واشنطن تُخرج لنا أرنبًا جديدًا من القبّعة: مزيدٌ من الفوضى!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

زياد المصري – خاص الناشر |

بـ”سِحر ساحر” قرر القاضي طارق البيطار، فتح ملف التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت مجددًا، بعد اعتكاف دام 13 شهرًا، على إثر قرار كفّ يده عن الملف. إلا أن السحر معروف وهو عبارة عن أوامر ودعم، والساحر أيضًا معروف وهو التدخّل القضائي الأوروربي في لبنان، إضافة إلى “الإيحاءات” الأميركية المباشرة.

وقد اعتمد البيطار على “اجتهاد” قانوني يقول إن “المجلس العدلي هيئة مستقلة موازية للهيئة العامة لمحكمة التمييز، وأي قرار ينصّ على تنحية المحقق العدلي هو إلغاء لموقع تمّ إنشاؤه بموجب مرسوم وزاري. ولا يحتاج المحقق العدلي إلى إذن لملاحقة المدعى عليهم، لكونه أساساً مفوضاً للقيام بهذه المهمة”، متخطيًا بذلك كل الدعاوى القضائية المقدمة ضده، ومخالفًا كل القواعد القانونية، منتهكًا قرار كفّ يده عن الملف منذ كانون الأول 2021، ومواد الدستور التي تنص على الأذونات التي يحتاج إليها للملاحقة، محاولًا وضع نفسه في مقام أعلى من كلّ السلطات، ومانحًا نفسه سلطة القفز فوق القانون وتجاوز كل الصلاحيات.

لم يكن البيطار ليقوم بهذه الخطوة لولا الجهد التمهيدي لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، الذي هيأ له الأرضية بإحالته قبل 3 أسابيع برقية إلى البيطار يطلب فيها متابعة ملف الموقوفين الذين يبلغ عددهم 17 موقوفًا، ودرس طلبات إخلاءات السبيل، بعدما عمد عبود نفسه إلى تطيير نِصاب جلسات مجلس القضاء الأعلى التي كان يفترض أن تنعقِد لتعيين قاض رديف عن البيطار.

وقد استفاد الثنائي عبود – البيطار من الضغط الأميركي لتحريك ملف انفجار مرفأ بيروت، بعدما طلبت السفيرة الأميركية دوروثي شيا البتّ بمصير مسؤول أمن المرفأ محمد زياد العوف الذي يحمل الجنسية الأميركية، وتلويح أعضاء في الكونغرس الأميركي بتحريك لجنة نيابية أميركية تعنى بالرهائن الأميركيين خارج الولايات المتحدة، والتعامل مع الموقوف على أنه رهينة، إضافة إلى استفادتهما من زيارة الوفد القضائي الفرنسي الذي نشط على خطّ الضغط من أجل تحريك ملف جريمة انفجار المرفأ.

بالطبع، لم تكن كل هذه التحركات بعيدة عن الضغوطات السياسية المفروضة على لبنان ربطًا بالملف الرئاسي والانسداد السياسي الداخلي، في محاولة للاستفادة القصوى من تداعيات قرارات البيطار على الساحة الداخلية، وخصوصًا الترتيبات الجارية، في الإعلام والسياسة، للاستثمار من جديد بالملف، لاستئناف التوصيب على حزب الله وحلفائه من بوابة ملف المرفأ، واستثمارها في ملف الرئاسة.

وفي هذا السياق، أفادت معلومات صحافية بأن البيطار ادّعى في ملف انفجار مرفأ بيروت، على كل من المدير العام لأمن الدّولة اللواء طوني صليبا، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي، عضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، والقضاة غسان عويدات وغسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف، فيما وافق على إخلاء سبيل خمسة موقوفين في الملف، هم: مدير عام الجمارك السابق شفيق مرعي، مدير العمليات السابق في المرفأ سامي حسين، متعهّد الأشغال في المرفأ سليم شبلي، مدير المشاريع في المرفأ ميشال نحول والعامل السوري أحمد الرجب، ومنعهم من السفر، ورفض إخلاء سبيل 12 آخرين

في المقابل، أبلغ النائب العام التمييزي غسان عويدات أهالي ومحامي الموقوفين المخلى سبيلهم من قبل البيطار بأن النيابة العامة التمييزية لن تصادق على اخلاءات سبيلهم اليوم. وأكد عويدات في بيان، على أن “المحقق العدلي في قضية مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار يده مكفوفة عن الملف بحكم القانون”، مشيرًا إلى أنه “لم يصدر حتى الآن أي قرار قضائي في الدعاوى المرفوعة ضد المحقق العدلي”.

وتأخذ النيابة العامة التمييزية على البيطار أنه لم يأخذ باستشارتها أولًا، وأن قراره غير قانوني ومنعدم الوجود، ولا يحق له العودة الى الإمساك بالملف من تلقاء نفسه، بعد توقّف سنة وثلاثة أشهر كان راضخاً فيها لطلبات الردّ، كما أنه لا يحق للمحقق العدلي الحلول محل المحاكم المعروضة أمامها طلبات الرد، والبتّ بما هو مرفوع بالأساس بوجهه بل ضده.

ودخلت الولايات المتدة الأميركية مباشرة على خط دعم خطوات البيطار، إذ شدّد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، تعليقًا على “استئناف المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عمله أمس، وتوجيه اتّهامات إلى كبار المسؤولين، وبعضهم من حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، وتواجدوا فيها قبل بضعة أشهر”، على “أنّنا أوضحنا في المجتمع الدولي منذ وقوع الانفجار، أنّنا ندعم ونحثّ السّلطات اللّبنانيّة على استكمال تحقيق سريع وشفّاف في الانفجار المروّع في مرفأ بيروت”. وأكّد، خلال مؤتمر صحافي، أنّ “ضحايا هذا الانفجار في آب 2020، يستحقّون العدالة. يجب محاسبة المسؤولين”.

وبين التدخلات الأميركية والاجتهادات الفرنسية، دُفع البيطار إلى واجهة الأحداث من جديد، في مسعى يبدو أنه يبتغي إدخال البلاد في المزيد من الفوضى السياسية العارمة. إلا أن ثمة قراءة هادئة ترى في كل ما جرى ويجري فرصة لعزل البيطار بعدما بات ضرره على ملف جريمة انفجار المرفأ، يهدّد البلد بأكلمه.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد