علاء الدين الغربي* – الناشر |
ستينيات القرن الماضي وإبّان اندلاع الثورة اليمنية، كان في منطقة تدعى الجوف قبائل يرأسها زعماء أشبه بمنحى العصابات، إذ كان مرود رزقهم يتمحور على الاستيلاء على القوافل التي تمر بمحاذاتهم وجلّهم لم يشاهد قط أي دبابة أو طائرة (١).
وأقامت القبائل التابعة للنظام الملكي كمينًا محكمًا في قرية “المطنة”، راح ضحيته عدد من الجنود المصريين، لم يتأخر الوقت حتى شنّت القوات المصرية غارة على قرية “المتون” التي ينتمي إليها أفراد تلك العصابات (٢) وكان ذلك من تدبير الفريق الشاذلي.
لقد قُهر سابقًا
في شيء لم يعد له مكان بعد صعود حركات المقاومة في المنطقة لكن له الأثر الكبير ولقي صدى في جل أرجاء العالم العربي و الإسلامي وهي أسطورة الجيش الذي لا يقهر .ففي حرب ١٩٦٧ كان الصهاينة يلقون القبض على جمع من الجنود المصريين ويقتلونهم ويبقون الباقي حتى يلوذوا بالفرار حتى يشيعوا ما حدث لزملائهم، كما قام الصهاينة في تسميم الآبار الأمر الذي أدى إلى شهادة عدد من الجنود أثناء الانسحاب (٣) وهو الأمر الذي قد عالج فصوله الفريق الشاذلي إبان حرب تشرين ١٩٧٣، إذ لم يكد يقف القصف المدفعي على الصهاينة حتى إذا خرجوا وجدوا قناة السويس تعج بالقوارب والجنود ،حيث تشير بعض الإحصاءات إلى تجاوز العدد الذي عبر ٨٠ ألف جندي وضابط. أبلغ تعبير ما قاله توفيق الحكيم في اليوم التالي “ليس مهما نتيجة المعارك الحالية الدائرة الآن فوق سيناء، المهم أننا عبرنا الهزيمة”.
الثغرة
اختلِف مع جل الذين تعرضوا لحرب تشرين، وسأحاول أن أُقارب الأمر من زاوية مختلفة، يقارب جل الذين تناولوا أمر حرب تشرين أن بواكير الخلاف قد تبدت في أثناء حدوث ثغرة الغرب من القناة ،وهي حينما أمر السادات بنقل جزء من الجنود إلى الشرق لما سيصطلح عليه لاحقًا بخطة تطوير الهجوم وتخفيف حدة الضغط عن سوريا، الأمر الذي أدى لحدوث الثغرة وبدء على اثرها تجليات للخلاف، لكن ما أحاول قوله إن ذلك لم يكن خبط عشواء وتجاوزًا للتقليد العسكري الذي يقوم وفقه مسؤول القوات المسلحة بإدارة الأمر والذي كان يجب على القيادة السياسية الوقوف على تشخيص الشاذلي، بل إن ما حصل كان في مكانه الطبيعي وموضعه، والذي سيتكشف ملامحها بحذو السادات خيارات التسوية، وقبلها استأثار السادات بالشاذلي وإرساله إلى بريطانيا ثم تقويضه وحجب الصورة عن دوره في الحملات التي شنها الإعلام الرسمي، وعاود السادات إيفاده إلى البرتغال قبل أن يستقيل الأخير رفضًا لاتفاقية كامب دايفيد وتشكيله الجبهة الوطنية المصرية من مقره في الجزائر التي لجأ إليها سياسيًا.
أي أمة لها مصادر اعتزاز بتراثها القومي وبرجالاتها الذين يكون لعلاقتهم بالتاريخ جدلية البقاء من عدمه، يشكل الشاذلي أحد أولئك الرجال الذين على الأمة أن تحذو حذوهم وتستلهم من تجربتهم.
حقوقي وناشط قومي عربي*
المصادر
مرجع : أسامة الرشيدي “الفريق سعد الدين الشاذلي شهادات و وثائق ” الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية
١-ص: ١٩ “اللواء علي صالح “. (الحرب الاقسى)
٢-ص: ٢٠ ،٢١ المرجع نفسه
٣ -ص:٤٧ “العقيد اسامة صادق” “الاستعداد للحرب “
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.