على حين غرة استفاق الثنائي البخاري – شيا قبل يومين في صورة توحي وكأن الشريكين يسعيان لإيجاد حل لاستفحال الازمة السياسية في لبنان. وليس صدفة أن تطل علينا الخارجية الاميركية بقلقها من مراوحة الاوضاع السياسية في لبنان وتدهور الاوضاع الاقتصادية.
بعد تعطيل وتضليل لأشهر بملف تأليف الحكومة، يبدو ان الراعي الاميركي اوعز الى ادواته بالإيحاء ان حلًّا ما قادم في الافق. وربما ما صدر من تصريحات الاسبوع الماضي عن السفير السعودي في بيروت والسفيرة الاميركية، وبعدها بيان الخارجية الاميركية حول الاوضاع في لبنان يوحي بأن الاميركيين لم يعودوا مرتاحين للمراوحة السياسية بشكلها الحالي.
مصادر خاصة افادت ان الخطة الاميركية حيال لبنان، تشير الى عزم الاميركيين على المواجهة وعدم ترك الساحة. وهذا ربما ما يفسر التحرك الاميركي على خط المملكة العربية السعودية وما قيل عن مساعٍ اميركية فرنسية “لاقناع” السعودية بتبديل موقفها حيال تشكيل الحكومة وتذليل الشروط المفروضة على الرئيس المكلف.
هناك خياران هما الارجح للسيناريو المتوقع، اما ان يعتذر الرئيس الحريري اعتذارًا مشروطًا بتسمية شخصية أخرى يقبل بها لتشكيل الحكومة – وبالتالي يوافق عليها الثلاثي الاميركي الفرنسي السعودي – وإما الذهاب نحو التشكيل والالتزام بالتوصيات السعودية الاميركية.
امام هذين الخيارين بات الوضع الاقتصادي والاجتماعي يشكل عاملًا ضاغطًا وعبئًا على البيئة الداعمة للرئيس المكلف ما يسلبه ترف المماطله واضاعة الوقت للتشكيل، فهو بحاجة إما الى التشكيل وقيادة دفة المواجهة، وإما الى الاعتذار والانكفاء واخذ دور المعارض والمصوب على ما تبقى من العهد.
بالعودة الى الرؤية الاميركية الى الساحة اللبنانية، العقل الاميركي ينظر الى لبنان كساحة نفوذ وصراع اقليمي كبيرة اخفق فيها الاميركيون مرتين، الاولى بالحرب العسكرية عبر الوكلاء والثانية من خلال حقبة “داعش” واخواتها وذلك بفعل قوة المقاومة وحنكتها.
اليوم يحاول الاميركيون فرض تبدل في موازين القوى والنفوذ، وبالتالي عدم القبول بتشكيل حكومة وفق موازين القوى الحالية والتي خسر فيها الاميركيون ووكلاؤهم في لبنان والمنطقة. لذا تعتبر الادارة الاميركية ان مزيداً من الخنق والضغط الاقتصادي قد يؤدي الى القبول بحكومة تعيد للاميركيين شيئاً من اوراق القوة التي فقدوها خلال الاعوام العشرة الاخيرة.
هل شعر اليوم الاميركيون ان استمرارهم بمسلسل الضغط والتعطيل يخسرهم المزيد من حلفائهم واداوتهم في لبنان، لذا جنحوا نحو ايجاد مخرج ما يضمن لهم ما تبقى من نفوذ؟ وهل شكّلت اعادة تموضع بعض الزعامات السياسية في لبنان المحسوبة على الفلك الاميركي والسعودي، ومحاولتها اعادة فتح الطريق مع دمشق، ناقوس خطر استشعر من خلاله الاميركيون ضرورة الدخول مجدداً لصياغة المشهد السياسي في لبنان؟
يبقى الحل داخلياً بالدرجة الأولى ورهن اقتناع الجهات المعنية بملف التشكيل بضرورة اتخاذ القرار المناسب الذي يجنب لبنان الانفجار الكبير، ويفرمل انهيار الهيكل من اجل العمل على ترميم ما امكن او بناء آخر.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.