يعتقد كثيرون أن الأطفال الموهوبين يميلون إلى العزلة ويستطيعون تعلم كل شيء بمفردهم دون مساعدة من الآخرين، لكن أغلب هذه المعتقدات عن الطفل الموهوب لا أساس لها من الصحة.
في تقرير نشرته مجلة “إيريس ماما” (eresmama) الإسبانية، تقول الكاتبة إيلينا سانز مارتن إن فهم الأطفال الموهوبين والأذكياء ضروري من أجل التعامل معهم بالشكل الأمثل، وتوفير أفضل الظروف لنموهم في أجواء صحية.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 3% من الأطفال لديهم قدرات أكاديمية عالية، لكن لا يتم التعرف إلا على نسبة ضئيلة منهم، ويقضي الغالبية حياتهم دون إدراك تلك القدرات.
وبسبب عدم معرفة الآخرين بحالة الطفل الموهوب، فإنه يواجه صعوبات في التواصل مع المحيطين به، ولا يحصل غالبًا على الرعاية اللازمة التي تلبي احتياجاته. كما يواجه هؤلاء الأطفال بعض التحيزات نتيجة الأفكار الخاطئة في أذهان الكثيرين عن الطفل الموهوب.
من هو الطفل الموهوب؟
غالبًا ما يتم قياس الذكاء البشري باستخدام الاختبارات المعيارية، مثل “مقياس شسلر” (the Wechsler scale)، الذي يقدم مقياسا لنسبة الذكاء.
يبلغ متوسط درجة الذكاء لدى الإنسان العادي حوالي مئة نقطة، ويُصنف الشخص على أنه موهوب عندما تتجاوز درجة ذكائه 130 نقطة.
بشكل عام، يتفوق الأطفال الموهوبون في مختلف المجالات الأكاديمية، مثل اللغة والتفكير المجرد والمنطق والحساب، كما يتميزون أيضًا في المهارات الحركية والقدرات الفنية.
بعض المغالطات حول الأطفال الموهوبين
من المؤكد أنك سمعت في أكثر من مناسبة بعض الآراء والأفكار الخاطئة عن الأطفال الموهوبين، وهذه أبرزها:
1- المهارات تتطور مبكرًا
هذا صحيح جزئيًا، حيث يكتسب العديد من الأطفال الموهوبين بعض المهارات في وقت مبكر مقارنة بأقرانهم، مثل الكلام أو القراءة أو استخدام الحمام. ومع ذلك، فإن البيئة المحيطة تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التعلم وتطوير المهارات، أو إبطاء النمو إذا كانت بيئة غير محفزة يسودها الإهمال.
2- أداء عالِ في المدرسة
يعتقد كثيرون أن الطفل الموهوب يستطيع التفوّق بسهولة في الدراسة وإحراز علامات أفضل من الآخرين، لكن هذه ليست القاعدة دائمًا. فالنظام التعليمي بشكله الحالي لا يحفّز الفضول لدى الأطفال الموهوبين من أجل التركيز والتعلّم، بل يجعلهم في غالب الأحيان يشعرون بالملل، ويؤدي ذلك إلى تدني الأداء الدراسي والعديد من المشاكل السلوكية.
ويتم تشخيص الكثير من الأطفال الموهوبين -بشكل خاطئ- على أنهم يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط بسبب سلوكهم في الفصل.
3- يميلون للعزلة ولديهم مشاكل في التنشئة الاجتماعية
الصورة النمطية للطفل الموهوب هو أنه صبي خجول لديه مهارات اجتماعية محدودة، ويميل إلى العزلة وغير قادر على التكيف مع الآخرين. هذا الأمر غير صحيح، لأن الطفل الموهوب يمتلك غالبًا مهارات تواصل رائعة، ويتميز بالتعاطف والرغبة في بناء العلاقات.
لكن الطفل الموهوب يميل خلال بناء علاقاته إلى البحث عن الصداقات التي تقوم على المصالح المشتركة والدعم المتبادل، لذلك تجده أكثر رغبة في التواصل مع من هم أكبر منه سنًّا.
4- غريب الأطوار
ليس صحيحًا أن الأطفال الموهوبين غريبو الأطوار وأنهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالاضطرابات العقلية. قد يكون لديهم حساسية أكبر تجاه البيئة المحيطة لأن أدمغتهم قادرة على التقاط قدر أكبر من المحفزات ومعالجتها بطريقة مختلفة.
وقد يتميز الطفل الموهوب بمشاعر أكثر حدة تجاه الأزمات والمآسي مثل الفقر أو الظلم، ويرجع ذلك إلى التطور غير المتسق بين قدراته العقلية وعاطفته الطفولية.
5- يتعلم كل شيء بنفسه
رغم أن الأطفال الموهوبين لديهم قابلية أكبر للتعلم، فإنه لا ينبغي إهمالهم وتركهم يتعلمون كل شيء بمفردهم. يحتاج الطفل الموهوب إلى التأطير والتوجيه والتحفيز والإرشاد بما يتوافق مع قدراته الخاصة.
6- شخص بالغ في شكل طفل
قد يوحي لنا تطور قدرات الطفل الموهوب أنه أصبح شخصًا بالغًا، لكن لا يجب أن ننسى أنه ما زال طفلا ويحتاج إلى اللعب والاكتشاف والتعلم. يشعر الطفل الموهوب مثل غيره بالغضب والإحباط، ويجب مساعدته على التحكم بمشاعره وسلوكه، مع عدم معاملته على أنه شخص بالغ.
الجزيرة
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.