مرقد عنزة | حاشية على نقيق الضفادع

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

من منا لم تؤنسه أصوات نقيق الضفادع الجماعية في بركة القرية في الليل مصحوبة بصوت “زيز الليل”؟ ومن منا لم تزعجه في هذا الحشد الجميل أصوات نقيق شاذ يطلقه ضفدعان أو أكثر لتخريب السياق الجميل للسمفونية الجماعية المنبعثة في الأرجاء؟

بعض فرسان الشاشات ومنصات التواصل الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع (يد ونصف) عندنا في لبنان يمارسون منذ سنوات نفس ذلك النقيق النشاز الذي يخرب علينا السمع ويخرب المزاج.

ولتركيز الفكرة أكثر ما رأيكم بنقيق ثلاثيّ أضواء المسرح (فارس سعيد وشارل جبور ونوفل ضو)؟

هذا الثلاثي الجهبذ لا يكل ولا يمل عن النقيق على نوتة مقطوعة لا خاتمة لها كمعزوفة “البوليرو” فيعيش حياته كمن ينفخ في قربة مقطوعة وهو غافل أن النفخ أو النقيق يتلاشى في الهواء بعد أن يبعث تلوثًا قصيرًا في الفضاء الحامل للذبذبات الصوتية والمنتشر بين الناس.

أحببت أن أدرس شخصيات هؤلاء الفرسان الثلاثة ففوجئت بالتشابه العجيب الذي يكاد يبلغ حد التطابق بينهم، فثلاثتهم رشفوا ثقافتهم ومعارفهم من منهل معرفي واحد يكاد يكون هجينًا من تُرّهات ميكيافللي وغوبلز وميشيل عفلق وكارل ماركس وسلمان رشدي.

تجد محتوى الأشاوس الثلاثة شبيهاً بأكلة البيض الفاسد المخفوق بالروكفور “الجبنة المعفنة” بالحلاوة الطحينية لا لون له ولا طعم، أما رائحته فتزكم الأنوف.

يخرج فارس سعيد بنظريته الخنفشارية (المستمدة من طهوجات الدكتور نبيل خليفة كاتب مبادئ حزب معراب) والتي تنفي وجود أقليات في الشرق، ثم يستدل “الفارس المهوار” بالشيء ونقيضه فيعتبر أن الشرق الحالي مقسوم بين معسكرين أكثرية “معتدلة” (جماعة هالصيصان شو حلوين) تتزعمها السعودية والإمارات وأقلية “قاتلة مجرمة” تتزعمها إيران وتابعها حزب الله “ممثل الاحتلال الإيراني في لبنان”.

أما الفارس نوفل ضو فيكمل أرجوزة رفيقه “سعيّد” مهاجمًا الكلدان العراقيين لأنهم حاموا عن أنفسهم وأعراضهم من توحش “داعش” إلى جانب إخوتهم في الحشد الشعبي. والطريف أن “مسيو ضو” يتهم القوم بأنهم بشراكتهم مع الحشد صاروا كـ”داعش” أو أخطر منه على الوجود المسيحي في الشرق. وما بعرف كيف مضبطها لهالنظرية.

ولا تكتمل أضواء الثلاثيّ “المُلهِم والمُلهَم” إلا بغراندايزر الفهم عند جماعة القوات اللبنانية، عنيت به فلتة الزمان والعبقري الذي لا تدرك له قيمة ولا شان، جهبذ المنابر وكاتب “المساخر” شارل أفندي ابن جبور، الذي يدعي أنه يفهم ومن زمااااااااان بولاية الفقيه والتكليف الشرعي وأحكامهما وتفريعاتهما وتفاصيلهما أكثر من صاحَبي” الجواهر واللمعة الدمشقية” نفسيهما، وعليه فإنه حين يجلس في “جبله العالي” قرب “ابن الطفيل وابن رشد والماريشالين رومل وجوكوف” لا يتعرف علينا نحن البسطاء ولا يعتني بنا نحن الأرضيين بل يتجاهلنا ويبدأ بجلسته البحثية الافتراضية متكلماً بلسان “يحلف بقداسة معلمه ناسك معراب” أنه لسان “الوحي الذي أرسل النبي نشأت إلينا نحن الجاهلين المتعلقين بذيل حزب الله”.

الطريف أنه حين يبدأ بتشريح استراتيجيات وسياسات الحرس الثوري وحزب الله تراه يعرف بخفايا الحزب أكثر من سيدنا المكرم أبو هادي، ويعرف بالتفاصيل الدقيقة ما يدور في عقل فيلق القدس أكثر من معرفة قائد الفيلق العزيز الحاج اسماعيل قاآني نفسه.

هذا التعجرف الموهوم يخفي جهلًا مركبًا وهم يرجموننا “بنقيقه الشاذ والدميم” الذي يجلدوننا به كل يوم في الإذاعة والتلفزيون والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

استطرادًا وبما أن القيمين على وسائط المعرفة والميديا تلك قد نصبوا نقيق مستر شارل علينا ٢٤ ساعة على ٢٤ فقد أصابوه عن قصد أو غير قصد بداء الضفدع الذي ظن نفسه يغلظ ويتعاظم حين يفتح لحييه للنقيق فكانت النتيجة أن انغمس ذاك الضفدع المسكين في حالة نرجسية وبدأ في النفخ حتى انفجر بما احتبسه من هواء في زوره.

وأمس شاهدناك يا “جبور” تفقع كذاك الضفدع عندما جرتك نرجسيتك وما تضمره الى كشف باطنك للملأ بعد الذي ظهر على قسمات وجهك وفي فلتات لسانك.

قبل الختام، وأنت على صهوة العجز والاعتذار العجفاء، خذ مني نصيحة: لا تُظهر بعد اليوم “أمراضك النفسية” أمام أمة أشرف الناس، الأمة التي منها تلك العجوز التسعينية التي تصارع جليد الفجر في قرية نائية في هذا البلد الحبيب، وتتحدى عجزها للتوضؤ وتصلي الصبح داعيةً لحفظ حزب الله وسيده، والتي منها ذاك الطفل ابن الخمس سنوات الذي صارع رغبته بشراء لعبة ويجمع ما خزنه في “قجته” ليضعه في خدمة هيئة دعم المقاومة الإسلامية لعله يكون ثمنًا لشراء جورب صوفي يدفئ قدمي مقاوم يحفظ طهر هذه الأرض من دنس أسيادك القدماء والجدد.

وأخيرًا، إنني أشفق على ذلك الجمهور المحسوب على الفرسان الثلاثة والذي قبلَ على نفسه أن يأخذ ثقافته ويراكم وعيه من “تفاهاتهم” فأصبح ضحيتهم وضحية جهاز معراب للتنشئة الحزبية والعقائدية التي تحوّل طفلًا لا زالت في عينيه براءة الآدمية إلى آلة دمار رأيناها في زحلة وجل الديب والطيونة كما رأينا وسمعنا عن أسلافها بعد العام ١٩٧٥ في مجزرة السبت الأسود وحواجز الذبح الطائفي في الدامور والبربارة وغيرهما.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد