‏المقاومة في غزة كابوسٌ إسرائيلي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ندين النجار – خاص الناشر |

“أتمنى أن أستيقظ يومًا وأجد أن غزة قد غرقت في البحر”، كان هذا تصريح رئيس الوزراء في حكومة العدو الإسرائيلي إسحاق رابين في العام 1992، ومنذ ذلك اليوم، يحاول الإسرائيليون جعل هذا الحلم واقعًا. بالمقابل، تتجسدُ كل معاني الصبر والإيمان والصمود في الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة، فمشهدٌ لا يتعدى الدقيقة الواحدة لأصغر طفل فلسطيني قادرٌ على جعل المشاهد يقفُ متسائلًا عن مصدر هذه القوة.

اختلف المؤرخون حول معنى وأصل كلمة غزة، فمنهم من ردها إلى “التميز” و”الاختصاص بالشيء” ومنهم من اعتبر أنها تعني “القوة” و”المناعة”، وهذا ما ترجمه الفلسطينيون الذين يرزحون تحت آلة القتل الإسرائيلية في بلادهم.

أكبر سجن في العالم

تُعدُ غزة البالغة مساحتها 360 كلم2 مع نسبة كثافة سكانية عالية “أكبر سجن في العالم”. وقد جاءت هذه التسمية على لسان المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، الذي تحدث في مؤلفاته عن أوسع عملية تطهير عرقي في غزة والضفة الغربية بهدف بناء المستوطنات والاحتلال الكامل.

بدأت المخططات للإستيلاء على غزة والضفة الغربية في العام 1963 مع العسكري والسياسي الإسرائيلي موشيه ديان. ففي العام 1956 حصلت مذبحة خان يونس التي راح ضحيتها 400 شهيد تم إعدامهم بالرصاص الحي على يد جيش العدو الإسرائيلي، وازدادت حدة الإنتهاكات في العام 1971 بعد تعيين إرييل شارون قائدًا عسكريًا مسؤولًا عن غزة، الذي فرض قيودًا صارمة تمثلت في حظر التجول واعتقال التجار وإنشاء سياج حول قطاع غزة، إضافةً إلى هدم 2500 منزل واعتماد سياسة العقوبات الجماعية، حيث قام بنقل 6000 طفل وإمرأة إلى معسكرات عسكرية في سيناء. واستمرت القيود على القطاع مما أدى إلى عزله عن بقية الأراضي الفلسطينية وعن العالم.

الضغط على المقاومة

عمد الإسرائيليون الى تضييق الخناق أكثر فمنعوا القيام بالأعمال الزراعية ووضعوا قيودًا على الصيادين تسمح لهم بالاستفادة من 50% فقط من البحر، مما أدى إلى إرتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 47% بحسب تقرير اليونسيف حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في غزة. كل هذا ترافق مع عدم وصول مياه صالحة للإستهلاك البشري عبر الأنابيب وتهديد للأمن الغذائي داخل القطاع.

تطورت الأساليب الإسرائيلية في الحصار حتى وصلت إلى الكهرباء، حيث يعاني السكان في غزة من إنقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة، مما إلى تحولها لأزمة سياسية ونوع من أنواع الضغط والإبتزاز والتطويع بهدف الضغط على المقاومة وحاضنتها الشعبية.

تشكل غزة إحدى النقاط المحورية في الصراع مع العدو الإسرائيلي، فمن الإنتفاضة الأولى والثانية، والإعتداءات المستمرة والحروب التي شنتها في العام 2014 و2021، يحاول الإسرائيليون بشكل دائم ومستمر كسر إرادة الفلسطينيين داخل قطاع غزة بهدف التهجير. وهذا ما يفسر استمرار المجازر الوحشية والتي لا تحقق أي انتصار سياسي أو عسكري للعدو الإسرائيلي، كما يفسر الحديث عن مخططات تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية أو إلى الأردن حتى يتم تشكيل الوجود السكاني داخل القطاع بحسب الرؤية الإسرائيلية.

المقاومة في كل بيت

ظن الإسرائيليون على مر التاريخ وحتى يومنا هذا أنهم قادرون على ثني عزيمة الشعب الفلسطيني، فما كان من نتيجة لأفعالهم إلا انتشار المقاومة في كل بيت ليكون بذلك حرب على الشعب الذي اعتبر أنها أمله ومصدر إيمانه وصموده في وجه آلة القتل الهمجية. 5038 شهيدًا داخل قطاع غزة قدمتهم فلسطين، و29 شهيدًا قدمتهم المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، حتى الآن، لكي يتأكد الكابوس الإسرائيلي يومًا بعد يوم، بأن المقاومة جدوى مستمرة.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد