تراهم حاضرين في الميدان وأينما كان، أبطال الحرب المجهولون الذين يواجهون بطش العدوّ وإجرامه بلحم ودم وسترة لا تقيهم من غدر قذائفه ورصاصه، يسارعون لإنقاذ الأرواح رغم علمهم أن المقابل قد يكون أرواحهم.
أبطال الدفاع المدني الحاضرون في ساحة الحرب منذ اللحظات الأولى، باتوا اليوم جزءًا من مشهد التضحية والصمود الذي تجلى بأبهى صوره، مع ارتقاء عدد من هؤلاء الأبطال شهداءً، لينضموا بذلك إلى قافلة من سبقهم من الشهداء على طريق القدس وفلسطين.
تاريخ الدفاع المدني في لبنان حافل بالبطولات والتضحيات، إذ لم يتخل أبطاله عن تحمل مسؤولياتهم وواجبهم الإنساني في كلّ الأزمات التي شهدها البلد، من حرائق وحوادث وانهيارات للمباني وتطوع لمهام إنقاذية خارج لبنان، وصولًا للأحداث الأخيرة التي يشهدها الجنوب منذ ما يقارب الستة أشهر.
موقع الناشر أجرى مقابلة مع مسؤول مركز الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية الإسلامية في منطقة صور إسحاق كمال، وذلك في محاولة لتبيان الواقع الذي يحاكيه الدفاع المدني في فترة الحرب والتضحيات التي يقدمها في عمله رغم كلّ المخاطر والتحديات التي تواجهه منذ بداية الأحداث.
إسحاق أشار أن “جمعية الهيئة الصحية الإسلامية بكلّ مجالاتها تأسست عام 1984 لتكون إلى جانب الأهالي في ظلّ ضعف إمكانيات الدولة، وقد تطوّر عمل وفرق الجمعية مع الوقت لا سيما الدفاع المدني الذي كانت كلّ طواقم عمله على أتم الجهوزية منذ بدء الحرب في شهر أكتوبر وعلى امتداد القرى الحدودية”.
وعن مهام فرق الدفاع المدني خلال هذه الحرب، يروي إسحاق: “في الأسابيع الأولى من الأحداث قام العدوّ الإسرائيلي بحرق الأحراج والأرزاق، فتدخلت فرق الدفاع المدني لحماية أرزاق الناس، وقد كان العمل في بعض الأحيان متواصلًا خلال الـ 24 ساعة، ورغم محاولات العدوّ لإضعاف عمل الفرق عبر رمي القذائف باتّجاههم، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمتهم”.
وعلى مستوى فرق الإسعاف يضيف “عملت الفرق على نقل عشرات الجرحى من المدنيين إلى المستشفيات، فضلًا عن نقل جثامين 36 شهيدًا مدنيًّا منذ بداية الحرب، بالتعاون مع الجمعيات الأخرى الحاضرة على الأرض، كجمعية الرسالة الإسلامية وفرق الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني اللبناني. وإلى جانب ذلك ثمة مهام متعلّقة برفع الأنقاض ونقل الجرحى أو الشهداء. وهذه المهام قد تستمر لساعات وفي أكثر من مكان خلال اليوم الواحد”.
وعن التضحيات التي قدمها الدفاع المدني في الهيئة الصحية، يشير إسحاق إلى ارتقاء 7 شهداء، وإصابة العديد من المتطوعين بجراح وإصابات متفاوتة، وقد تم تدمير 3 مراكز بشكل كامل، و9 سيارات دمرت أيضًا وخرجت عن الخدمة، فضلًا عن تضرر عشرات السيارات الأخرى التي تم إعادة تأهيلها ووضعها في الخدمة مجددًا.
وكرسالة ختامية أكد إسحاق أن “الدفاع المدني مستمر إلى جانب الناس كما عاهدهم دائمًا، وسنضحي بأرواحنا لنحمي أرواحهم وأرزاقهم ولن نتركهم مهما تعرضنا للأذى حتّى يتحقق النصر، والحمد لله الذي وفقنا لخدمتهم”.
مرة أخرى يؤكد أبطال الدفاع المدني بكلّ أطيافهم أنهم حقًا جزءٌ من معركة الصمود والتضحية التي يشهدها لبنان، وها هم اليوم يسطرون بتضحياتهم وصمودهم وثباتهم على خط المواجهة، قصصًا عظيمة من قصص الصمود والنصر التي سيخلدها التاريخ للأجيال، وليكونوا بذلك شركاء في انتصار هذه الأمة وفي نصرة الشعوب المظلومة والمضطهدة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.