لن ييأس من يدفع بلبنان نحو الفتنة والفوضى على ما يبدو، وهو على استعداد لإعادة السيناريو أكثر من مرة حتى لو بالأسلوب نفسه علّه يحقق هدفه.
عُدنا الى المربع الأول بسيناريو يُكرر بعد فشله أكثر من مرة، إلا أنه رغم عدم قدرته وواقعيته، البعض مُصر على أن يعيش خارج الواقع وخارج الزمن وأكبر من حجمه بينما حجمه لا يسمح له بأقل من ذلك بكثير على قاعدة من ليس لديه قدرة على إحداث فوضى وفتنة في البلد يريد، ومن لديه قدرة لا يريد.
لا يُخفى على أحد أن الخارج بأدوات داخلية يدفع بهذا الاتجاه من أجل تحقيق هدف واحد فقط، ألا وهو النيل من حزب الله الذي يقف بوجه مشاريعه التي أفشلها في كثير من الأحيان، إن من خلال تشويه صورته والنيل من قدسية مسيرته المقاوِمة، أو بتحميله مسؤولية خراب البلد، ومن ثم مساواته بأبشع رموز الفساد في لبنان، إضافة الى تحريض بيئته عليه والضغط عليها من خلال شن حملات إعلامية ضخمة مدفوعة الثمن.
تحمّلت بيئة المقاومة ما لا يستطيع أحد تحمله، حملة ممنهجة استهدفتها، من اتهامات وتطاول على المقامات والمقدسات، لإهانة شهدائها، للتشكيك بوطنيتها، لشيطنة مشروعها الوطني الى أن وصل الأمر بالبعض لسحب الجنسية منها، حتى أنها جُلدت ممن يعتبر نفسه قريبًا منها، وبعضُ من يتحدث باسمها بدل إيضاح وجهة نظرها وما تتحمله، حاسبها على ردة فعلها التي لم تتجاوز حدود الدفاع عن النفس كلاميًا منعًا لتشويه صورتها التي دفعت ثمنها من دماء أبنائها.
إلا أن من يراقب تسلسل الاحداث وماذا حدث من 17 تشرين الى الآن يرى ان المشهد يُعاد من جديد وكأن الخارج استنفد كل خططه ويحاول إعادتها في الربع الساعة الأخيرة أو لربما في الوقت بدل الضائع عله يحقق شيئًا قبل نضوج أي اتفاق أو تسوية في المنطقة، ولبنان ليس بمعزل عنها. لذا رأينا السفيرة الأميركية تُطل عبر أحد التلفزيونات المحلية إضافة الى استكمال مسلسل تلفيق الاتهامات وتشويه صورة حزب الله للمزيد من الضغط عليه وعلى بيئته من ناحية ولتحريضها من ناحية اخرى من بوابة الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم، إلا أن الجميع أصبح يعي أن الضغط بلغ ذروته وليس بالمقدور فعل الأكثر.
تصدت بيئة المقاومة لهذه الهجمة بصلابة، صمدت وصبرت، كما طلب منها قائدها السيد حسن نصر الله الذي جدد طلبه في خطابه الأخير وحذّر من الانجرار الى الفتنة حتى من خلال السجالات وطلب من شعبه بالإضافة الى التحمّل والصبر على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عدم الدخول بسجالات مع أحد حتى وصل به الحد الى القول: أنا أقول لجمهور حزب الله، للمسؤولين، للمشايخ، للعلماء، أنا أُحدثكم بصفتي الشرعية وليس الحزبية، أي كلام يأخذ الى الفتنة بهذا الظرف حرام ومن الكبائر. اليوم منع الفتنة ووأد الفتنة هو أوْلى من أي شيء آخر، والذي يتصور أنه في ظل التحريض والسجال والفتنة يستطيع أن يعالج أزمة اقتصادية او معيشية أو سياسية هو واهم ويخرب البلد ويدمره. “هذا البلد غالي كتير علينا لازم نحميه مش بس برموش عيوننا، بدمنا، بدم أعزائنا، بفلذات أكبادنا”.
كلام ليس بجديد للسيد نصر الله الذي لطالما حذر منه لمعرفته بأسرار الأشياء، هكذا تُثبت التجارب معه دائماً، لذا يمون بالصبر على شعب لديه يقين ببصيرة قائده.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.