د. أحمد الشامي – أستاذ جامعي |
وحدهم المتغافلون عن إنسانيتهم، يكبر الأمريكي في أعينهم، وتبهرهم منظومته القيمية رغم نفيها للآخر بما فيها هم، فيتصاغرون أمامه، ملتمسين منه دوام الرضا بوصفه وليّ النعمة، وحامي وجودهم وإن أحاطت بهم النقمة، ويتلوّنون في حضرته وإن ألبسهم ثوب الذّلة.
هم يتيهون في صناديق الأعذار بحثاً عمّن يضفي على خياراتهم الواهية بعضاً من جدّية، صدقيّة، رغم إدراكهم بأن مفعولها لا يسري إلاّ مع متماهٍ من سنخيّتهم، يتوسّلون في ذلك إعلاء لشأن هو متهالك وإن طال أجله، وستر لسوءة هي حتمية الافتضاح وإن تغافلت عنها حقيقة أنفسهم.
حتى سيّدهم الأمريكي لا يقيم لهم وزناً إلاّ بقدر ما يحدثه دنوهم شعوراً له برفعة، ومزيداً من دوام استغلال وهيمنة، فقد شهد العالم وسمع زعيم البيت الأبيض وهو يخاطب كبير أتباعه المخلصين: أيّها الملك عليك أن تدفع لنا المال وإلّا بقاءك حاكماً لبلادك محال!!!
مشكلة الأمريكي معنا، أنّه يراكم العجز تلو العجز، والفشل تلو الفشل في النيل من جيناتنا النظيفة، النقية، الطاهرة، ما دامت أمصال أهل بيت النبوة(ع) وثيقة الصلة بشرايين قلوبنا، والتي تمدنا بترياق يبطل مفعول سموم قيمه الجائرة، وثقافته الإلغائية.
يجهل الأمريكي الإسلام المحمدي الأصيل، ولم يقرأ جيداً علي ابن أبي طالب(ع)، ولا يفقه سرّ الدموع التي تنهال من مآقينا حباً وألماً على الحسين(ع)، ولا يصدّق بأن إمامنا المهدي(عج) يسكن بيننا، نستشعر أنفاسه من حولنا، ونرى ببصيرتنا معالم أقدامه وهي تأخذ بنا إلى الحقيقة، إلى مهوى القلوب المتطلعة إلى العدالة النافية للظلم وأدواته.
أكثر ما يصبّرنا على مواجهة التحدي، ألمه، وجعه، وقهره، أنّنا بتنا وجهاً لوجه مع الأمريكي الأعمى والحاقد، وقد يئس من أدواته، وفي مواجهة هذا الشرّ يحلو لأهل الخير النزال.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.