محمود موالدي – خاص الناشر
يمر علينا يوم القدس في عامنا هذا ونحن نعيش مخاضات فارقة على كافة الأصعدة إقليميًّا ودوليًّا وحتى على صعيد الصراع القائم مع الكيان المؤقت، ببروز ظواهر سياسية تتسم بالتفكك والانزلاق نحو انهيار الكيان وتناقضات وشروخ عميقة داخل الجسد الصهيوني متزامن مع تعاظم وتراكم لجبهة المقاومة في فلسطين كل فلسطين وخاصة الضفة وعلى امتداد جبهة المقاومة. لكن يوم القدس العالمي لم يكن يومًا تمر به مناسبة وترفع فيها شعارات وصور وأعلام فلسطين والقدس فقط، بل هو نداء لبعث روح المقاومة في ضمير جماهير الأمة بتلاصق وثيق مع مبادئ الثورة الإسلامية في إيران، فالثورة والمتمثلة بمفجرها الإمام روح الله الخميني (قدس سره) كانت عنوان أحياء للأمة بأقدس مقدساتها وبأعمق توثيق عقائدي عبر التاريخ الحديث، فالنداء كان بالتكامل مع العمل والتطوير والدعم المواكب للتخطيط لينتج عنه جبهة مقاومة واسعة الإمكانات قادرة على الردع مقتدرة على التوازن الإستراتيجي الذي كان مغيبًا على أمتنا منذ عقود بعد التفرد القطبي العالمي. لقد كان الأمام الخميني (قدس سره) بحق أمام بعث الأمة من جديد نحو توطين مقدساتها ونصرة المظلوم ومناهضة الاحتلال وسيده الغرب وعلى رأسه المنظومة الإرهابية العالمية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
لقد جمعت الثورة الإسلامية عناصر التوحد والقوة والتمكين، وضمدت جراح التفرقة والتشرذم بحزام الأمل، فمنذ عام (1979) بعثت الروح لقضية القدس وكانت بمثابة تعبئة إسلامية عامة وحدت الأمة وجعلتها على قلب رجل واحد وعلى طريق واحد وضمن مشروع تحريري واحد، لذلك تكمن خصوصية يوم القدس ومدى الاستجابة الشعبية له وامتداد زخمه العابر للسنين.
إن الدعم المتزايد للمقاومة في الداخل الفلسطيني عمومًا والضفة خصوصًا يضعف مفاصل الكيان المؤكسدة بحكم النتوآت المتغلغلة داخل خلايا هذا المجتمع الهجين والمسخ، ليكون النتاج في السنوات الأخيرة وما شهدناه مؤخرًا من مفردات جديدة في هذا الصراع، وتناقص المنسوب الردعي للكيان على الرغم من الدعم المفتوح له وما يمتلكه من تكنولوجيا عسكرية كبيرة. وهنا بعيدًا عن التهويل وبقدر دراسة متواضعة وبسيطة نلحظ ضمورًا نوعيًّا لقدرة الكيان الصهيوني وضياع بوصلته الإستراتيجية بالتزامن مع غياب قادة قادرين في داخله وغياب فكرة القدوة، بسبب التآكل العقدي واضمحلال الترقية الفكرية داخل الكيان، كل ذلك يجعل انهياره حالة طبيعية لا بد منها، ولتكتسب جبهة المقاومة بعدها وقدرتها واقتدارها بيوم عالمي لإحياء أمة كانت في عداد الأمم الغائبة عن استرداد حقها.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.