صقر درويش – خاص الناشر |
ملفت جدًا تعبير وزير الحرب في الكيان المؤقت يوآف غالانت، عن تلخيصه الكامل والشامل لما يواجهه جيش الاحتلال من خيارات حيال غزة، إذ قال في ثلاث كلمات إنها “حرب لا خيار فيها”.
نعم، إنها حرب لا خيار فيها للكيان المؤقت سوى الهزيمة المدوية على المستوى الاستراتيجي، وفقدان ميزة التفوق والقدرة في المدى المنظور. وفي هذا الصدد، تضيق الخيارات أمام الكيان، لتنحصر في خيارَين لا ثالث لهما:
الأول: قبول النتائج والنزول عن الشجرة والدخول في تسوية تحفظ له ما تبقى من ماء الوجه.
الثاني: الذهاب الى خيار غالنت (السياسي) وهو زج القوات البرية بمناورة، بعد التمهيد الأول بالتدمير الممنهج الذي تقوم به قوات المدفعية وسلاح الجو والقوات البحرية، ومن ثم أخذ التماس مع العدو وإدخال قوات المناورة إلى مناطقه.
وبحسب ما يظهر، فإن تجمع القوات الإسرائيلية شمال القطاع، حيث سيكون الجهد الرئيسي للتقدم البري، والمنطقة التي ستدخلها المدرعات والمشاة، منطقة معقدة من ناحية القتال القريب، حيث سيفقد المهاجم ميزة الدعم الجوي والمدفعية. وهنا سنسأل: هل الجيش المهاجم هو نفسه الذي كان في فرقة غزة التي تمت إبادتها وهرب مَن بقي منها هائمًا على وجهه؟
لم يتعلم غالنت ولا الرؤوس الحامية في الكيان من التجارب التاريخية وآخرها المعاصرة، لهكذا أنواع من العمليات الفاشلة بالدليل، أنه في معركة ستالين غراد، قامت القوات الألمانية بإبادة المدينة كليًا وأدخلت المدرعات والمشاة اليها ليتبيّن أن الروس قد اتخذوا من الأبنية المدمرة ملاجئ متكاملة ومفاجئة للقوات الروسية وبدأت عملية إجراء الكمائن القاتلة على القوات الألمانية وعمليات القنص والتي أدت في النهاية الى تحرير المدينة.
اليوم، تقاتل حماس على أرض لها، ويمتلك مقاتلوها روحًا معنوية مرتفعة، ولديهم إعداد جيد وتخطيط أبهر العالم، تمت مشاهدته على المباشر (عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر)، ولا شك أن مَن أعدّ هكذا هجوم منسق وحجب الإعداد له عن وسائل الجمع الإسرائيلية، البشرية والفنية، قد جهّز الميدان للقتال المباشر مع المدرعات والمشاة.
عند دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق غزة ستقع مجازر دبابات وكمائن مشاة وعمليات قنص لن يستطيع أي سياسي عبري أو قائد ميداني من الضباط تحمله، وستنكفئ القوات المهاجمة. عندها، سيكون انهيار تام لما تبقى من الروح المعنوية لجيش الكيان المؤقت وستتحقق نبوءة التلموديين: نتنياهو مسؤول عن الخراب الثالث.
بالطبع، لم نتكلم عن الضفة الغربية والعالم العربي والإسلامي، ولم نتحدث عن مخاوف تقدم قوات الرضوان في الشمال واحتلال الجليل، وانهيار الجبهة الداخلية لدى مشاهدة مئات التوابيت للجنود ومشاهدتهم على المباشر كيف ستتحول عربات الرب (المير كافا) الى كتل من حديد ملتهب، ولم نتطرق للقصف الذي سيتعرض له الكيان من محور المقاومة.
هذا السيناريو هو بكل تواضع بعض من يوم الجحيم الذي ينتظر الكيان. نعم يا غالانت، أنت أمام حرب لا خيار فيها إلا الاستسلام.. والأيام بيننا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.