ميخائيل عوض – خاص الناشر |
تلقفت جهات سياسية واعلامية لبنانية الاتهام الاسرائيلي لحماس وتحميلها مسؤولية صواريخ الجنوب واجترت التهمة بلا تدقيق او تمحيص حتى لم تتبصر ما سيكون بنتيجة تكرارها الببغاوي لما تقوله “إسرائيل” ودون تدقيق.
الجهة المعنية بتسمية من يقف وراء الصواريخ دستوريًّا وقانونيًّا هي الدولة اللبنانية والجيش اللبناني. وفي تمحيص بيانه لا اثر لاتهام حماس او اي جهة. والجهة الثانية المعنية والمفوضة هي الامم المتحدة واليونيفيل ولم يصدر عنهما تسمية او اتهام او ذكر لحماس، فقط إسرائيل سمت واتهمت والابواق التافهة رددت واجترت.
أيًّا كان من نصب واطلق الصواريخ، فقد احسن صنعًا، وشكلت الخطوة تحولات استراتيجية ونوعية في الكشف عن حقيقة ميزان القوى في الصراع العربي الإسرائيلي، فقد حان مكان وزمان الرد ووقف الاعتداءات الاسرائيلية والبلطجة والتحرشات ووضع حد للعنتريات، وجاء زمن ان تلزم “إسرائيل” وحكومتها المتطرفة بوقف الاعتداءات على الاقصى وارتكاب المذابح في الضفة والتفرد بغزة او بسورية. فصواريخ الجنوب اعتبرها الاسرائيلي اخطر تطور منذ حرب تموز ٢٠٠٦ وارتهب منها وتملص من الرد عليها وحاول الاستفراد بغزة بذريعة مسؤولية حماس لكنه لجم نفسه وعنترياته واستجدى الوسطاء لترتيب رد يؤدي الى جولة عنف وقصف مناطق مفتوحة وغير آهلة في الجنوب وغلاف غزة.
اذًا؛ هي حقًّا صواريخ ذهبية بقيمتها ونتائجها ودلالاتها برغم انها من جيل الحرب العالمية الثانية، ولو ان بعضها جرت عملية تحديثه وجعله دقيقًا اصاب هدفه في المستوطنات بدقة.
فالصواريخ قالت كلمتها بوضوح وبعد وحدة الساحات تحققت وحدة الجبهات ووحدة الجبهات حلم ومطلب الشعوب منذ حرب الـ٤٨ ولم تتحقق الا بالرجمة الصاروخية الاخيرة من الجنوب اللبناني التي تبعتها صواريخ من سورية وعملية من غور الاردن واعلان الجيش المصري عن اكتشاف صواريخ بعيدة المدى في سيناء موجهة الى ميناء ايلات، وردت غزة على التحرشات بالصواريخ والمسيرات وبصواريخ الدفاع الجوي، والضفة والـ٤٨ صعدا من العمليات العسكرية والاشتباكات.
صواريخ الجنوب اعلنت وحدة الساحات وباتت “إسرائيل” وحلفها والامريكي وادواته يدركون ان زمن الانفراد بجبهة انتهى والى الابد، و”إسرائيل” المتفجرة ازماتها اعجز من ان تفكر بعد الآن بعمليات عسكرية على اي من الجبهات وحتى اقتحامات الاقصى والعبث به وبالولاية عليه باتت من المحرمات على “إسرائيل” وقد اذعن نتنياهو واوقف اقتحامات المستوطنين للأقصى في العشر الاواخر.
من جهة ثانية ونتيجة تبني اطراف وجهات ومنصات اعلامية لبنانية للافتراءات الإسرائيلية واتهام حماس بدورها جاءت بنتائج هامة على الازمة اللبنانية والانتخابات الرئاسية وعلى من يعطلها ويترك البلاد تذهب الى الفوضى التي جاءت بربرا ليف معاونة وزير الخارجية الامريكية في ثلاث جولات لتؤكد ان المشروع الأمريكي في لبنان هو الفوضى وبشرت بانهيار المؤسسة العسكرية، فردت الصواريخ بأن الفوضى التي يراد عبرها فرض المزيد من الافقار والازمات للبنان ومحاولات المس بقاعدة المقاومة الاجتماعية قد تكون نتائجها كارثية على “اسرائيل” نفسها وكان السيد نصر الله قد قالها صريحة لا تهددونا بالفوضى فالفوضى ستضرب “اسرائيل” اولا.
الصواريخ التي هدفت إلى حماية الاقصى والشعب الفلسطيني والاعلان عن حقبة وحدة الساحات تركت وتترك اثارًا لا تقل اهمية على لبنان وازمته ومساراتها فاتهام حماس كذبا وافتراء وترديد الاتهام من اطراف لبنانية يجعل للصواريخ اهمية واثرا داخليا، وتصبح اشبه بإنذار مفاده اذا اخذتم لبنان للفوضى فالجبهة الجنوبية ستصير مفتوحة لمن يرغب ببل يده بـ”إسرائيل” بالصواريخ او بالعمليات والاقتحامات ولتضرب الفوضى “اسرائيل” ايضا.
وهي ايضا دعوة لكل اللبنانيين، ومناشدة ان كفوا عن الرهان على “إسرائيل” وامريكا العاجزتين، وهيا نعمل لننهض بلبناننا عبر انجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة منسجمة واعادة احياء وبناء مؤسسات الدولة لتامين الاحاطة بالأزمة ومعالجتها والنهوض.
فانتظار ما ستفعله امريكا و”إسرائيل” لا طائل ولا جدوى منه، والرهان على الفوضى سيخسر “إسرائيل” وامريكا وحلفاءها واللبنانيين وليس من مصلحة الشعب والقوى الحية والسيادية منها الرهان على الفوضى والمشاريع الامريكية الاسرائيلية التخريبية.
فإلى متى الانتظار والاستمرار بالرهانات الخاطئة؟
سلمت الايادي التي ضغطت على الزناد واطلقت الصواريخ، فالرسائل قد وصلت وبكل اتجاهات.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.