القرار 1701 والحرب على حزب الله.. متى وقتها؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

محمد شمس الدين – الناشر |

تبذل الولايات المتحدة الأميركية جهدًا ملحوظًا لإعادة تغعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، وإعادته الى واجهة التطورات في المنطقة ضمن “ورشة” السيناريوهات التي تعدها لترتيب الخروج من أزمة قطاع غزة والحرب التي تشنها “إسرائيل” عليه بمشاركة وقيادة أميركية فعليتين.


المطالبة بتطبيق القرار 1701 يرتبط بالخطة الأميركية – الإسرائيلية الجاري تنفيذها في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تهدف بالدرجة الأولى الى بسط سيطرة أمنية كاملة على تلك المناطق ضمن ما أعلن مسبقًا من نية صهيونية في القضاء على حركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية المسلحة، وذلك بحسب التقديرات، سيكون لخدمة مشروع استراتيجي ربما ستتضح معالمه بشكل كامل مع بروز نتائج حرب الدولة العبرية الوحشية على الفلسطينيين بشكل لم يشهد له التاريخ الحديث على الأقل مثيلًا.


إن التهديدات التي أطلقها وزير الأمن الصهيوني يوآف غالانت للبنان وحزب الله ومطالبته بتطبيق القرار 1701 وعدم تواجد الحزب على الحدود وإبعاده الى شمال نهر الليطاني، ترافقت مع تحريك حملة دبلوماسية واتصالات سياسية تقودها الولايات المتحدة تحقيقاً لهذه الغاية، إنما تندرج في عملية واحدة تهدف الى فصل “ساحات المقاومة” عن بعضها بعد حرب غزة ليكون التعامل لاحقًا مع كل “جبهة” أو ملف بشكل منفصل عن الآخر.


في الواقع، هذا ما تريده واشنطن التي لم توافق على اقتراح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو توجيه ضربة لحزب الله بالتزامن مع حرب غزة مستفيدًا من لحظة الدعم الأميركي العسكري المباشر ووجود سفنه الحربية في البحر المتوسط، كما أنه يحتاج إلى هذه الضربة للحزب لأسباب تتعلق بوضعه الداخلي وخلافه مع “أقطاب” الصهاينة الآخرين، عدا عن ملفه القضائي، في حين تفضل الإدارة الأميركية تأجيل هذه الضربة الى وقت لاحق ومنفصل لسببين:

الأول يتعلق بعدم قدرة واشنطن على تحمل المزيد من تغطيتها ومشاركتها في سفك الدماء لما له من تبعات عالمية ورفض شعبي أوروبي وأميركي بدأ يطفو على السطح ما يشكل ضغطاً ومواقفاً تغييرية في الحسابات الداخلية للدول المعنية.
والثاني يتصل بطبيعة الحرب المفترضة ضد حزب الله في لبنان والحسابات التي تفرضها قوة الحزب وما يمتلكه من إمكانيات تسليحية، إضافة إلى عديده المنظم والمدرب تدريباً عالياً، ولعل الأهم هو ما يشكله حزب الله في المعادلة الإقليمية وليس فقط بتلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية عربيا، أو البعد الايديولوجي ونظرته الى المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وإنما بالبعد الإستراتيجي في صراعات المنطقة السياسية والجيوسياسية وإعادة تشكيلها، ولا نبالغ إن قلنا دوره في “غرب آسيا” في صراع الشرق والغرب الذي نشأ تحديداً بعد حرب روسيا وأوكرانيا، وما نتج عنها من انقسامات دولية. فالحرب على لبنان وحزب الله لها حسابات إقليمية ودولية يعلم الأميركيون جيد خطورتها وأبعادها.


سياق الحوادث في غزة التي تُدمَّر فيها كل إمكانيات الحياة بقرار يصل الى حد “منع” عودة أبنائها، وفي جنوب لبنان الذي يقف على حدود الحرب الواسعة النطاق، يؤشر الى دخول المنطقة في حالة فريدة من التوتر والعنف غير المسبوق، فيما يبدو أداء الإدارة الأميركية واضح في هذا الإتجاه ويعني أن قرار توجيه ضربة لحزب الله مماثلة لتلك في غزة هو قرار متخذ ومنسق مع “إسرائيل” ليتم تنفيذه في الفترة الممتدة الى قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن في تشرين الثاني من العام المقبل، لكن الخلاف هو حول التوقيت وتهيئة الظرف المناسب لشن تلك الحرب، ما لم تفرض تطورات حرب غزة توسيع دائرتها عاجلًا.


“عمليات التجميل” التي يحاول الأميركيون إجراءها في الوقت المستقطع عبر تطبيق القرار الدولي 1701 وممارسة ضغوط في هذا الاتجاه من خلال “الترغيب” أو “الترهيب”، تارة عبر الموفد الأميركي آموس هوكستين وإغراءاته النفطية والغازية و”أحلام الثروة” التي يحتاجها لبنان المنهك اقتصاديًا، ومراهنته على ما اعتبروه “تسوية” أدت الى الترسيم البحري بين لبنان و”إسرائيل”، أو التهديدات التي ينقلها الموفدون الأوروبيون لا سيما الفرنسيون منهم في السياق نفسه، فإنها جميعها لن تنجح في فرض أية “شروط” أو “تسويات” يمكن أن يخضع لها حزب الله الذي لن يبتعد عن الحدود ولو مترًا واحدًا، لأن” إسرائيل” لم تلتزم يومًا بالقرار 1701 ولم يستطع أحد إلزامها به، وهذا القرار قد “لعدم فعاليته” في لجم “إسرائيل”، أمنيًا وعسكريًا، في حين أن الحزب أجرى تعديلات كبيرة جدًا على خططه الحربية وترسانته العسكرية وحتى في بنية عديده، وذلك على ضوء الحرب الوحشية على غزة و”تحالفاتها”، استعدادًا للحرب المقبلة.. متى حان وقتها؟

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد