القادة الشهداء.. هكذا يُصنع الإنسان

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لم يحدث من قبل أن رأينا مقاومة قادتها شهداء أو مشروع شهداء. لم يحدث من قبل أن رأينا مقاومة يتقدّم قادتها ساحات القتال. لم يحدث من قبل أن رأينا مقاومة قادتها أقصى ما يطمحون إليه الشهادة بعد تحقيق الانتصار. لم نعرف من قبل، مقاومة يعيش قادتها بعد استشهادهم، يستمر تأثيرهم، كلماتهم، صوتهم، يخشاهم العدو، يحققون الإنجازات والانتصارات، والأهم تحقيقهم ما كانوا يريدونه ويرونه ببصيرتهم.

لعلّها المرة الأولى في تاريخنا المعاصر تمر معنا مقاومة بهذه الاستثنائية، مقاومة ترفع شعارات لها منذ البدايات وتستمر مقاومتها لتحقيقها؛ فمنذ أربعين عامًا قال الشيخ راغب حرب “الموقف سلاح”، فدفعت المقاومة كل إمكاناتها من أجل ثبات هذا الموقف الذي لم يتغيّر طوال مسيرتها، وكانت الوصية الأساس للسيد عباس الموسوي “حفظ المقاومة” فتحوّلت من مجموعة شبّان الى قوة إقليمية، وكان هدف الحاج عماد مغنية “إزالة إسرائيل من الوجود” فاقترب تحقيق هذا الهدف.

قاد “القادة الشهداء” المقاومة لتحقيق نصر تلو الآخر، أدّوا مهمتهم بإتقان، أبدعوا في التأسيس الذي ظهر في النتائج، بقيَ الموقف سلاحًا وحُفظت الوصية وترك عماد مغنية عشرات الالاف من المقاتلين المُدرَّبين الحاضرين للشهادة، فلم يكن فقط قائد الانتصارَين كما سمّاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بل بقيت بصمته موجودة في كل معركة يخوضها حزب الله وينتصر فيها حتى يومنا هذا.

برَع القادة ومَن معهم من الجيل المؤسِّس بصنع الإنسان المؤمن المجاهد المقاوم الثابت حتى آخر قطرة دم، الذي استطاع أن يُحقق كل هذه الانتصارات التي كانت أشبه بالمعجزات، وهنا تكمن الاستثنائية، وهذا ما تحدّث عنه الحاج عماد عن بناء الفرد والإنسان، البناء الروحي المهاراتي، الذي نتج عنه تفوق أخلاقي وعلمي وعسكري تعتمد عليه منظومة المقاومة.

الذي واكب حزب الله منذ التأسيس الى اليوم، يعلم ما الذي زرعه قياديوه من مفهوم ثقافي في الأجيال الجديدة حتى بعد استشهادهم، كيف بنوا شخصية متوازنة على كافة الصعد، وكيف سعوا للوصول الى صورة المجاهد المتكاملة، والأهم كيف يستمرون بعد رحيلهم، من هنا يمكننا القول بالفعل أن هؤلاء الشباب المميزين هم ثمرة هذه الثقافة المميزة.

استثنائية هؤلاء القادة لم تكن فقط باستشهادهم وإنما ببصيرتهم. ليس سهلًا أن يقول قائد إن اسرائيل سقطت في زمن كان يُقال عنه العصر الإسرائيلي، وليس سهلًا في العصر نفسه أن يرى قائد مشهد الهزيمة للعدو ويبدأ بوعيه التخطيط له، ويقول عبارة تاريخية ألا وهي: الهدف واضح ودقيق “إزالة اسرائيل من الوجود”.

الروح الثورية، هي التي دائمًا تتطلّع بعد كل نصر الى نصر قادم، بالتوكل على الله وبإيمانها بقدراتها وبأحقية قضيتها، من هنا يمكننا فهم كيف يتقدّم إنجاز النصر على الوعد به.

إذًا، عندما يبقى الموقف سلاحًا وأكثر، ثأرًا لدماء الشيخ راغب، وتُطبَّق وصية حفظ المقاومة وأكثر، ثأرًا لدماء السيد عباس، حتمًا سيتحقق هدف إزالة إسرائيل من الوجود، ثأرًا لدماء الحاج عماد.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد