ببراءة الذئب حين الحديث عن رفض وجود الآخر “الغريب” في بلدته أو مدينته؟.

من أين يأتي مثلًا شخص بالقدرة على الدجل واختراع المبررات فقط وفقط لمنع الآخر “الغريب” من التملك أو الاستئجار العقاري في منطقة على الأراضي اللبنانية؟
أليس من سمات “العهد الجديد” بناء دولة المواطن؟ طيب.. الشيعي اللبناني هو مواطن ويحق له ما يحق لأي مواطن، وإذا فصلنا أكثر، يحق له أن يمتلك عقارًا وأن يسكن فيه، أو أن يؤجره أو أن يذهب للاصطياف فيه. لكن يبدو أن نظرية “البيكيني” التي أطلقها حواريو البطريرك صفير في منطقة البترون ما زالت سارية المفعول.
قصة “البيكيني” روتها لي صديقة مسيحية أثناء رحلة عودتنا من الشام بعد حضور مؤتمر إعلامي فيها قبل عدة سنوات، قالت الصديقة إن البطريرك صفير يومها، وخلال الحملة الانتخابية للوزير جبران باسيل-لم يكن استلم رئاسة التيار الوطني الحر-كان رجال دين مسيحيون يجولون على بيوت البترون، وتحديدًا كبار السن لينبهوهم لموضوع مهم جدًّا، ألا وهو أن فوز جبران باسيل سيحرمهم من النزول على شاطىء البترون -وهو من أجمل وأنظف شواطىء لبنان- بـ”البيكيني” وربما سيجبرهم على ارتداء عباءة باللون البرتقالي!
نعم، صدقوا، هذا ما كان يحصل، واليوم يتكرّر في منطقة “الرميلة” الساحلية تمهيدًا لاتّخاذ قرار بمنع الحضور الشيعي فيها، في سابقة تلحق بشقيقتها “الحدث” أو “الحدت” كما يحب بعض أهلها تسميتها، تحت نظرية ممنوع دخول “الغريب”.
لن نعود بالتاريخ كثيرًا، ولن نتحدث عن ارتكابات البعض على خط الساحل، ولن نذكر ما كان يجري على أهلنا، ورغم ذلك قرارنا كان بناء القدرة للدفاع عن الكل أمام الوحش الذي يستهدف الكل. وما زال شبابنا على أهبة الزناد للدفاع فيما مدّعو السيادة يزيدون انبطاحًا، وفهمكم كفاية.
.. وبانتظار أن يصبح عندنا بلد، ولا نعود غرباء، على كلّ من يسمع في هذه المزرعة أن يتذكر فقط أنه لولا نخوة وكرامة وشجاعة هؤلاء الغرباء لم يكن لديهم “مرقد عنزة” ولو “طارت”.
و”على فوقة”: عند الغريب على شاطىء صور وتوابعها، “البيكيني” على مد عينك والنظر وبكل ألوان الطيف.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.